إسلام ويب

فضل قيام الليل [3]للشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كان الصحابة والتابعون رحمهم الله تعالى من أعظم الناس تقرباً إلى الله تعالى وطاعة له، ومن ذلك محافظتهم على تلك العبادة العظيمة ذات الأجور الكثيرة، وهي قيام الليل والتهجد لله تعالى فيه، فينبغي الاقتداء بهم في ذلك، وعلى المسلم أن يبذل كل الأسباب التي تعينه حتى يحوز على ذلك الأجر العظيم المترتب على هذه العبادة العظيمة.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

    الحمد لله شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير، اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين، ورازقهم، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3].

    وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن أصحابه الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. أما بعد:

    الجانب الثالث وهو عمل السلف الصالح رضي الله عنهم في قيام الليل، سأبتدئ بذكر الصحابة الكرام الذين كانوا ينفذون ما يغرس نبينا صلى الله عليه وسلم في قلوبهم من التوجيه نحو القيام، لنرى كيف كانوا، ثم آخذ نماذج أيضاً ممن جاء بعدهم، ثم ننتقل بعد ذلك إلى المبحث الرابع إن شاء الله.

    ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فإذا حبل ممدود بين ساريتين -بين عمودين من أعمدة المسجد- فقال: ما هذا؟ فقيل: هذا حبل لـزينب رضي الله عنها تصلي فإذا فترت تعلقت به ) أي: لتطرد عن نفسها النعاس، وليكون معها جد ونشاط، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد )، فإذا فتر فلينم، ليصل أحدكم نشاطه، وهذا هو المطلوب منا، فلا ينبغي أن نفعل العبادة بحالة نصل بها إلى السآمة، فإن لنفسك عليك حقاً فنم ما تيسر، إنما كان هذا شأنهم في بداية الأمر عندما وجههم نبينا صلى الله عليه وسلم للقيام، يربطون الحبل بين الساريتين ثم بعد ذلك يتأرجحون إذا اعتراهم الملل؛ ليطردوا عن أنفسهم النعاس.

    وهكذا كان السلف يوصي بعضهم بعضاً بهذا الأمر، ففي سنن أبي داود بسند صحيح عن عبد الله بن أبي قيس رضي الله عنه قال: دخلت على أمنا عائشة رضي الله عنها، وعبد الله بن أبي قيس من أئمة التابعين الكبار، فقالت له أمنا عائشة : ( يا عبد الله ! لا تدع قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى وهو قاعد )، أي: إذا اعتراه تعب أو مرض لا يترك قيام الليل عليه صلوات الله وسلامه، بل يصلي وهو قاعد، فأنت لا تدع قيام الليل يا عبد الله بن أبي قيس ! وعبد الله بن أبي قيس هو الذي سأل أمنا عائشة رضي الله عنها عن كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل: هل كان يجهر أو يسر؟ كما ثبت ذلك في المستدرك بسند صحيح، قالت: ( كل ذلك كان يفعل، فيجهر أحياناً ليوقظ من حوله، ويسر أحياناً ليكون أخشع له، فقال: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة ).

    وثبت في المستدرك بسند صحيح: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على أبي بكر رضي الله عنه وهو يتهجد ويخفض صوته بالقراءة، ومر بـعمر رضي الله عنه وهو يجهر بصوته ويرفعه بقوة، ثم سأل أبا بكر عن هذا، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! لقد أسمعت من ناجيت )، أناجي الله وهو يسمعني، وقال لـعمر : لم ترفع صوتك بقوة؟ قال: لأطرد الشيطان، وليستيقظ الوسنان -النائم- فقال لـأبي بكر : ارفع قليلاً، وقال لـعمر : اخفض قليلاً، ليكون ذلك في حد التوسط، فإذا كان الصوت خافتاً لا يسمعه المجاورون، والمقصود منهم أن يستيقظوا إذا دخلوا في الثلث الأخير، فاجهر بالقراءة ليستيقظ من حولك من زوجتك وأولادك وجيرانك، وإذا كنت قبل ذلك فأسر، كل هذا مطلوب. فلا تدع -أخي المسلم- قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى وهو قاعد عليه صلوات الله وسلامه.

    وهكذا كان الصحابة الكرام قاطبة، فهذا عمر كما في موطأ مالك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: كان عمر رضي الله عنه يصلي في الليل حتى إذا كان من آخر الليل ودخل الثلث الأخير أيقظ أهله، وتلا قول الله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132]، قال الإمام ابن كثير في كتاب البداية والنهاية في ترجمة عمر رضي الله عنه: وثبت أنه كان في خلافته إذا صلى العشاء يأتي إلى بيته فيلقي نفسه في مسجده ويتهجد حتى يطلع الفجر، وما كان ينام رضي الله عنه إلا ساعة يسيرة عند الضحى، ثم يتفرغ بعد ذلك للرعية، وكان يقول: إذا نمت في الليل ضيعت نفسي، وإذا نمت في النهار ضيعت رعيتي. رضي الله عنه وأرضاه، يقوم في الليل ويتهجد حتى إذا دخل الثلث الأخير أيقظ أهله، وتلا قول الله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132].

    هدي الصحابة في تقسيم الليل أثلاثاً

    وهكذا كل الصحابة الكرام كانوا على هذا المسلك، ففي صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد ، وكتاب الزهد للإمام أحمد عن أبي عثمان النهدي رضي الله عنه، قال: تضيفت أبا هريرة ، أي: نزلت عليه ضيفاً سبعة أيام، فكان هو وزوجته وخادمته -أي: أمته- يقتسمون الليل أثلاثاً، تصلي الزوجة ثلثاً، وتصلي الأمة ثلثاً، ويصلي أبو هريرة ثلثاً، ولا يخلو البيت من قائم لله جل وعلا، والحديث في صحيح البخاري إخوتي الكرام! وقوله: خادمه، أي: أمته، وهذا كان موجوداً في العصور الأولى عندما كانت الدولة الإسلامية قائمة، ويحكم الإسلام بين الدولة الإسلامية وبين الكافرين، فإذا أراد الإمام أن يسترق الذرية وأن يسترق أيضاً الرجال المأسورين فله ذلك، فإذا استرقهم صاروا عبيداً، والنساء تصبح إماء، وهذه الإماء يحق للمجاهد عندما تعطى له وتوزع عليه أن يعاملها معاملة زوجته، وله أن يبيعها ليشتريها إنسان كأنها زوجة له، بدون عقد وبدون شهود، هذا ملك باليمين، وهو جائز، وهو شرع الله جل وعلا.

    وقد استنكرت القوانين الشيطانية الغوية الإنسانية في هذا الوقت هذا الأمر، وقالت: إنه جريمة ما بعدها جريمة، ونقول ما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ( عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل)، كفروا بالله فأمكننا الله من رقابهم، فخير من ضرب رقابهم وتخليدهم في السجن أن نجعلهم يخدمون من يعبد الله ليوحدوا الله ويدخلوا الجنة بعد ذلك، هذا شرع الله ومن اعترض عليه فهو كافر، إنما أريد أن أقول لهؤلاء الزنادقة في هذا الوقت الذين يعترضون على حكم الله جل وعلا، ويقولون: إن هذا امتهان للإنسان، إذا قلنا لكم: عاشروا هذه المرأة على أنها أمة ولها حكم الزوجة، وإذا حملت منك فلا يصح بيعها صارت أم ولد، بمجرد موتك تصبح حرة، هذا الحكم تستنكرونه وهو في منتهى الرحمة، وبدأتم تستسيغون -يا إخوان الشياطين- الشغالات والخدامات التي ملأتم بها البيوت، عدد الشغالات الآن في هذه البلاد ثلاثمائة ألف شغالة، تستسهلون هذا الأمر وتستمرءونه، وتعاشرها بعد ذلك عشرة المحارم، أو عشرة الزوجات، وهذا عندكم لا غضاضة فيه! وإذا قلنا: هذه أمة حكمها حكم الزوجة تعاشرها فيأتيك أولاد منها عن طريق الحلال، وإذا حملت صارت أم ولد بمجرد موتك تصبح حرة لا تباع، هذا تستنكرونه وتستهلون ما يوحيه إليكم ساداتكم من الغرب! وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50].

    إذا دخلت الشغالات للبيوت، هذا رقي والناس يفتخرون، وإذا كانت أمة فهذا امتهان للإنسان! لم هذا امتهان وهذا إكرام؟! الشغالة إكرام وذاك امتهان! لم؟ تمتهنها امتهاناً إذا كانت شغالة ليس بعده امتهان، ولكن هذا عندهم هو الإكرام.

    فهنا كان أبو هريرة هو وزوجه وخادمته، أي: أمته، يقتسمون الليل أثلاثاً، هذه أمة ليست شغالة ولا خادمة، وما كانت في بيوت أحد من سلفنا شيء من ذلك.

    إخوتي الكرام! واقتسام الليل أثلاثاً كان فاشياً في زمن السلف الصالح، فليتنا نحيي هذه السنة في هذه الأيام، يقتسم الإنسان مع زوجه أو مع زوجتيه أو مع أولاده الليل، بحيث لا يخلو البيت من قائم من أول الليل إلى آخره، هذا كان فاشياً عن عدة من السلف الصالح.

    هذا سليمان التيمي المتوفى سنة 196 للهجرة، وهو من رجال الكتب الستة، وأطلق عليه الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ لقب: شيخ الإسلام، وكنت قرأت الكتاب بأجزائه الأربعة، وترجم فيه ألفاً ومائة رجل وستاً وسبعين، فما وصف أحداً بشيخ الإسلام إلا قرابة مائة فقط من الأئمة الذين هم حفاظ.

    يقول في ترجمة سليمان التيمي : إنه شيخ الإسلام، من رجال الكتب الستة، كان عنده زوجتان رضي الله عنه وعن زوجتيه، فكانوا يقتسمون الليل أثلاثاً، ولا يخلو بيتهم من قائم، ولما احتضر بدأ يبكي عليه رحمة الله، فقالوا له: ما الذي يبكيك؟ قال: مررت على مبتدع فسلمت عليه، فأخشى أن يجعلني الله معه. يخاف بسبب تسليمه على مبتدع أن يكون مثله! هذا شأنه وهذا صلاحه رضي الله عنه وأرضاه، كان يقتسم الليل مع زوجتيه أثلاثاً.

    وهكذا كان الحسن بن صالح بن حي ، وهو من رجال مسلم والسنن الأربعة، كان أيضاً يقتسم الليل هو وأخوه وأمه أثلاثاً، فماتت أمه فاقتسم الليل هو وأخوه علي بن صالح بن حي ، فمات أخوه فقام الليل كله.

    ومن طريف ما يروى: أنه كان عنده جارية (أمة) فباعها عندما احتاج لشيء من المال، فأيقظت هذه الجارية أهل البيت الذين صارت إليهم في وسط الليل لقيام الليل، فقالوا لها: أسحرنا؟ هل دخل الفجر؟ قالت: لا، قوموا لتتهجدوا ولتعبدوا الله، قالوا: لا نستيقظ إلا إذا أذن الفجر، فلما كان اليوم الثاني ذهبت إلى الحسن بن صالح بن حي ، وقالت: يا سيدي! بعتني إلى أناس لا يصلون إلا الفرائض، فاتق الله فيّ وردني إليك، فذهب إليهم وقال: ردوا عليّ الجارية، قالوا: نعم، فأعطاهم فلوسهم وأعاد الجارية إليه، سبحان الله العظيم! كان سلفنا على هذا المسلك العظيم.

    إذاً: كان أبو هريرة وأهله يقتسمون الليل أثلاثاً، سليمان التيمي ، الحسن بن صالح يقتسمون الليل أثلاثاً، ومثل هؤلاء كثير وكثير.

    سابقة الصحابة رضي الله عنهم في العبادة والطاعة ومنها قيام الليل

    إن من نظر في حال الصحابة رضي الله عنهم بعلم أن المجتهد فينا كاللاعب فيهم، وهذا قاله الإمام مجاهد رضي الله عنه بعد أن نقل عن ابن عمر كلاماً في منتهى السداد، قال: لم يزل الناس في نقص في عقولهم وفي أعمارهم وأبدانهم، كلما امتدت الحياة ينقصون، ولا يكون حال المتأخرين كحال السابقين، فكان مجاهد بعد ذلك يقول: والله ما المجتهد فيكم -يقصد التابعين- إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم، وهذا هو وصف الصحابة كما قال علي رضي الله عنه، ففي الحلية وصفة الصفوة: أن علياً رضي الله عنه صلى في آخر أيامه صلاة الفجر، ثم بعد أن انصرف الناس من الصلاة بقي في مصلاه يذكر الله حتى طلعت الشمس، وظهر نورها على الجدران، فأخذ بلحيته رضي الله عنه وبدأ يبكي، ثم قال: والله! لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأيت شيئاً يشبههم، كانوا يصبحون شعثاً صفراً غبراً بين أعينهم كأمثال ركب المعزى من البكاء، قد باتوا لله سجداً وقياماً يراوحون بين أقدامهم وجباههم، فإذا طلع الفجر ذكروا الله فمادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت أعينهم بالبكاء، والله لكأن القوم كانوا غافلين. أي: يبكون على أنفسهم، وكأنهم كانوا في ذنوب وفي عيوب، ما رأيت شيئاً يشبههم، ثم قام رضي الله عنه وهو حزين، فما دخلت عليه الجمعة إلا وطعنه ابن ملجم لعنة الله على الطاعن ورضي الله عن المطعون.

    قل لابن ملجم والأقدار غالبة هدمت ويحك للإسلام أركانا

    قتلت أفضل من يمشي على قدم وأول الناس إسلاماً وإيمانا

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088604001

    عدد مرات الحفظ

    777594773