إسلام ويب

شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [7]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من ملك منفعة عين ثم تملكها بعقد معاوضة مؤبد فإن العقد الأول يفسخ. وإذا استبدل الوكيل المؤجر أو انتهت ولايته لليتيم فإن ذلك لا يؤثر في العقود التي أبرمها من عقود الإيجار. وإذا ورد عقد على عقد فإن الحكم ينتقل إلى العقد الثاني، وأما العقود فالعبرة بمعانيها ل
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الخامسة والثلاثون: من ملك منفعة عين بعقد ثم ملك العين بسبب آخر هل ينفسخ العقد الأول؟].

    تقدم في الدروس السابقة جملة من قواعد هذا الكتاب، فمن تلكم القواعد التي طرقنا الحديث حولها ما يتعلق بتداخل العبادات، وذكرنا ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى من ضابط، وذكرنا أن الأقرب أن يقال: إذا كانت العبادة ليست مقصودة لغيرها دخلت مع غيرها من العبادات، أما إذا كانت كل من العبادتين مقصودة بذاتها فإنه لا تداخل.

    كذلك أيضاً سلف لنا ما يتعلق بتزاحم العبادات ذات الشرف أو الكثرة, يعني: إذا تزاحم عند الإنسان إما أن يفعل عبادة ذات شرف، أو أن يعدد هذه العبادة أيهما أفضل، وقسمنا ذلك إلى قسمين، وتكلمنا أيضاً عن إمكان الأداء هل هو شرط أو ليس شرطاً.

    وكذلك أيضاً ما يتعلق بالعين المنغمرة في غيرها هل تأخذ حكم العدم أو لا.. إلى آخر ما تكلمنا عليه من القواعد.

    ثم قال المؤلف رحمه الله: (القاعدة الخامسة والثلاثون: من ملك منفعة عين بعقد ثم ملك العين بسبب آخر فهل ينفسخ العقد الأول؟).

    صورة هذه القاعدة: أنه ملك المنفعة أولاً ثم ملك الرقبة، يعني: ملك منفعة هذه العين ثم بعد ذلك ملك الرقبة، فهل ينفسخ العقد الأول وهو ما يتعلق بالمنفعة أو لا؟

    فمثلاً: رجل استأجر دكاناً لمدة شهر، أو شهرين، أو سنة أو سنتين، هنا الآن ملك منفعة هذا الدكان لفترة من الزمن، ثم بعد ذلك اشترى هذا الدكان، فهل ينفسخ العقد الأول وهو عقد الإجارة لما اشترى الرقبة أو نقول: عقد الإجارة لا ينفسخ؟

    هذه القاعدة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    ملك المنفعة بعقد معاوضة مؤبد

    القسم الأول: أن يملك المنفعة بعقد معاوضة مؤبد، فنقول: بأنه ينفسخ العقد الأول.

    مثال ذلك: رجل يباح له أن يتزوج الإماء وتوافر فيه شرطا تزوج الأمة: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25]، فهو لا يستطيع طول الحرة يعني مهر الحرة: ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُم [النساء:25]، ويخشى مشقة العزوبة، فتوافر فيه الشرطان، فتزوج هذه الأمة، ولما تزوجها أيسر الله عز وجل عليه، فاشترى هذه الزوجة، فهو الآن تزوج هذه الأمة، هذه الأمة كانت مملوكة، فذهب واشتراها، فما حكم العقد الأول؟

    يعني: اجتمع الآن عندنا عقدان: عقد النكاح، وعقد الشراء، فما حكم عقد النكاح؟

    يقول المؤلف رحمه الله تعالى: بأن عقد النكاح ينفسخ؛ لأنه ملك المنفعة بعقد معاوضة مؤبد، وعقد النكاح يدخله العلماء رحمهم الله -وإن كان هذا فيه شيء من النظر- في عقود المعاوضات.

    لكن الصحيح أن عقد النكاح ليس عقد معاوضة، هم يقولون: النكاح عقد معاوضة، فالزوج يبذل العوض وهو المهر، والزوجة تبذل المعوض وهو الاستمتاع، فهو عقد معاوضة، ويرتبون عليه أحكاماً كثيرة، مثل النفقات وغير ذلك من الأحكام، لكن ابن القيم رحمه الله لم يرتض ذلك، وكذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ذكرا أن عقد النكاح ليس عقد معاوضة.

    على كل حال، على كلام المؤلف رحمه الله نقول من باب التقسيم: إنه إذا ملك المنفعة بعقد معاوضة مؤبد، ثم ملك العين، فما حكم العقد الأول؟ نقول: بأنه ينفسخ.

    ملك المنفعة بقصد معاوضة غير مؤبد

    القسم الثاني: أن يملك المنفعة بعقد معاوضة غير مؤبد، ثم بعد ذلك يملك الرقبة، فهنا لا ينفسخ العقد الأول.

    مثال ذلك: رجل استأجر دكاناً أو بيتاً ثم بعد ذلك اشترى هذا البيت، أو الدكان، أي أنه بعد أن استأجر اشترى، فهو الآن ملك المنفعة بعقد معاوضة، والإجارة من عقود المعاوضات، وهذا العقد ليس مؤبداً لأنه لفترة، يعني هو اشترى الآن المنافع لفترة مؤقتة فهو ليس عقداً مؤبداً، ثم بعد ذلك اشترى الرقبة.

    مادام أنه عقد معاوضة غير مؤبد فنقول: بأن العقد الأول لا ينفسخ، فكونه طرأ عليه العقد الثاني وهو ملك الرقبة لا ينفسخ بسببه، إذاً: ما ثمرة قوله: لا ينفسخ؟

    نقول: ما دام أنه عقد إجارة فإنه يأخذ أحكام الإجارة في هذه الفترة، فلو تبين أن في المنافع عيباً رجع بأرش الإجارة، وكذلك أيضاً لو حصل تلف لهذه العين في مدة الإجارة فهل الضمان يكون على المستأجر أو على المؤجر؟ يكون على المؤجر، مادام أن المستأجر لم يتعد ولم يفرط، لكن لو قلنا بأنه انفسخ عقد الإجارة وأصبح كل عقد بيعاً، ثم حصل تلف في هذه العين فإنه يكون من ضمان المشتري؛ لأنها دخلت في ملكه وأصبحت الآن من ضمان المشتري.

    خلاصة القسم الثاني: إذا ملك المنفعة بعقد معاوضة غير مؤبد ثم ملك الرقبة بعد ذلك، فنقول: بأن العقد الأول لا ينفسخ، وفي مدة الإجارة يأخذ أحكام الإجارة، وما بعد ذلك يأخذ أحكام البيع.

    ملك المنفعة بغير عقد معاوضة

    القسم الثالث: أن يملك المنفعة بغير عقد معاوضة، ثم بعد ذلك يملك الرقبة.

    مثال ذلك: رجل وصي له بمنافع رقيق، زيد أوصى لعمرو وقال: هذا الرقيق يخدم عمراً لمدة شهر أو شهرين، الآن عمرو يملك هذه المنافع بالإيصاء، أي: بعقد غير معاوضة.. عقد تبرع، ثم بعد ذلك ذهب الموصى له واشترى هذا الرقيق، اشترى هذه العين، فهل ينفسخ عقد الوصية؟

    عقد الوصية لا ينفسخ ما دام أنه ملك المنافع بالعقد الأول بغير عقد معاوضة عقد تبرع، ثم ملك الرقبة، لما ملك الموصى له الرقبة بالشراء، وفي وقت الوصية تثبت أحكام الوصية ثم بعد ذلك تثبت أحكام الشراء.

    ومثل ذلك أيضاً: لو وهبت له منافع هذا البيت، لك أن تسكن في هذا البيت لمدة سنة، ثم ذهب واشتراه، الآن ملك المنافع بعقد معاوضة أم عقد تبرع؟

    ملك المنافع بعقد تبرع، الآن لما اشترى هذا البيت هل ينفسخ العقد الأول أو لا ينفسخ؟ نقول: بأن العقد الأول لا ينفسخ، وعلى هذا تثبت للعقد الأول أحكام الهبات، والتبرعات، وتثبت للعقد الثاني أحكام البيع.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088551138

    عدد مرات الحفظ

    777281319