إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [484]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: إذا كانت المرأة لا يوجد لها محرم، ولم تؤد فريضة الحج، ويوجد نساء يردن الحج، فهل تحج معهن مع أنهن ملتزمات وموثوقات جداً جداً، أم يسقط عنها الحج في مثل هذه الحالة؟

    الجواب: الحج لا يجب على هذه المرأة التي لم تجد محرماً؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وهذه المرأة وإن كانت مستطيعةً استطاعة حسية، فإنها غير مستطيعة استطاعةً شرعية؛ وذلك لأنه لا يحل للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: انطلق فحج مع امرأتك )، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع الغزو وأن ينطلق فيحج مع امرأته، ولم يستفصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الحال هل المرأة معها نساء ملتزمات، وهل هي آمنة أو غير آمنة، وهل هي شابة أو عجوز، فلمّا لم يستفصل، بل أمر هذا الرجل أن يدع الغزو ويذهب ليحج مع امرأته دل ذلك على العموم، وأنه لا يحل لامرأة أن تسافر للحج ولا لغيره أيضاً إلا مع ذي محرم، حتى وإن كانت آمنةً على نفسها، وإن كانت مع نساء، وفي هذه الحال هي غير مستطيعة شرعاً، فلو توفيت ولاقت الله عز وجل فإنها لا تكون مسئولةً عن هذا الحج؛ لأنها معذورة.

    لكن من العلماء من قال: إن المحرم شرط لوجوب الحج، وعلى هذا فلا يلزمها أن تستنيب من يحج عنها إذا كانت قادرةً بمالها؛ لأن شرط الوجوب إذا انتفى يسقط بانتفاء الوجوب.

    ومن العلماء من قال: إن المحرم شرط للزوم الأداء، أي: للزوم حجها بنفسها، وبناءً على هذا يلزمها إذا كان عندها مال أن تقيم من يحج عنها، وإذا توفيت فإنه يجب إخراج الحج عنها من تركتها.

    وعلى كل حال نقول لهذه السائلة: اطمئني، فأنت الآن لست آثمةً إذا لم تحجي، بل إذا حججت فأنت آثمة، وإذا مت ليس في ذمتك شيء؛ لأنك غير مستطيعة شرعاً.

    وكثير من الناس يكون مشتاقاً للحج ومحباً للحج، فيرتكب معه بعض المحرمات من أجل تحقيق رغبته وإرادته ومحبته، وهذا غير صحيح، بل الصحيح والحق أن تتبع ما جاء به الشرع في هذه الأمور وما غيرها، فإذا كان الله تعالى لم يلزمك بالحج فلا ينبغي أن تلزمي نفسك بما لا يلزمك.

    ومثال ذلك: أن بعض الناس يكون في ذمته دين لأحد من ثمن المبيع أو قيمة متلف أو إجارة أو غير ذلك، فتجده يذهب للحج وذمته مسئولة بهذا الدين، مع أن الحج في هذه الحال لا يجب عليه، بل هو بمنزلة الفقير لا تجب عليه الزكاة، فكذلك هذا الذي عليه الدين لا يجب عليه الحج، ولا يكون آثماً بتركه، ولا مستحقاً للعقاب إذا لاقى الله عز وجل؛ لأنه معذور، فوفاء الدين واجب، والحج مع الدين ليس بواجب، والعاقل لا يقوم بما ليس بواجب ويدع ما هو واجب، لذلك نصيحتي لإخواني الذين عليهم ديون ولم يحجوا من قبل نصيحتي لهم أن يدعوا الحج حتى يغنيهم الله عز وجل ويقضوا ديونهم ثم يحجوا، نعم لو كان الدين مؤجلاً وكان عند الإنسان مال وافر بحيث يضمن لنفسه أنه كل ما حل قسط من هذا الدين فإنه يقضيه فهذا إذا كان بيده مال عند حلول وقت الحج فإنه يحج به ولا بأس بذلك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089281775

    عدد مرات الحفظ

    783347504