الجواب: قراءة القرآن على القبور ليست من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا هدي أصحابه رضي الله عنهم، وعلى هذا فتكون بدعة، وأفضل مكان يقرأ فيه القرآن هو بيوت الله المساجد، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
وأما القراءة على القبور فليست من السنة بل هي من البدعة.
وأما كونها تنفع الميت فإنها لا تنفع الميت؛ لأن البدعة لا تنفع صاحبها ولا غيره، ولكن العلماء اختلفوا فيما لو قرأ القارئ قرآناً على غير وجه البدعة، ونوى أن يكون ثوابه لشخص معين هل يصل إليه هذا الثواب أو لا يصل؟
فقال بعض أهل العلم: إن الأصل في العبادات التوقيف، وأنه لا يصل إلى الميت إلا ما دلت السنة على وصوله، كالصدقة مثلاً، وقضاء الصوم الواجب، وقضاء الحج الواجب، وما عدا ذلك مما لم ترد به السنة فإنه لا ينفع الميت ولا يصل إليه، واستدلوا بقول الله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39] ، قالوا: هذه الآية عامة بأن الإنسان ليس له إلا ما سعى إلا ما جاءت به السنة، فيكون ما جاءت به السنة مخصصاً لهذا العموم، ونقتصر عليه، ولا شك أن هذا القول -كما سمعت- قول قوي؛ لقوة تعليله، ووضوح دليله.
وقال بعض أهل العلم: إن الإنسان إذا عمل طاعة ونوى أن يكون ثوابها لشخص من المسلمين فإن ذلك ينفعه، سواء كانت هذه العبادة مما جاءت السنة بجواز جعل ثوابها لشخص معين أم لا، وقالوا: إن ما جاءت به السنة قضايا أعيان لا عموم لها، ولا تمنع من أن يقاس عليها مثلها، فإذا كانت السنة جاءت بجواز إهداء ثواب الأعمال لشخص معين في أشياء معينة فغيرها مثلها، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وقد ذكر فقهاء الحنابلة رحمهم الله كلمةً عامةً في هذا، فقالوا: أي قربة فعلها وجعل ثوابها لميت أو حي من المسلمين نفعه ذلك، ومع هذا فإني أقول: إن خيراً من هذا كله أن يدعو الإنسان للميت، فإن دعاءه للميت أفضل من الصدقة له، وأفضل من الصيام له، وأفضل من العمرة له، وأفضل من الطواف له، وأفضل من أي عمل صالح يجعله للميت، ودليل هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، فهنا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أو ولد صالح يدعو له )، ولم يقل: أو ولد صالح يصوم له، أو يصلي له، أو يقرأ له، أو يتصدق له، بل قال: ( ولد صالح يدعو له )، فعدل عن ذكر الأعمال إلى الدعاء مع أن السياق سياق الحديث في ذكر الأعمال، فعدوله عن ذكر الأعمال مع أنه مقتضى السياق يدل على أن الدعاء أفضل من جعل ثواب الأعمال للميت، وعلى هذا فإني أنصح إخواني أن يجعلوا الأعمال الصالحة لأنفسهم؛ لأنهم هم المحتاجون إلى هذه الأعمال، وأن يتفضلوا على إخوانهم الأموات بالدعاء، فإن هذا هو الأفضل والأجدى والأنفع.
وأما قول السائل: وهل يسمع الميت قراءة الحي أو دعاءه له أو ما أشبه ذلك، فهذه مسألة اختلف العلماء فيها، فمنهم من قال: إن الميت في قبره لا يسمع شيئاً مما يقال عنده، حتى السلام عليه لا يسمعه ولا يرده، وضعفوا الحديث الذي فيه: ( إن الرجل إذا وقف على قبر الرجل فسلم عليه وهو يعرفه في الدنيا، فإن الله يرد عليه روحه فيرد عليه السلام )، مع أن ابن عبد البر صحح هذا الحديث، وحكاه عنه ابن القيم في كتاب الروح وأقره.
ومن العلماء من قال: إن الميت لا يسمع شيئاً، إلا ما دلت السنة عليه، مثل: وقوف النبي عليه الصلاة والسلام على القتلى من المشركين الذين قتلوا في بدر وألقوا في قليب هناك، ( وقف عليهم فجعل يدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان! هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً، فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً، فقالوا: يا رسول الله! كيف تكلم قوماً قد جيفوا؟ فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم )، فأخبر أنهم يسمعون، قال: ولكنهم لا يجيبون.
وكذلك ما ورد في الحديث الصحيح: ( أن الميت إذا دفن وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان يسألانه عن ربه ونبيه ودينه )، فقال: ( حتى إنه ليسمع قرع نعالهم )، قالوا: فما جاءت به السنة فإنه يجب القول بمقتضاه، وأما ما لم تأت به السنة فالأصل أن الموتى لا يسمعون، ولكن في الاستدلال بهذه الآية نظر؛ لأن قوله: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى [النمل:80] يعني بذلك: موتى القلوب الذين قلوبهم في أكنة مما يدعوهم إليه النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام ما كان يخرج إلى المقابر يدعو أهل المقابر لدينه، وإنما كان يدعو قوماً مشركين، لكنهم -والعياذ بالله- موتى القلوب لا يسمعون، هذا هو معنى الآية.
وعلى هذا فنقول: إن ما وردت به السنة من سماع الموتى يجب علينا الإيمان به، وما لم تأت به السنة فموقفنا فيه الوقوف، ونقول: الله أعلم، ولكن الدعاء للميت هو الذي شرعه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( أو ولد صالح يدعو له )، وكذلك قول المؤمنين الذين جاءوا من بعد الصحابة يقولون: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10]، فهذا هو المشروع في حق الأموات أن ندعو الله لهم بالمغفرة والرحمة، وما ينفعهم من الدعاء.
الجواب: معنى الآية الكريمة: أن من الناس الذين أعطاهم الله العلم بآياته من يشتري ثمناً قليلاً بهذه الآيات، أي: يحابي الناس في دين الله من أجل الدنيا، أو يحافظ على البقاء، أو يحافظ على بقاء جاهه ورئاسته من أجل الدنيا، ويدع دين الله، فمثلاً يكون هناك عالم يعلم أن هذا الشيء حرام، لكن لا يقول: إنه حرام يخشى أن العامة تنصرف عنه، وتقول: إنه متشدد، أو يخشى أن السلطان ينقصه من راتبه، أو ينحيه عن منصبه، حيث قال: إن هذا حرام، فيذهب ويقول: إنه حلال ليشتري به ثمناً قليلاً وهو الجاه عند العامة، أو البقاء في المنصب عند السلطان.
المهم أن الآية معناها العام: أن من الناس من يدع دين الله لشيء من أمور الدنيا.
الجواب: مزرعة الدواجن ليس فيها زكاة إلا إذا كانت ذات ثمار تجب فيها الزكاة، فإذا قدرنا أن هذا الرجل عنده مزرعة فيها برسيم وعلف يعلف به الدواجن فلا شيء عليه فيها، أما إذا كانت المزرعة تغل حبوباً وثماراً ففيها الزكاة في حبوبها وثمارها وهي نصف العشر إن كانت تسقى بمؤونة، والعشر كاملاً إن كانت تسقى بلا مؤونة.
أما بالنسبة للدواجن فالدواجن يكون اتخاذها على وجهين:
الوجه الأول: أن يكون اتخاذها تجارة يبيع ويشتري فيها، يبيع هذا الداجن اليوم ويشتري بدله، ويبيعه ويشتري بدله كتاجر فيها، ففيها الزكاة في قيمتها، تقدر كل سنة بما تساوي حين وجوب الزكاة، ويخرج من قيمتها ربع العشر.
أما إذا كانت الدواجن للتنمية والاستيلاد وكانت تعلف من هذه المزرعة الحول أو أكثر الحول فإنه لا زكاة فيها؛ لأن الزكاة إنما تكون في السائمة وهي التي ترعى مما أنبته الله عز وجل الحول أو أكثر الحول.
الجواب: من أنفق سلعته بالحلف الكاذب أي: طلب نفاقها، ورغبة الناس فيها، أو زيادة ثمنها بالحلف الكاذب، فإنه متوعد بالوعيد الشديد: أن الله لا ينظر إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم، مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، فعليه أن يتوب إلى الله مما صنع، وألا يعود لذلك، وأن يعلم أن رزق الله لا يستجلب بالمعاصي، فإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فليتق الله، وليجمل في الطلب، وليعلم أن الوسيلة المحرمة لجلب الرزق تنزع بركة الرزق، وتوقع صاحبها في الإثم، ويكون ما يأكله من أرباحها سحتاً، وما نبت من السحت حري أن تكون النار أولى به، وليعلم أن الرزق القليل الحلال الطيب خير من الكثير الخبيث الحرام، وباب التوبة مفتوح إذا تاب الإنسان وأقلع عن هذا العمل، وتصدق بما يسر الله له من الصدقة، فلعل الله أن يتوب عليه ويهديه صراطاً مستقيماً.
الجواب: ترتيل القرآن على وجهين:
الوجه الأول: ما يكون به بيان الحروف وإظهارها، بحيث لا يسقط شيئاً من الحروف، فهذا واجب، ولا يجوز للإنسان أن يقرأ على وجه يسقط فيه الحروف، كما يفعله بعض الناس من السرعة العظيمة التي يخفى فيها الواو أحياناً، أو الفاء أحياناً، أو اللام أحياناً، أو أي حرف من الحروف؛ لأنه إذا تلاه على هذا الوجه فقد تلاه على غير ما أنزل، فيخشى أن يكون ممن يلوون ألسنتهم بالكتاب.
أما الثاني: فهو الترتيل الذي يكون أكثر من إظهار الحروف، بحيث يكون اللفظ محسناً بالتجويد، أو يقف عند كل آية، فهذا الترتيل ليس بواجب ولكنه مستحب، إن فعله الإنسان فهو أكمل وأفضل، وإن لم يفعله فلا حرج عليه.
الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أن الشيطان أحرص ما يكون على العبد في إضلاله عند فعل العبادات، ولا سيما الصلاة التي هي أعظم العبادات بعد الشهادتين، فإنه يحاول أن يصده عن الصلاة عن فعلها أولاً، ثم عن إكمالها ثانياً، فيأتي إلى الإنسان إذا دخل في صلاته يوسوس له، يفتح له من أبواب الوساوس ما لم يكن يخطر على باله من قبل، أتذكر كذا؟ أتذكر كذا؟ أذكر كذا؟ ثم يذكر له أشياء لا حاجة له بها، ولذلك إذا سلم من صلاته طارت كل هذه الوساوس وكأنها لم تكن.
وعلاج هذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بكونه: ( يتفل عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )، فإنه إذا فعل ذلك بإيمان ويقين ورجاء للنتيجة يذهب الله عنه ما يجد، كما فعل الرجل الذي شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما سمعت، قال: ففعلته فأذهب الله عني ما أجد، هذا هو دواء هذا الوسواس.
أما قوله: إنني أتكلم في نفسي بكلام، فهذا إن كان يتكلم بلسانه فإن صلاته تبطل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس أو من كلام الآدميين )، وإن كان لا يتكلم به بلسانه بل في قلبه فإن ذلك لا يبطل الصلاة لكنه ينقصها كثيراً؛ لأنه كلما غفل الإنسان في صلاته وصار يجول يميناً وشمالاً في قلبه فإن صلاته تنقص؛ ولهذا جاء في الحديث: ( إن الرجل ليصلي وما كتب له من صلاته إلا نصفها، أو ربعها، أو عشرها ) أو ما أشبه ذلك مما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: إذا اقتصر على قراءة سورة الإخلاص كفى، وإن قرأ معها أحياناً قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] فلا بأس.
الجواب: هذا السؤال يتضمن مسألةً عظيمة كبيرة من أهم المسائل وأشكل المشكلات ألا وهي ترك الصلاة، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في تارك الصلاة: هل يكون كافراً مرتداً عن الإسلام، أو يكون فاسقاً مستحقاً للقتل، أو يكون فاسقاً لا يستحق القتل ولكنه يستحق التعزير حتى يصلي؟
وهذا النزاع كغيره من النزاعات يجب الرجوع فيه إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59] .
وقال الله تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10].
وإذا رددنا هذا النزاع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأعلم الناس بحكم الله وهم الصحابة تبين لنا أن الراجح من هذه الأقوال كفر تارك الصلاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، وأن ترك الصلاة ردة عن الإسلام، يستتاب فيه الإنسان فإن تاب وإلا قتل كافراً، لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين، وإنما يحفر له حفرة في أي مكان بعيد عن العمران، ويرمس رمساً؛ لأن مآله إلى النار والعياذ بالله، ولهذا لا يجوز لأهله إذا مات على ترك الصلاة ولم يتب أن يقدموه إلى المسلمين ليصلوا عليه، ولا يجوز أن يدفنوه مع المسلمين، ولا يجوز لهم أن يدعوا له بالرحمة والمغفرة، هذا هو ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، ولعلنا نأتي إلى ذكر شيء منها في حلقة أخرى إن شاء الله؛ لأني أظن أن هذه الحلقة تضيق عن سياق الأدلة.
وأما من حمل الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة على جحودها فقد أبعد النجعة؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق الكفر على الترك، فإذا قلنا: إن الكفر معلق على الجحود فقد عدلنا عن الوصف الذي جعله الشارع مناط الحكم إلى وصف جديد لم يجعله الشارع مناط الحكم.
وأيضاً: فإن جاحد وجوب الصلاة كافر سواء صلى أم لم يصل، حتى لو صلى الصلوات الخمس خلف الإمام كل يوم وهو يعتقد أنها غير واجبة فهو كافر، ثم إن اعتقاد عدم الوجوب مكفر حتى في غير الصلاة مما أجمع عليه العلماء إجماعاً قطعياً، فمن جحد وجوب الزكاة فهو كافر، ومن جحده وجوب الحج فهو كافر، ومن جحد وجوب الصيام فهو كافر، ومن جحد وجوب بر الوالدين فهو كافر، فلا يختص هذا بالصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم خص الحكم بالكفر بتارك الصلاة، فكيف نتعدى ما حكم به النبي عليه الصلاة والسلام.
وأما ما احتج به القائلون بأنه لا يكفر من الشبه، فإن هذه الحجج التي قالوها لا تخرج عن أحد الأقسام التالية: إما أنه لا حجة فيها أصلاً، وإما أن صاحبها معذور بعدم العلم، وإما أنها وصفت بأوصاف لا يمكن معها أن تترك الصلاة، وإما أنها ضعيفة، وإما أنها عامة خصصت بأحاديث كفر تارك الصلاة، فهي لا تخلو عن هذه الأقسام الخمسة كما تتبعناها، ونحن ليس لنا أن نكفر من لم يكفره الله ورسوله، وليس لنا أن ننفي الكفر عمن كفره الله ورسوله؛ لأن الحكم بالتكفير أو عدم التكفير ليس راجعاً إلينا، بل هو راجع إلى الله ورسوله، ونحن عبيد الله يحكم فينا بما شاء قدراً وشرعاً، فإذا حكم بشرعه على واحد منا أنه كافر فلنرض بهذا الحكم ولنكفره ولا نبال، كما لو حكم على واحد منا قدراً أن يمرض أو يفقد ماله فإننا نرضى بهذا.
أما بالنسبة للولد الذي حصل من هذا النكاح الذي أشار إليه السائل فالولد ولده؛ لأن وطأه كان على أكبر تقدير وطء شبهة، والولد يلحق أباه بوطء الشبهة.
وأما توبته الآن إلى الله فهذا شيء يحمد عليه، وهو من نعمة الله عليه، والذي أرى له أن يجدد عقد النكاح حتى تطمئن نفسه، وينشرح صدره، ويبارك الله له في أهله، ولكني أنبهه على مسألة وهي أنه إذا كان حين العقد يصلي ويخلي يعني: لم يترك مطلقاً فإنه ليس بكافر، ليس بكافر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر )، وقال: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )، لم يقل: ترك صلاة، بل ( ترك الصلاة )، وفرق بين رجل كسول يصلي أحياناً ويدع أحياناً، ورجل كسول لا يصلي أبداً وقد عزم على ألا يصلي، فالثاني هو الذي نرى أنه كافر، وأما الأول فليس بكافر بل هو فاسق، وعليه أن يتق الله عز وجل، وأن يقوم بما فرض الله عليه إن كان من المؤمنين، إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103] .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر