إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [476]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: إذا أراد المسافر أن يصلي الجمعة مع المسلمين فهل يلزمه الغسل أم لا؟

    الجواب على هذا السؤال ينبني على: هل غسل الجمعة واجب أو سنة مؤكدة؟

    في هذا للعلماء ثلاثة أقوال:

    القول الأول: أنه واجب مطلقاً.

    القول الثاني: أنه سنةً مطلقاً.

    القول الثالث: التفصيل: فإن كان على الإنسان وسخ كثير يخشى منه ثوران رائحته في هذا الاجتماع الكبير فإنه يجب عليه الغسل إزالةً للأذى، وإلا فإن الغسل في حقه سنة.

    والذي يتبين من الأدلة الشرعية أنه واجب على الإطلاق؛ لما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم )، فتأمل كلمة (واجب) ممن صدرت؟ وبماذا أحيطت؟

    هذه الكلمة صدرت من أفصح الخلق، وأعلمهم بما يقول، وأنصحهم فيما يريد، وهو رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلم معنى كلمة (واجب)، فلو لم يرد بها الإلزام لكان التعبير بها فيه إيهام، ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يأتي بعبارة موهمة ويريد بها خلاف ظاهرها، بل لا يأتي بعبارة إلا وهو يريد ما يستفاد منها من ظاهر اللفظ؛ لأنه أفصح الخلق وأعلمهم بما يقول وأنصحهم لعباد الله.

    ثم إن هذه الكلمة أحيطت بما يدل على أن المراد بها الوجوب الإلزامي، وهو قوله: ( على كل محتلم ) أي: على كل بالغ، فإن البلوغ وصف يقتضي إلزام المخاطب بما يوجه إليه من خطاب، فهو وصف مناسب لعلة الإيجاب، وعلى هذا فلا مناص من القول بوجوب الغسل على من أراد الجمعة وأتى إليها، ويدل لذلك أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يخطب يوم الجمعة فدخل عثمان فسأله: لماذا تأخر؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين! ما زدت على أن توضأت، يعني: ثم جاء، فقال له عمر وهو يخطب الناس: والوضوء أيضاً؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل )، وعلى هذا فمن ترك غسل الجمعة فهو آثم؛ لتركه الواجب، لكن الصلاة صحيحة؛ لأن هذا الغسل واجب عن غير حدث، فلا يمنع صحة الصلاة، وحينئذٍ يتبين جواب سؤال السائل أنه إذا كان مسافراً وحضر الجمعة فهل عليه الغسل؟ نقول: نعم، عليه الغسل؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل )، ولكن إذا كان يشق عليه ذلك لكونه لا يجد الماء، أو لا يجد إلا ماءً بارداً في أيام الشتاء ويخاف على نفسه من البرد فإنه لا إثم عليه في هذه الحال؛ لأن الله تعالى يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ، ويقول جل ذكره: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )، ومن هذه النصوص أخذ العلماء قاعدةً مفيدةً جداً لطالب العلم وهو أنه لا واجب مع عجز، كما أنه لا محرم مع ضرورة؛ لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086787021

    عدد مرات الحفظ

    768924639