الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمة ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير، اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أنت رب الطيبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين ورازقهم، فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ويعلم مستقرها ومستودعها، كل في كتاب مبين، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3].
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعين عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن أصحابه الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
معشر الإخوة الكرام! وصلنا إلى بيان معنى الحروف المقطعة المذكورة في أوائل بعض سور القرآن، وقلت إن الحروف المقطعة الموجودة في أوائل بعض سور القرآن هي أربعة عشر حرفاً، يجمعها قول القائل: (نص حكيم له سر قاطع)، وهذه الحروف الأربعة عشر ذكرت في تسعٍ وعشرين سورة من سور القرآن، وبينت بعض ما يتعلق بهذه الحروف، وآخر شيء ذكرته فيها يتعلق بحكم مدها عند تلاوتها وقراءتها، فقلت: هذه الحروف الأربعة عشر تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم لا يمد منها مطلقاً وأبداً، وهو الألف: (الم)، وقسم يمد بمقدار حركتين وله خمسة أحرف، وهي: (حي طهر) كالمد الطبيعي، (يس) ياء، (الر) راء، وبقية الأحرف وهي ثمانية يجمعها قول القائل: (نقص عسلكم) تمد بمقدار ست حركات، وتنقسم إلى قسمين أيضاً: مد لا زم حرفي مثقل، وضابط هذا أن يأتي بعد أحد هذه الأحرف حرف يدغم فيه الحرف المتقدم بالحرف المتأخر، فيحصل تشديد وتثقيل كاللام من (الم)، فاللام مد لازم حرفي مثقل، والميم مد لازم حرفي مخفف، وكل واحد منهما يمد بمقدار ست حركات، لكن ذاك اكتسب التشديد من أجل الإدغام، والثاني: بقي مخففاً ليس فيه تثقيل وتشديد، وكل منهما يمد بمقدار ست حركات.
من باب البيان فقط يوجد حرف من هذه الحروف الثمانية يجوز فيه الطول والتوسط والقصر، الإشباع والتوسط والقصر، وهو حرف واحد العين حم * عسق [الشورى:1-2]، فالعين يجوز أن تمدها ست حركات أو أربع حركات أو حركتين؛ لأنه ينطبق عليها ما ينطبق على مد اللين، ومد اللين (الواو، والياء) بشرط سكونهما وانفتاح ما قبلهما، وهنا كذلك (عين)، ياء ساكنة وقبلها فتح (عين) لأن حرف (ع) مركب من (ع، ي، ن)، فانطبق عليها ما ينطبق على مد اللين، كبيت وخوف، فلك أن تمد العين حركتين أو أربع حركات أو ست حركات.
الأمر الأول: أمر الله لنا بتدبر كتابه وتفهمه دون استثناء، فدخلت الحروف المقطعة في هذا، فعندما أمرنا الله جل وعلا أن نتدبر معاني كتابه وأن نتفهم كتابه، دلّ على أنه لا يوجد في كتاب الله وكلامه شيء إلا وله معنى وذكر لحكمة، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82]، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]، كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ [المؤمنون:68]، فإذاً: أمر الله لعباده بتدبر كتابه دليل على أن هذه الأحرف المقطعة في أوائل بعض سور القرآن لها معنى قطعاً وجزماً، وذكرت لحكمة.
والأمر الثاني الذي يقرر أن هذه الحروف لها معنى وذكرت لحكمة: تحدي الله لعباده من إنسهم وجنهم على أن يأتوا بسورة من مثل هذا القرآن، وقلت سابقاً إن أقل السور ثلاث آيات، أي: لا يمكن لمخلوق من إنس أو جن أن يأتي بمثل ثلاث آيات من كتاب الله في الفصاحة والبلاغة والإعجاز والإحكام، وتقدم معنا أن الأحرف المقطعة هي آية من كتاب الله جل وعلا في مصاحف الكوفة، وحم * عسق [الشورى:1-2] تقدم معنا أن هذه الأحرف آيتان، وعليه فلا يمكن للبشر أن يأتوا بآيتين فيهما حروف مقطعة، وآية أخرى بعد ذلك فيها كلام آخر، بحيث يكون ذلك الكلام في مستوى كلام الرحمن جل وعلا لفظاً ومعنى.
فتحدي الله لعباده بأن يأتوا بسورة من مثل كتابه دليل على أن هذه الأحرف لها معنى، وذكرت لحكمة، ولو كانت بمثابة الكلام المهمل الذي لا معنى له لقال العرب لنبينا عليه الصلاة والسلام: كيف يتحدانا ربك بسورة من سور القرآن، وفي هذا الكتاب ما لا نفهمه ولا نعقله ولا نعلمه؟ فيه كلام مهمل بمثابة مخاطبة العربي باللغة الأجنبية، وهو لا يفقه ذلك، وهنا الأمر كذلك!
الأمر الثالث الذي يقرر أن هذه الأحرف المقطعة في بعض سورة القرآن لها معنى وذكرت لحكمة: أن الله جل وعلا حكيم، وهذا كلامه، فهو كلام حكيم نزل من حكيم سبحانه وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:41-42].
فإذا كان قائل هذا القرآن حكيماً حميداً، فكيف يوجد في كلامه ما لا معنى له؟ ولم يذكر لحكمة، إنما هو بمثابة العبث، هذا يتنزه عنه كلام رب العالمين سبحانه وتعالى، ولذلك قال ربنا جل وعلا في سورة هود: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1].
فهذه الأمور الثلاثة تقرر هذا الإجماع الذي قلت إن هذا هو محل الاتفاق، هذه الأحرف المقطعة في أوائل بعض سور القرآن لها معنى وذكرت لحكمة قطعاً، وليس في كلام الله جل وعلا ما لا معنى له ولم يذكر لحكمة، فالحكيم يتنزه عن هذا الوصف الذميم: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1].
القول الأول: أن هذه الأحرف لها معنى، وذكرت لحكمة، لكننا لا ندرك حقيقة المعنى ولا نقف على حقيقة الحكمة التي من أجلها ذكر الله جل وعلا هذه الأحرف المقطعة في أوائل بعض سور القرآن، إنما نقول: (الم) حروف من حروف الهجاء من لغة العرب، ذكرها الله جل وعلا في بعض سور القرآن، ما المراد منها؟ وما معناها؟ هذا مما اختص الله بعلمه فهو أعلم بمراده وهو أعلم بكلامه سبحانه وتعالى، لا ندخل عقولنا في تحديد معنى هذه الأحرف المقطعة، بل نعجز هنا؛ لأن لها معنى وذكرت لحكمة.
هذا القول مال إليه جمهور سلفنا الكرام، الخلفاء الراشدون الأربعة، والإمام الشعبي والثوري وجماعة من المحدثين، واختاره الإمام أبو حاتم ابن حبان السجستاني عليهم جميعاً رحمة الله ورضوانه، كما حكى ذلك عنهم الإمام القرطبي في أوائل تفسيره (1/154) في مطلع تفسير سورة البقرة.
وهذا القول هو الذي مال إليه الإمام السيوطي ورجحه وسار عليه في تفسير الجلالين، وقرره أيضاً في كتاب: الإتقان في علوم القرآن في (3/24) فنقل عن الإمام الشعبي عليه رحمة الله أنه قال: لكل كتاب سر، وسر القرآن الحروف المقطعة، فهي سر الله فلا تفشوه! وليس المراد أننا نعلمه ونهينا عن كتمانه؟ لا، أي: هذا سر الله واستأثر الله بعلمه فلا تتكلموا فيه، فإذا كان هذا مما استأثر الله بعلمه ولم يعلم أحد به فلا تفشوه لا تتحدثوا به، ولا تتكلموا حوله، فلن تقفوا على حقيقة المراد منه.
وعلى هذا القول نقول ما قلته آنفاً: حروف مقطعة من لغة العرب، ذكرت في أوائل بعض سور القرآن، الله أعلم بالمراد منها.
والذي ذهب إليه الإمام الطبري قبل هذين العالمين عليهم جميعاً رحمة الله أن (ما لا يعذر أحد بجهالته) هو: أمور الحلال والحرام، وقال: هذا خبرٌ من ابن عباس رضي الله عنهما على أن من تفسير القرآن ومن تأويل القرآن قسم لا ينبغي لأحد أن يجهله، وينبغي أن يتعلمه، وهو ما يتعلق بحلال القرآن وحرامه.
وحقيقة لا عذر للإنسان في دار الإسلام، فينبغي أن يتعلم ما أوجبه عليه ربنا الرحمن جل وعلا، وإذا فعل ما يخالف القرآن ثم قال: أنا جاهل ومعذور، قال: لا يعذر أحد بجهالته.
ولعل ما أراده الإمام الطبري هو أقوى وأولى من تفسير الإمام الزركشي والسيوطي لكلام ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين، لأنه ورد في بعض الروايات عن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين: لا يعذر أحد بجهالته من الحلال والحرام. هذا نوع يجب على كل أحد أن يتعلمه.
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ [النمل:20]، يقول: الطير معروف، وهو الذي يطير بجناحين في الفضاء، الهدهد: حيوان معروف، هذا يقوله العرب، ولا داعي لأن يعلمهم الإنسان تفسير هذه الآية.
هذا الأمر الواضح الظاهر البين صار ملتبساً على كثير من المتحذلقين المتفلسفين في هذه الأيام، بعض الناس ويسكن الآن في المدينة المنورة على نبينا صلوات الله وسلامه، يقال له حيدر جوادي، أصله من بلاد العراق، وغالب ظني أنه شيعي إن لم أجزم بذلك، يقول في تفسير قول الله: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ [النمل:20]، الطير يعني الجيش، والهدهد هو أمير الجيش، تفقد جيشه ثم قال: ما لي لا أرى قائد الجيش حاضراً، سبحان الله العظيم! سبحان الله العظيم!!
لو سألت نساء البادية اللاتي يعرفن لغة العرب، ما معنى الطير؟ تقول: الطير هذا مثل الحمار معروف، عندما يقول الله: كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا [الجمعة:5] معروف معناه، والهدهد معروف، فإذا جئت الآن لتقول: الطير بمعنى الجيش، والهدهد قائد الجيش، تكون قد أخرجت القرآن عن اللغة التي نزل بها، ولذلك قال أئمتنا: من ترجم القرآن للغة أخرى وقال هذا هو كلام الله فقد كفر، لأن الله يقول: بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:195]، لا مانع من أن يشرح كلام الله بأي لغة، أما أن يقال هذه الترجمة، بمعنى يجوز أن نقرأ الترجمة مكان كلام الله، وذاك يحل محله فلا ثم لا!
إذاً: تفسير يعرفه العرب من كلامهم.
والاصطلاحات الشرعية، فالصلاة مثلاً في لغة العرب الدعاء، لكن علماء الشريعة يعلمون معنى للصلاة لا يعلمه العرب الأقحاح، لأن هذا تفسير شرعي، (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ليس المراد منها الدعاء، المراد منها أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، بشرائط مخصوصة يعرفها العلماء.
إذاً: عندنا من أنواع التفسير تفسير استأثر الله بعلمه، يدخل فيه الحروف المقطعة، فهذا مما استأثر الله بعلمه، يدخل في هذا الذي استأثر الله بعلمه حقيقة صفات ربنا جل وعلا، وكيفية صفاته وكنه ذاته، هذا كله مما استأثر الله بعلمه، الاستواء معلوم والكيف مجهول، والحروف المقطعة معلومة (ا) ألف، (ل) لام، (م) ميم، فهذا تفسيرها، الألف معروف بلغة العرب، واللام معروفة، والميم معروفة.
ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1]، ما معنى (ن)؟ معناها: نون، حرف من حروف لغة العرب ذكره الله لحكمة وله معنى، ما هي الحكمة وما هي المعنى؟ الله أعلم بمراده من كلامه، كما يقول لنا: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، نقول: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فإذاً: الأحرف المقطعة على هذا القول هي مما استأثر الله جل وعلا بعلمه.
القسم الأول: ندرك وجه الحكمة من تكليفنا به، كلفنا الله به أمراً أو نهياً أو تصديقاً، ندرك وجه الحكمة من ذلك، فهذا الحكمة ظهرت لنا فيه وأمره ووضعه معلوم، نهانا الله عن الزنا، كل واحد يعلم سبب النهي إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]، نهانا الله جل وعلا عن عقوق الوالدين وأمرنا بإكرامهما، وصلة الأرحام، وهكذا أمور كثيرة، أمرنا الله بالزكاة، الحكمة هنا تدرك.
وهناك نوع آخر كلفنا الله به ولا ندرك الحكمة من تكليفنا به، لكننا نجزم ونقطع بأن هذا له حكمة، لكننا ما وقفنا عليها.
فالله جل وعلا عندما أمرنا أن نصلي الفجر ركعتين والظهر أربعاً والعصر أربعاً والمغرب ثلاث ركعات والعشاء أربع ركعات، لو قال قائل: ما الحكمة من هذا؟ كان الفجر ركعتين والظهر أربعاً؟ نقول: الله أعلم بهذه الحكمة، فرض علينا هذا الأمر، وما ظهر لنا وجه الحكمة من ذلك، نمتثل هذا، وله حكمة في ذلك قطعاً.
وهنا كذلك: هذه الأحرف المقطعة لها حكمة، وذكرت لمعنى، لكننا لا ندرك ذلك المعنى، ولا نقف على هذه الحكمة، وإذا كان الإنسان لا يدرك المعنى ولا يقف على هذه الحكمة يبقى قلبه متعلقاً بذلك الأمر، متفكراً فيه، يريد من يعلمه عنه، والله هو العليم به، فاستغراق القلب بهذا وتعلقه به مقصود للشارع، (الم) ما معناها؟ إذا ألت إلى ربك ورجعت إليه يخبرك عن هذا التفسير، وهكذا ما يشكل عليك من شرع الله الجليل له معنى وذكر لحكمة، فإذا لم نعلم هذه الحكمة يبقى القلب متعلقاً بهذا الأمر، وتعلق القلب بالأمور الشرعية وأن يستغرق الإنسان همه فيها هذا أمر مقصود للشارع، ثم بعد ذلك فإذا رجعت إلى ربك تكشف لك الحقائق.
كما أخبرنا الله جل وعلا عن ذاته بأنه يتصف بصفات عظيمة، فمنها أنه له وجه مبارك ذا الجلال والإكرام، يبقى الإنسان متعلقاً حقيقة بوجه الرحمن ويتمنى أن يراه، هذا التعلق مقصود للشارع، ثم بعد ذلك إذا رجعت إليه وأكرمك الله بمغفرته ورضوانه ترى نور وجهه سبحانه وتعالى، نسأله الشوق إلى لقائه ولذة النظر إلى وجهه الكريم، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
إذاً: ما أخبرنا الله به، وما أمرنا به، أو نهانا عنه، أو ما كلفنا به ينقسم إلى قسمين: قسم ندرك وجه الحكمة فيه، وقسم لا ندرك وجه الحكمة فيه، ما لا ندرك وجه الحكمة فيه هو أقوى في تعبدنا لربنا مما أدركنا وجه الحكمة فيه؛ لأن ذاك قد يفعله بعض الناس من أجل تلك الحكمة، أي: لمصلحة عاجلة، فإذا قيل لهم إذا اقترفتم الزنا أصبتم بالبلايا والرزايا والنكبات والمصائب والأسقام والأمراض، قد يمتنع بعض الناس عن الزنا من أجل حظ العاجل، لا من أجل طاعة الله جل وعلا، فعندما يقال له: ابتعد عن هذا، لمه؟ الحكيم أمرك أن تبتعد عنه فقط، ما ظهر لك وجه الحكمة في ذلك فتمتثل، هذا أظهر وأقوى في عبوديتك لربك مما ظهر لك فيه وجه الحكمة؛ لأن ذاك قد يفعله -كما قلت- بعض الناس من أجل حظ عاجل، وأما هنا فلا يفعله الناس إلا طاعة لله جل وعلا وتسليماً.
وواجب العقل مع النقل هو هذا، أن يسير العقل في دائرة النقل، في دائرة الوحي، وأن نفهم ما أتى به الوحي، وأما أن يخرج العقل على الوحي وأن يعترض المخلوق على الخالق فهذا هو الخذلان المبين.
ولذلك يقول الإمام ابن القيم عليه رحمة الله في بدائع الفوائد (4/180): وظيفة العقل أن يفهم النقل لا أن يعترض عليه ولا أن يخطئه، وإلا سيخطئ المخلوق خالقه، يقول: والذين عولوا على عقولهم من طوائف هذه الأمة، ثم بعد ذلك حاكموا الوحي إلى عقولهم ضلوا، فعلماء الكلام أرادوا أن يحاكموا صفات الرحمن جل وعلا إلى عقولهم وهذيانهم، فآل بهم الأمر إلى نفيها، علماء النحو أرادوا أن يحاكموا القراءات الثابتة المتواترة عن خير البريات عليه صلوات الله وسلامه عن رب الأرض والسموات، إلى ما ثبت عند بعضهم من أقيسة نحوية، إما في مدارس الكوفة أو في مدارس البصرة، فآل بهم الشطط إلى رد بعض القراءات المتواترات، أهل الآراء والأقيسة عندما أرادوا أن يحاكموا نصوص الأحكام إلى أقيستهم وعقولهم أدى بهم الأمر إلى نفي تلك الأحاديث والاعتراض عليها.
وتقدم معنا قول بعض الضالين في هذا الوقت أنه يرد حديث الذباب، أن ذلك لا يقدح في دينه ولا غضاضة عليه على الإطلاق، لأنه ما وافق عقله! وظيفة العقل مع النقل أن يسير في دائرته وأن يتبع نوره، لا أن يخرج عنه وأن يضلله، وإلا سيكون المخلوق خالقاً، وسيكون هذا البشر الذي لم يؤت من العلم إلا قليلاً، يعترض على من هو بكل شيء عليم سبحانه وتعالى.
العلم للرحمن جل جلاله وسواه في جهلانه يتغمغم
ما للتراب وللعلوم وإنما يسعى ليعلم أنه لا يعلم
أنت عندما تتعلم بعلمك تكشف جهلك، لا لتصل إلى العلم، فالعلم هذا صفة من صفات الله لا تحصل في أحد على وجه التمام والكمال على الإطلاق، ويبقى حال المخلوق: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]، والذي يحيط بكل شيء هو رب العالمين سبحانه وتعالى، هذا من خواصه ومن صفاته التي استأثر الله بها، فلم يعط هذا العلم على سبيل الإطلاق لك أحد، فما علمت وجه الحكمة فيه فبها ونعمت، وإلا فسلم لخالقك فأنت عبد، وحذار حذار أن تعترض على شرع الله جل وعلا!
والمعتمد أن المحكم وهذا هو أصح ما قيل من أقوال ثلاثة هي أقوى -أيضاً- ما قيل في تعريف المحكم والمتشابه، أن المحكم: ما علم العباد معناه، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه، لا يمكن للعباد أن يقفوا عليه.
وقيل وهو قول ثان: المحكم: ما احتمل معنى واحداً لا يحتمل غيره، والمتشابه: ما احتمل عدة معان، فلابد من مرجح ومبين لأحد هذه المعاني، فصار متشابهاً لأنه يحتمل هذا ويحتمل هذا.
وقيل وهو قول ثالث: المحكم: هو الثابت الذي لم ينسخ، والمتشابه: هو ما نسخ، فيشتبه الأمر على الناس، فهو منسوخ مع أنه موجود في الشريعة، فقد يعمل به بعض الناس ويلتبس الأمر عليه، كما هو الحال مثلاً في آيات الخمر، فأنزل الله جل وعلا: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة:93]، الآية نازلة في بيان عذر المتقدمين الذين ماتوا وفي بطونهم الخمر، ومنهم سيد شهداء هذه الأمة حمزة أسد الله وأسد رسوله صلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن حمزة وعن سائر الصحابة الكرام الطيبين.
ماتوا وفي بطونهم الخمر، فلما حرمت الخمر قال الصحابة: كيف بإخواننا ماتوا وهي في بطونهم؟ فأنزل الله هذه الآية: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة:93].
فإذاً: إذا استقاموا على ما شرعه الله في نهاية الأمر، واتقوا شربها الذي صدر منهم في أول الأمر، فليس عليهم حرج في ذلك، كانت مباحة ثم بعد ذلك نسخت الإباحة وثبت التحريم، فليس عليهم إثم فيما سبق، هذه الآية نزلت في معالجة هذا الأمر، فاستشكل بعض الناس وقال: ليس عليّ حرج في أن أشرب الخمر إذا اتقيت الله وعملت الصالحات، فقيل له: لو اتقيت الله لما شربت الخمر، لأن هذه نزلت عذراً للماضين، وحجة على الباقين لئلا يشربوها بعد ذلك إذا كانوا من المتقين.
فإذاً المحكم: هو الثابت الذي لم ينسخ، والمتشابه: هو المنسوخ، وأظهر الأقوال كما قلت أولها، وهو أن المحكم: ما علمنا المراد منه، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه فلم يطلعنا عليه، يدخل في هذا -كما قلت- الحروف المقطعة، هي حروف من لغة العرب، ما معناها؟ وما المراد منها؟ وذكرت؟ وإشارة إلى أي شيء؟ الله أعلم بمراده، هذا مثل الروح، كيف حقيقتها ماهيتها؟ هذا أيضاً مثل حقيقة صفات الله، ما كيفيتها؟ ما وضعها؟ ما واقعها؟ كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.
والعجز عن درك الإدراك إدراك والبحث في كنه ذات الإله إشراك
وهنا الأمر كذلك، ما لم نعلم وجه الحكمة فيه نقول: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7].
كان بعض الأساتذة الزنادقة يدرس في كلية التربية في أبها، وهو من بلاد العراق أيضاً، اسمه إبراهيم، وكان يدرس التربية وعلم النفس، فقيل له: يا أستاذ لم سميت بإبراهيم؟ قال: سماني أهلي باسم المجنون إبراهيم الذي أراد أن يذبح ولده من أجل أن الله أمره بذبح ولده في المنام! هذا مجنون يا سفيه! هذا خليل الرحمن الذي جعل قلبه للرحمن، وبدنه للنيران، وماله للضيفان، وولده للقربان، وشهد ربنا بطهارة قلبه: إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الصافات:84]، أهذا مجنون أم المجنون أنت؟ فوالله إن المجانين يترفعون أن تنتسب إليهم، يترفعون لأن في هذا تنقيصاً لهم عندما ننسبك إليهم، إنما أنت ممن قال الله فيه: أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ [الأعراف:179].
قيل له: لم لم تتزوج؟ قال: ما نضجت للآن حتى أتزوج، ثم قالوا له: فماذا تعمل بشهوتك؟ يقول عن نفسه هذا الخبيث الرقيع السافل أستاذ في الكلية، يقول: أستمني في الأسبوع مرتين!
يكذب! والله يستمني في الليلة عشرين مرة!
قالوا: ونحن طلاب ماذا نفعل؟ قال: الأمر سهل تستمنون تحت الشجرة أو في السيارة أو في المطعم في ساحات الكلية، يجلس الطلاب ويعبثون بأعضائهم، هذا السافل الرقيع يقول هذا الكلام.
وأخبرني بعض الإخوة عندما جرى منه هذا، أنهم تكلموا مع المسئولين من أجل إيقافه عند حده، فأرادوا أن يحتضنوا الأمر وأن لا يتطور فقالوا: نصرفه في نهاية السنة وهي على وشك الانتهاء، ولا نريد أن نعمل ضجيجاً في البلدة، وصرف إلى غير رجعة، أسأل الله أن يعجل عقوبته وعقوبة كل ظالم خبيث، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
انظر لهذا الولد الحليم مع هذا الوالد الكريم عندما قال له: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى [الصافات:102]، رؤيا الأنبياء وحي، فلا مجال لرأيي ولا لرأيك: قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ [الصافات:102]، هذا أمر من الله: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102]، فجاء الشيطان إلى خليل الرحمن إبراهيم وقال له: أنت تأخذ ولدك لتذبحه وهذا فلذة كبدك، قال: وعلامَ أذبحه؟ لم سأذبحه؟ قال: لأنك تزعم أن الله أمرك في المنام أن تذبحه، قال: يحق للعبد أن ينفذ أمر الرب، إذا كانت المسألة أمراً من الله فانطرد واخسأ يا لعين، فأيس من إبراهيم، فذهب للولد إسماعيل قال: أتدري أين يذهب بك والدك؟ قال: وإلى أين؟ قال: ليذبح، قال: وعلامَ؟ قال: يزعم أن الله أمره أن يذبحك، قال: فلينفذ أمر ربه، فذهب إلى الأم، فقال: هل تدرين أين يأخذ إبراهيم ولدك إسماعيل؟ قالت: إلى أين؟ قال: ليذبحه، قالت: ولمَ سيذبحه؟ قال: يزعم أن الله أمره بذبحه، قالت: فلينفذ أمر ربه؛ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ [النساء:66]، وهم الراسخون في العلم الصالحون المتقون، الذين يؤمنون حقيقة كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7]، وإلا ليست دين الله مصالح عاجلة، وأهواء توافق أنفسنا نفعلها عندما توافقنا ونتركها عندما تتعارض مع أهوائنا.
رضي الله عن العبد الصالح الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز عندما يقول: إياك أن تقبل الحق إذا وافق هواك، وترده إذا خالف هواك، فإنك تعاقب في الحالتين!
تعاقب في الحالتين؛ لأنك ما قبلته من أجل أنه حق، بل من أجل أنه وافق الهوى، ولذلك عندما خالف الهوى رددته، وكم من إنسان يؤله نفسه! أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الجاثية:23]، والله إن كل من يعترض على شرع ربي فقد أله عقله وجعل لله نداً، واحتكم إلى الطاغوت وهو هذا الرأي وهذا العقل، أنت حالك كما قال الله: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]، فإذا كان الأمر كذلك فعندما يأتيك توجيه من ربك، إذا أدركت المراد منه فبها ونعمت، وإلا فاحمد الله حمداً لا ينتهي وقل: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7]، لا إله إلا الله.
إذاً: على هذا المعنى (الم) حروف مقطعة من حروف اللغة العربية، ذكرت في أوائل بعض السور القرآنية، لحكمة الله أعلم بها، ومعناها من جميع الوجوه لا يعلمه إلا المتكلم بها، وأما نحن فما أطلعنا الله على ذلك سبحانه وتعالى، أطلعنا على ما نحتمله ونتحمله، وحجب عنا أشياء كثيرة لا نحتملها ولا نتحملها، وهذا الذي يناسب ضعفنا، والعلم من جميع جهاته وحيثياته يناسب كمال الله جل وعلا.
يقول علماؤنا: علم الله جل وعلا بمثابة بحر لا نهاية له، وتقدم معنا الإشارة إلى شيء من هذا عند ما استثني من الآيات في سورة لقمان ما هو مدني في هذه السورة المكية، وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [لقمان:27]، هذا البحر سال منه ماء قليل إلى وادٍ عظيم، هذا الوادي تفرعت منه أنهر بمقدار ما تتحمل، تلك الأنهر توزع منها جداول صغيرة، وتلك بعد ذلك أعطت أيضاً هذه الجداول إلى غيرها من هذا الماء القليل، فهذا العلم الكثير الذي هو في البحر كالبحر، هذا بمثابة علم الله جل وعلا، ما حصل في الوديان هذا بمثابة ما وهب الله للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الأنهر التي تفجرت من تلك الوديان وسال منها مياه إلى تلك الأنهر، هي ما حصل للعلماء ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك هذه الجداول ما أخذه الناس من هؤلاء العلماء، ثم بعد ذلك علموا به أولادهم وعلموا به أهلهم.
أما أنك تضع في هذا الجدول الذي هو ساقية صغيرة ما في ماء البحر فإنه لا يحتمل، ولذلك قال الله: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ [آل عمران:79]، والرباني: هو الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كبارهم، فلابد أن ترفق بهؤلاء الناس، أنت أخذت نهراً من ذلك الوادي، هذا النهر لا يحتمل أن تصرف ماءه بكامله إلى جدول، أو إلى ساقية صغيرة لا يمكن أن تتحمل ماء النهر فتخرب، فيخرب ذلك الجدول ويفسد ويصبح الطوفان بعد ذلك والفساد والشبه.
فإذاً: تصرف إلى الناس على قدر ما يتحملون خاطبوا الناس على حسب عقولهم، كلموهم على حسب ما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا حدثت قوماً حديثاً لا تدركه عقولهم كان عليهم فتنة، فإذاً: النهر أخذ من الوادي، الوادي من البحر، والجدول، أخذ من النهر، لا يمكن أن يوضع ماء النهر في الجدول ولا ماء الوادي في النهر، ولا ماء البحر في ذلك الوادي، وهنا الأمر كذلك: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85].
والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر