قال رحمه الله: (باب من الشرك النذر لغير الله، وقول الله تعالى:
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ 
[الإنسان:7]، وقوله:
وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ 
[البقرة:270]).
النذر عبادة من أجل العبادات، وأفضل القربات، وصرفها لغير الله عز وجل شرك، فهي تنافي التوحيد من أصله، وتقدم لنا تعريف النذر.
وقوله: (من الشرك) من: هذه بيانية، يعني: أنها مبينة أن النذر لغير الله عز وجل من الشرك، فلو نذر لقبر أو ضريح أو صنم أو جن أو إنس ونحو ذلك... إلى آخره فقد صرف عبادة لغير الله عز وجل، فلو قال: للقبر الفلاني أن أذبح كذا وكذا، أو للضريح الفلاني أن أذبح كذا وكذا، أو للملك الفلاني أن أذبح، أو للجني... أو نحو ذلك؛ فهذا شرك أكبر مخرج من الملة، وعلى هذا قوله: (من الشرك) هذه بيانية، والشرك هنا المراد به: الشرك الأكبر، والنذر... إلى آخره تقدم.
قال: وقول الله تعالى
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
[الإنسان:7]. يعني: يتممون ما أوجبوا على أنفسهم من الطاعات. هنا أثنى الله عز وجل بكونهم يوفون بالنذر من ما يدل على أنه عبادة؛ لأن الله عز وجل أثنى عليهم، فكون الله عز وجل أثنى عليهم هذا يدل على أنه عبادة، وإذا كان عبادة فإنه لا يجوز أن يصرف إلا لله عز وجل.
تفسير قوله تعالى: (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر ...)
نذر المعصية
قال رحمه الله: (وفي الصحيح عن
عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال). في الصحيح: أي: صحيح
البخاري . و
عائشة أم المؤمنين بنت
أبي بكر الصديق ، توفيت رضي الله تعالى عنها سنة سبع وخمسين للهجرة.
( من نذر ). من: هذه شرطية، ونذر: فعل الشرط.
( أن يطيع الله فليطعه ). الفاء واقعة في جواب الشرط. ( ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ). يعني: من نذر فعل طاعة فإنه يجب عليه أن يوفي بهذه الطاعة، ومن نذر فعل معصية فإنه لا يجوز له أن يوفي بهذه المعصية.
ويفيد هذا الحديث أن من النذر ما يكون طاعة وما يكون معصية، فكونه يكون طاعة هذا يدل على أنه عبادة، وإذا كان عبادة فإن صرفه لغير الله عز وجل شرك مخرج من الملة.
والله أعلم.