إسلام ويب

شرح كتاب التوحيد [20]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الملائكة خلق من خلق الله جل جلاله، وهم خلق عظيم يمتلكون من القوة ما لا يمتلكه غيرهم من سائر المخلوقات، ومع ذلك فهم مربوبون مقهورون خاضعون ذليلون لله عز وجل، حتى إنه إذا أراد الله أن يوحي بالأمر، وتكلم ضربت الملائكة بأجنحتها خضوعاً لقوله وخروا له سجداً، فإ
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب قول الله تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ:23].

    في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق، وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض -وصفه سفيان بكفه، فحرفها وبدد بين أصابعه- فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء ).

    وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة أو قال: رعدة شديدة خوفاً من الله عز وجل، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا أو خروا سجداً، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير، فيقولون كلهم مثلما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل ) ].

    قال رحمه الله تعالى: (باب قول الله تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ:23]).

    مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن فيه بيان حال الملائكة عليهم السلام الذين هم من أقوى من عبد من دون الله عز وجل، فإذا كان هذا حالهم خوفاً من الله وخشية ورهبة فكيف يدعون مع الله عز وجل؟ ففي هذا رد على جميع المشركين الذين يدعون مع الله عز وجل من هو أقل من الملائكة، كالذين يدعون الأضرحة والأولياء والغائبين... إلى آخره وهم أقل من الملائكة، إذا كان هذا هو حال الملائكة في خوفهم وخشيتهم ورهبتهم لله سبحانه وتعالى، وهم أقوى من عبد من دون الله عز وجل فكيف يدعون مع الله وهم يخافون الله ويخشونه ويرهبونه؟ ففي هذا رد على من عبد دون الله عز وجل ممن هو أقل من الملائكة.

    قال رحمه الله: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ [سبأ:23]. يعني: أزيل الفزع عن قلوب الملائكة عليهم السلام من الغشية التي تصيبهم عند سماعهم كلام الله عز وجل بالوحي المنزل على جبريل أو بالوحي إلى جبريل.

    قَالُوا [سبأ:23]. أي: قال بعضهم لبعض.

    مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ [سبأ:23]. أي: قالوا: قال الله القول الحق.

    وَهُوَ الْعَلِيُّ [سبأ:23]. الله عز وجل له علو الذات وعلو القدر وعلو القهر، وعلو الله عز وجل قسمان: علو الصفات، بمعنى: أن الله سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال التي لا تسبق بعدم ولا يلحقها نقص بأي وجه من الوجوه، وكذلك موصوف بعلو الذات.

    وهو الْكَبِيرُ [سبأ:23]، أي: الذي لا أكبر ولا أعظم منه سبحانه وتعالى.

    الشاهد من هذه الآية على ما أراده المؤلف رحمه الله من هذا الباب: أن فيه الرد على جميع المشركين الذين يعبدون مع الله عز وجل غيره، فإذا كان هذا هو حال الملائكة عليهم السلام وكيف يحصل لهم عند سماعهم الوحي، لما يصيبهم من الغشية عند سماعهم كلام الله بالوحي إلى جبريل عليه السلام ما أصابهم من الخوف والفزع والخشية، فغيرهم من باب أولى ممن لا يدانيهم في القوة ولا يساويهم في الصفات.

    وفي هذا الرد على من يعبد من دون الله عز وجل من لا يساوي الملائكة في الصفات ولا في القوة، فهذا من باب أولى بطلان عبادته من دون الله عز وجل، إذا بطلت عبادة الملائكة لما يلحقهم من الخوف والفزع والغشية فغيرهم من باب أولى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088558924

    عدد مرات الحفظ

    777322854