إسلام ويب

شرح القواعد النورانية الفقهية [2]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اختلفت المذاهب في باب الأطعمة والأشربة سعة وضيقاً: فالحنفية اتسعوا في باب الأشربة وضيقوا في باب الأطعمة، والمالكية على عكسهم، وتوسط أهل الحديث فقالوا: الأصل الإباحة في ذلك إلا ما دل الدليل على تحريمه.

    أصل مذهب أهل الحديث في حكم الأطعمة والأشربة

    قال المؤلف رحمه الله: [ومذهب أهل الحديث في هذا الأصل العظيم الجامع وسط بين مذهب العراقيين والحجازيين].

    قول المؤلف رحمه الله: العراقيين, مراده بذلك الفقهاء المنسوبون إلى العراق, ويدخل في ذلك: أبو حنيفة وأصحابه ومشايخه وتلامذته, مثل: حماد بن أبي سليمان ، وعطية العوفي , وكذلك زياد بن أبي علاقة , هؤلاء كلهم من فقهاء العراق, وقوله: الحجازيين، يعني المنسوبين إلى الحجاز: فقهاء الحجاز, ويدخل في ذلك: الإمام مالك رحمه الله تعالى وتلامذته ومشايخه.

    ومذهب أهل الحديث وسط بين مذهب العراقيين ومذهب الحجازيين, كما سيبينه الشيخ رحمه الله تعالى فيما يتعلق بالأطعمة والأشربة.

    أصل مذهب أهل المدينة وأهل الكوفة في الأطعمة والأشربة

    قال المؤلف رحمه الله: [فإن أهل المدينة -مالكاً وغيره- يحرمون من الأشربة كل مسكر، كما صحت بذلك النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوهٍ متعددة، وليسوا في الأطعمة كذلك، بل الغالب عليهم فيها عدم التحريم.. إلخ].

    هذا أصل المالكية, والشيخ رحمه الله تعالى بين الآن ما هو أصل المالكية في الأطعمة والأشربة, المالكية في الأشربة يقابلون الحنفية, فالحنفية يتوسعون في باب الأشربة ويضيقون في باب الأطعمة, والمالكية يتوسعون في باب الأطعمة, وأما الأشربة فكما ذكر الشيخ رحمه الله أنهم يحرمون كل مسكر.

    فالإمام مالك رحمه الله تعالى هو أوسع الناس في باب الأطعمة, لا يكاد يحرم شيئاً مع أن النصوص صريحة, مثل حديث أبي ثعلبة الخشني : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير) ومثله أيضاً حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما, ومع ذلك تجد أن مذهب المالكية إباحة سائر السباع، ويبيحون سائر الطير، وكذلك أيضاً يبيحون الحشرات، ويبيحون البغال والحمير.. إلخ, فالمالكية رحمهم الله تعالى يتوسعون في جانب الأطعمة.

    وأما الحنفية فيضيقون في جانب الأطعمة حتى أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله يقول: إن حيوانات البحر كلها محرمة إلا السمك إلا ما طفا منه, فالسمك عنده حلال إلا ما طفا منه فإنه حرام, فهذان طرفان. ومذهب أهل السنة والجماعة, ومذهب أهل الحديث كالإمام أحمد وغيره وسط بين المالكية الذين يتوسعون في باب الأطعمة, فيبيحون حتى ما نص النبي صلى الله عليه وسلم على تحريمه: كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، وبين الحنفية الذين يحرمون كل ما في البحر إلا السمك, إلا ما طفا منه, يقول أهل الحديث: الأصل في ذلك الحل إلا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم, والنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير.

    وفيما يتعلق بالأشربة فالمالكية يحرمون كل مسكر , وهكذا جاء في السنة, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام), لكن الإمام أبا حنيفة رضي الله تعالى يتوسع في الأشربة ويضيق في تعريف الخمر, بمعنى أنه يحصر الخمر في النيئ من عصير العنب إذا غلى وقذف بالزبد, وصاحباه يقولان: إن الخمر هو النيئ من عصير العنب إذا غلى وإن لم يقذف بالزبد, وأهل الحديث يقولون: إن الخمر هو ما فسرهُ به النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ).

    وكما أنهما يتقابلان في باب الأشربة فإنهما يتقابلان في باب الأطعمة, والصواب في ذلك: ما ذهب إليه أهل الحديث, وأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم كل مسكر؛ وكل مسكر خمر، كما أنه أباح الأطعمة, فسائر الأطعمة مباحة إلا ما حرمه الشارع, وسائر الأشربة مباحة إلا ما حرمه الشارع وهو الخمر وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كل مسكر.

    الحنفية يقولون: إذا شرب شيئاً لا يسكره فإن كان من عصير العنب, حرم؛ لأن الخمر عندهم هو: عصير العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد, أما إذا لم يكن من عصير العنب وإن كان يسكر فليس خمراً، لكنه إذا شرب ما يسكر فإن ذلك يحرم عليه.

    قال المؤلف رحمه الله: [فأخذ أهل الحديث في الأشربة بقول أهل المدينة وسائر أهل الأمصار، موافقة للسنة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في التحريم، وزادوا عليهم في متابعة السنة.. إلخ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088533277

    عدد مرات الحفظ

    777174440