إسلام ويب

موقف السلف والخلف نحو فهم القرآنللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كان العرب في جاهليتهم في بؤس وشقاء وضلال عظيم، فأرسل الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فهدى به من الضلالة، وأرشد به من الغواية، وأنزل عليه القرآن الكريم فيه الهدى والنور والفوز والفلاح، فآمن به أولئك الأصحاب الأخيار، وقرءوا القرآن وفهموه وتدبروه، وعملوا بما فيه، وتمثلوه في حياتهم علماً وعملاً واعتقاداً، فكانوا خير أمة أخرجت للناس، وخير جيل عرفته البشرية.
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    أخوتي الكرام! سنتدارس في هذه الموعظة المباركة إجابة على سؤال يتساءله كثير من الناس، ويحق لهم أن يتساءلوا عنه، وهذا السؤال هو: لماذا كان سلفنا الكرام أعزةً في الدنيا وسيكونون بعون الله جل وعلا سعداء في الآخرة، ونحن ليس الأمر فينا كذلك، فنحن في المؤخرة في هذه الحياة، ويعتدى علينا من جميع الجهات؟ وكيف سيكون مصيرنا عند رب الأرض والسماوات؟ نسأل الله أن لا يجمع علينا ذل الدنيا وشقاء الآخرة إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

    سؤال يتساءله الناس، وقد يجيب بعضهم على هذا السؤال بجواب عابر فيقول: أولئك كانوا مسلمين حقاً وجعلوا حياتهم للإسلام، فنصرهم الله في هذه الحياة، وسيسعدهم بعد الممات في نعيم الجنات.

    وقد يقول قائل آخر: ونحن ندين بالإسلام، وإذا كان الأمر كما قلت بهذه الحالة أخذاً ورداً ومحاورة، سلفنا أعزهم الله في الدنيا وأسعدهم في الآخرة، ونحن حالنا لا يخفى على أحد، فإن السبب في ذلك إخوتي الكرام: مما لا شك فيه أن العرب كانوا في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، فأبدلهم الله جل وعلا بجهلهم علماً، وبظلمتهم نوراً، وبفقرهم غنى، وبذلهم عزاً، فصاروا خير أمة أخرجت للناس.

    إذاً: كانوا في جاهلية فتغيرت أحوالهم، وهذا مما لا شك فيه يسلم به الكفار فضلاً عن المؤمنين الأبرار، كان العرب والناس في هذه الدركة فانتقلوا إلى أعلى وأفضل درجة، ونحن حالنا في هذه الأيام -وإن كنا نزعم أننا ندين بالإسلام- في جاهلية لعلها تزيد في الشناعة على الجاهلية الأولى، نعم، كان الظلم والضلال فوضى، فصار في هذه الحياة في هذه الأوقات ظلماً وظلالاً مقنناً مركباً مشرعاً.

    قد كان هذا الظلم فوضى فهذبت حواشيه حتى صار ظلماً منظما

    وهذا الظلم المنظم عن طريق القوانين والمراسيم التي تصدر ما بين الحين والحين، وكلها تخالف شريعة رب العالمين.

    قد أفسدوا في الأرض باسم صلاحها إذ بدلوا أحكامه بنظام

    فإذا قال قائل: ما المخرج؟ نقول: كيف خرج الصحابة من ضلالهم إلى الهدى؟ ينبغي أن نخرج أيضاً من ضلالنا إلى نور ربنا، فالهداية بين أيدينا، ولكن حالنا كما قال القائل:

    كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول

    أخوتي الكرم! إذا كانت القضية كذلك، والسؤال في منتهى الوجاهة والإحسان والرجاحة، فينبغي أن نبحث قليلاً في الداء الذي كان يعيشه الناس قبل بعثة نبينا عليه الصلاة والسلام، وكيف أزالوا ذلك الداء عندما بعث الله خاتم الأنبياء عليه صلوات الله وسلامه، وإذا كان الأمر كذلك فنحن في داء، فلا ينفعنا أن ندين بالإسلام إذا لم نزل داءنا بالكيفية التي أزال بها الصحابة الكرام داءهم في الزمن الماضي عند مبعث خير الأنام عليه الصلاة والسلام، فلذلك نحن بحاجة في هذه الموعظة إلى تقرير كون الناس كانوا في جاهلية قبل مبعث نبينا عليه الصلاة والسلام، والأمر الثاني إلى بيان موقفهم نحو هذا الإسلام الذي بعث الله به خاتم النبيين عليه وعليهم جميعاً الصلاة والسلام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088579113

    عدد مرات الحفظ

    777447742