بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
[ وإن روى عمن دونه فالأكابر عن الأصاغر، ومنه الآباء عن الأبناء، وفي عكسه كثرة، ومنه من روى عن أبيه عن جده، وإن اشتركا اثنان عن شيخ وتقدم موت أحدهما فهو السابق واللاحق، وإن روى عن اثنين متفقي الاسم ولم يتميزا فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل، وإن جحد مرويه جزماً رد، أو احتمالاً قبل في الأصح، وفيه من حدث ونسي ].
تقدم لنا ما يتعلق في الأقران والمدبج، وكذلك ما يتعلق بالعلو، وأن العلو ينقسم إلى قسمين: علو مطلق، وعلو نسبي، وذكرنا ما يتعلق بهذه المسائل.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وإن روى عمن دونه فالأكابر عن الأصاغر). رواية الأكابر عن الأصاغر: هي رواية الشخص ممن هو دونه في السن والطبقة، أو في العلم والحفظ، كأن يروي الشيخ عن تلميذه، والصحابي عن التابعي.
و ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه تهذيب التهذيب عني بهذه المسألة لمعرفة أن الشيخ روى عن تلميذه، أو روى عمن هو دونه، والفائدة من ذلك: لكي لا يظن أن في السند انقلاباً؛ لأن الأصل أن يروي التلميذ عن شيخه، فإذا روى الشيخ عن تلميذه ربما يظن أن فيه انقلاباً، فإذا عرفنا أن الشيخ أيضاً روى عن تلميذه فهمنا أن السند ليس فيه انقلاب، وليس فيه أيضاً خطأ.
قال: (وإن روى عن اثنين متفقي الاسم ولم يتميزا فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل).
هذا يسمى بالمهمل.
الإهمال في اللغة: الترك.
وأما في الاصطلاح: أن يروي الراوي عن شخصين متفقي الاسم فقط، أو متفقي الاسم مع اسم الأب، أو مع اسم الجد، أو يتفقان في الكنية، يعني: أن يروي شخص عن شخصين يتفقان في الاسم فقط أو في الاسم مع اسم الأب، أو في الاسم مع اسم الجد، أو يتفقان في الكنية، وهذا يسمى بالمهمل.
الفرق بين المهمل والمبهم
قال رحمه الله: (وإن جحد مرويه جزماً رد، أو احتمالاً قبل في الأصح، وفيه من حدث ونسي).
يعني: إذا روى راوٍ عن شيخ له ثم جحد الشيخ تحديثه لتلميذه، فهذا قسمه الحافظ رحمه الله تعالى إلى قسمين:
القسم الأول: أن يجحد جزماً، قال: (وإن جحد مرويه جزماً)، كأن يقول: كذب عليّ فيقول: يرد، إذا كان جازماً قال: كذب، لم أحدثه إلى آخره، فيقول: يرد.
القسم الثاني: أن يجحد لكنه لا يجزم بالجحد، كأن يقول: لا أذكر أو لا أعرف، ونحو ذلك من العبارات، فيقول: يقبل بالأصح.
فتلخص أنه إذا جحد مرويه أنه ينقسم إلى هذين القسمين:
القسم الأول: أن يجحد جازماً كأن يقول: كذب عليّ أو ما حدثته إلى آخره، فهذا حكمه أنه يرد كما ذكر الحافظ، وقال بعض العلماء: يتوقف فيه.
والقسم الثاني: أن يجحده دون أن يجزم، كأن يقول: لا أذكر، أو لا أعرف ونحو ذلك فهذا قال: يقبل بالأصح؛ لأن كل منهما ثقة، وربما أن الشيخ نسي.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.