إسلام ويب

شرح منظومة القواعد الفقهية للسعدي [11]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مبنى الشريعة الإسلامية على التيسير، ولا تكلف نفس فوق طاقتها، والميسور لا يسقط بالمعسور، كما أن الشريعة الإسلامية مبنية على الحكم والمصالح والتعليل، والعلة تدور مع حكمها وجوداً وعدماً، والعلة أقسام: علة صريحة جاء بها النص، وعلة مستنبطة.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [ويفعل البعض من المأمور إن شق فعل سائر الأمور

    وكل ما نشأ عن المأذون فذاك أمر ليس بالمضمون

    وكل حكم دائر مع علته وهي التي قد أوجبت لشرعته

    وكل شرط لازم للعاقد في البيع والنكاح والمقاصد

    إلا شروطاً حللت محرماً أو عكسه فباطلات فاعلما].

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    (ويفعل البعض من المأمور إن شق فعل سائر المأمور).

    إذا لم يتمكن المكلف من أن يفعل جميع المأمور فإنه يفعل ما يقدر عليه من المأمور، ودليل هذه القاعدة قول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .

    وأيضاً ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )، في حديث عمران : ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب ).

    وفرق بين باب الأوامر وباب النواهي، فباب الأوامر إذا قدر على البعض وعجز عن البعض، فإنه يفعل ما يقدر عليه؛ لأن الأوامر يقصد منها تحصيل المصالح، فإذا لم يتمكن من تحصيل جميع المصالح، حصل ما يقدر عليه من المصالح.

    أما بالنسبة للنواهي فالمقصود منها درء المفاسد، ولهذا لا يقال بالنسبة للنواهي: إذا ما قدرت أن تتركها كلها اترك ما تستطيع منها، وافعل ما لا تقدر على تركه، لا؛ لأنه يترتب عليها مفاسد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ).

    إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه فتحت هذا أقسام:

    القسم الأول: أن يكون المقدور عليه وسيلةً محضة، فهذا لا يجب، مثال ذلك أن يقول: أنا أستطيع أن آتي من البيت لصلاة الجماعة وأصل إلى المسجد لكن ما أستطيع أن أصلي، فهنا المجيء هذا وسيلة فنقول: ما يجب عليك، ما دام أنه يقول: لا أستطيع أن أصلي، لأنه يلحقه بسبب الرائحة ضرر أو نحو ذلك.

    ومثال آخر: يستطيع أقرع ليس على رأسه شعر أن يمر الموسى على رأسه فنقول: هذا وسيلة محضة، فإذا كان وسيلةً محضة فإنه لا يجب كما هو هنا.

    القسم الثاني: أن يكون المقدور عليه ليس عبادةً في نفسه، فنقول بأنه لا يجب، كأن يقول: أنا أستطيع أن أصوم من طلوع الفجر إلى صلاة الظهر ولكن ما أستطيع أن أكمل؛ لأنه مريض، هل نقول: يجب عليه أنه يصوم أو نقول: لا يجب عليه أن يصوم؟ نقول: لا يجب عليه أن يصوم؛ لأن هذا الصيام ليس عبادةً في نفسه فلا يجب عليه.

    القسم الثالث: أن يكون عبادةً في نفسه فهذا يجب عليه، ومثل ذلك كما سلف في حديث عمران رضي الله تعالى عنه: ( صل قائماً ) ما استطاع أن يصلي قائماً فإنه يصلي قاعداً، وإلا فإنه يصلي على جنب.. إلى آخره.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088544386

    عدد مرات الحفظ

    777233792