إسلام ويب

شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي [5]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الشريعة الإسلامية مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، فكلها رحمة وهدى ونور، ولا يوجد مصلحة محضة أو مفسدة محضة، وإنما يقدم الأهم على المهم، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، وعند تزاحم المصالح تقدم الكبرى منها، وكذلك عند تزاحم المفاسد ترتكب الأقل منها لدف
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله تعالى في منظومته:

    [فإن تزاحم عدد المصالح يقدم الأعلى من المصالح

    وضده تزاحم المفاسد يرتكب الأدنى من المفاسد

    ومن قواعد الشريعة التيسير في كل أمر نابه تعسير].

    يقول المؤلف رحمه الله تعالى:

    (وإن تزاحم عدد المصالح يقدم الأعلى من المصالح).

    سبق أن ذكرنا أن المراد بالمصالح: أوامر الشارع، وذلك أن أوامر الشارع قصد منها مصلحة العباد، والتزاحم بين الأوامر: هو عدم إمكانية فعل الأمرين جميعاً، ولا بد من ترك أحدهما، وتزاحم الأوامر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: إن تزاحم واجبان قلنا: يقدم آكد الواجبين، وضربنا مثالاً لذلك.

    القسم الثاني: أن يتزاحم واجب ومستحب فنقدم الواجب، وذكرنا مثالاً لذلك.

    القسم الثالث: أن يتزاحم مستحبان، فهنا نقدم أفضل المستحبين وآكدهما، والتفضيل بين المستحبات يذكر العلماء رحمهم الله له صوراً كثيرة منها: أن يكون هذا المستحب له نفع متعد، والآخر له نفع قاصر، مثال ذلك: تعارض عنده أن يأمر بالمعروف، أو أن يصلي، فالأمر بالمعروف له نفع متعد فيقدم، وتعارض عنده أن يطلب العلم، أو أن يقرأ القرآن، فطلب العلم له نفع متعد فنقول: يقدم ما له نفع متعد، هذه هي الصورة الأولى.

    الصورة الثانية: أن يكون في هذا المستحب فعل لسائر السنة، مثلاً تعارض عنده إما أن يسبح الله ثلاثة وثلاثين، ويحمده ثلاثة وثلاثين، ويكبره ثلاثة وثلاثين، ويقول في تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أو أن يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله خمساً وعشرين، فإذا فعل ذلك يكون عمل بكل السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صيغ الذكر.

    كذلك من صور التفضيل بين المستحبات: أن يكون هذا المستحب أنفع للقلب، فمثلاً: تعارض عنده أن يصلي أو يقرأ القرآن، وكونه يصلي أنفع لقلبه، ولذلك الإمام أحمد رحمه الله لما سئل عن صلاة الليل قال: افعل ما هو أنفع لقلبك، قد يكون فعله لهذا المستحب أنفع للقلب فنقول: يقدم ما هو الأنفع للقلب، وأن يكون فعل هذا المستحب فيه تأليف لبعض الناس، فنقول: يفعل ما هو تأليف لبعض الناس، فمثلاً: لو كان لا يرى الجهر بالبسملة في الصلاة، وهناك من يرى الجهر بالبسملة فيفعل ذلك لكي يؤلفه.. إلى آخره.

    أيضاً أن تكون هذه السنة هي عبادة الزمان، أو عبادة المكان، أو عبادة الحال فإنه يقدمها، فمثلاً: تعارض عنده بعد الصلاة المفروضة أن يذكر الله أو يقرأ القرآن، لا شك أن القرآن هو أشرف الذكر، لكن نقول: كونه يذكر الله عز وجل هذا هو الأفضل؛ لأن هذه هي عبادة هذا الوقت.

    أن يترتب على فعل هذا المستحب صلة الرحم، نقول: يفعل هذا، تعارض عنده أن يطلب العلم، أو أن يخرج مع قريبه لكي يعود قريبه أو نحو ذلك، هذه بعض صور التفضيل بين المستحبات.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088542922

    عدد مرات الحفظ

    777227743