إسلام ويب

المعاملات المالية المعاصرة [9]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خطابات الضمان: عبارة عن تعهد كتابي بناءً على طلب العميل، يلتزم فيه المصرف لصالح العميل في مواجهة طرف ثالث بدفع مبلغ معين في وقت معين، وحكمها بحسب تكييفها، فمن اعتبرها كفالة حرمها، ومن اعتبرها وكالة أجازها، وفصل مجمع الفقه الإسلامي بأن ما كان مغطى تغطية كا
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله، أحمده وأستعينه وأستغفره، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وبعد:

    سبق في الدرس السابق شيءٌ من أقسام وأنواع الودائع المصرفية، وذكرنا بأن هذه الودائع تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: الودائع المصرفية غير الاستثمارية. وذكرنا تحتها ثلاثة أنواع.

    القسم الثاني: الودائع المصرفية الاستثمارية. وذكرنا شيئاً من أنواعها. وبقي نوع واحد.

    ذكرنا من أنواع الودائع المصرفية الاستثمارية: الودائع الجارية التي تكون تحت الطلب، وذكرنا تكييفها الشرعي: هل هي قروض أو ودائع؟

    وذكرنا أن المتأخرين اختلفوا في ذلك على رأيين، وذكرنا شيئاً من أدلتهم، وأيضاً تعرضنا لمسألة وضع النقود في مثل هذه المصارف... إلى آخره.

    ثم تكلمنا أيضاً عن الودائع الائتمانية، والودائع لأجل، وأن الودائع لأجل هي المبالغ النقدية التي يودعها أصحابها في المصارف؛ لأجل معين لا يحل لهم سحبها إلا بعد انقضاء الأجل.

    وذكرنا أن المصارف تدفع لأصحاب هذه القروض فوائد ربوية، وهذه الفوائد هل هي محرمة أو ليست محرمة؟ وأن جمهور أهل العلم على تحريمها.

    وأن بعض المتأخرين ذهب إلى حلها، وذكرنا أن أبرز أدلتهم شبهتان:

    الشبهة الأولى قالوا: المحرم هو الربا في القروض الاستهلاكية دون الاستثمارية؛ أما الاستثمارية فإنه يجوز أخذ الربا فيها، وذكرنا الجواب عن هذه الشبهة.

    والشبهة الثانية قالوا: إن المحرم هو الربا أضعافاً مضاعفة؛ حملاً للمطلق على المقيد، كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً [آل عمران:130]، ومثل هذه الفوائد ليس فيها هذا النوع، فليست أضعافاً مضاعفة، وأُجيب عن هذه الشبهة بأجوبة:

    الجواب الأول: أن قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً [آل عمران:130] هذا القيد غير مراد، بل هو لبيان الغالب، كما في قول الله عز وجل: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23].

    فقول الله عز وجل: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ [النساء:23] هذا قيدٌ أغلبي، وعند الأصوليين: ما كان قيداً أغلبياً فإنه لا مفهوم له، فيحرم الربا سواءٌ كان أضعافاً مضاعفة أو لم يكن كذلك.

    والجواب الثاني: أن قوله تعالى: أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً [آل عمران:130] بعض أفراد العام في قول الله عز وجل: وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، وعند الأصوليين أنه إذا ذُكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام فإنه لا يقبل التفصيل.

    الجواب الثالث: أن المسلمين مجمعون على تحريم الربا قليله وكثيره.

    الجواب الرابع: أن قول الله عز وجل: وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا [البقرة:278] هذا يشمل قليل الربا وكثيره، وهذه الآية هي آخر ما نزل.

    فأصبح الجواب عن هذه الشبهة من أربعة أوجه، فتبين أن أخذ هذه الفوائد محرم ولا يجوز.

    وعلى هذا يجب على الإنسان أن يتوب من الربا، فإذا تاب منه فنقول: لا يخلو التائب من أمرين:

    الأمر الأول: ألا يكون قد قبض الربا، وحينئذ لا يجوز له أن يأخذه، يعني: إذا كان حتى الآن ما قبض الربا فهذه الفوائد لا يجوز له أن يأخذها؛ لقول الله عز وجل: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ [البقرة:279] فإذا تاب الإنسان يأكل رأس ماله، ولا يأكل الربا.

    الحالة الثانية: أن يكون قد قبض الربا، تجمعت عنده هذه الفوائد، وهي موجودة الآن عنده.

    هذا أيضاً ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: بالنسبة للدافع، من قام بدفع هذا الربا كالمصرف وغيره، فإنه لا يرد إليه الربا؛ لئلا يُجمع له بين العوض والمعوّض، فهذا الدافع قد أخذ عوض هذا الربا، فلا يُرد إليه لئلا يُجمع له بين العوض والمعوّض.

    ومن تجمعت عنده هذه الأموال الربوية في حساباته ونحو ذلك، فهذا لا يخلو من أمرين:

    الأمر الأول: أن يكون جاهلاً. بهذه المعاملة المحرمة من ربا أو غيره، فهذا لا شيء عليه؛ لقول الله عز وجل: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275]، فإذا كان إنسان يجهل أن هذه المعاملة محرمة، أو كان حديث عهد بإسلام، أو كان ناشئاً ببادية من بلاد المسلمين بعيدة عن أوامر الإسلام... إلى آخره، فنقول: بأن هذه الأموال التي تجمعت عنده وهو يجهل التحريم تكون له ولا شيء عليه.

    فإن كان يعلم أن هذه المعاملة محرمة، وأن أخذ هذه الفوائد لا يجوز ثم تاب، ففيه خلاف بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم : فشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إذا تاب فإنها تكون له.

    وقال: بأن الله عز وجل لم يأمر برد الربا وإنما أمر بعدم أخذه، فكون الإنسان يرد الربا ويخرجه، هذا لم يأمر به الله عز وجل، بل الله عز وجل قال: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:275]، والذي أمر الله عز وجل به هو ألا يأخذ الربا وإنما يأخذ رأس ماله؛ لقول الله عز وجل: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ [البقرة:279].

    وأيضاً: هذا مما يسهل على الإنسان، أو على الذي فعل المحرم التوبة.

    و ابن القيم رحمه الله يقول: إذا كان عالماً أن هذه محرمة فهذا مالٌ محرم، أصله خبيث، فإنه يخرجه في وجوه البر من الصدقة والإحسان وغير ذلك.

    بقينا في النوع الأخير من ودائع المصارف الاستثمارية وهي: الودائع الادخارية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088476517

    عدد مرات الحفظ

    776921084