إسلام ويب

شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [14]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الأصل في الأوامر والنواهي المتعلقة بالغير أنها تدل على العموم إلا ما دل الدليل على إخراجه. ويجوز الأكل من أموال الناس بغير إذن في ثمان صور ذكرها العلماء. واشتراط النفقة والكسوة والعقود يصح سواء كانت عقود معاوضة أو غير معاوضة، وأما اشتراط نفع أحد المتعاقدي
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة السبعون: الفعل المتعدي إلى مفعول أو المتعلق بظرفٍ أو مجرورٍ إذا كان مفعوله أو متعلقه عاماً، فهل يدخل الفاعل الخاص في عمومه].

    معنى هذه القاعدة: أنه إذا أمر الشارع بأمر عام، أو نهى نهياً عاماً، فهل يدخل الفاعل الخاص في ذلك الأمر أو النهي أو لا؟

    قال: فيه خلاف، (فهل يدخل الخاص في عمومه، أو يكون ذكر الفاعل قرينةً مخرجة له من العموم، أو يختلف ذلك بحسب اختلاف القرائن؟).

    يعني: الأوامر المتعدية للغير, والنواهي المتعلقة بالغير، الفاعل الخاص هل يكون داخلاً أو نقول بأن ذكره مخرجٌ له من هذا العموم من هذه الناحية؟ هذا معنى هذه القاعدة.

    وذكر المؤلف رحمه الله قولين، وقال: إن الأقرب في ذلك من هذه المسائل -التي سردها المؤلف رحمه الله- أن هذه تختلف باختلاف الأدلة والقرائن.

    وذكر المؤلف رحمه الله أمثلة على ذلك، من ذلك: نهي الشارع عن الكلام أثناء الخطبة، فالخطيب هو الفاعل الخاص, هل يكون داخلاً في النهي، أو نقول بأنه ليس داخلاً في النهي؟

    ومثل أيضاً: إجابة المؤذن؛ لما أمر الشارع بإجابة المؤذن، هل يدخل في ذلك المؤذن ونقول بأن المؤذن يجيب نفسه، أو نقول بأن المؤذن لا يجيب نفسه؟

    ومثل ذلك أيضاً: قال: [وهل يكون الرجل مصرفاً لكفارة نفسه أو زكاته إذا أخذها الساعي؟]، قد يكون فقيراً ويدفع الزكاة، لكن عنده نصاب، عنده مائة درهم وأخرج زكاة هذه الدراهم، فهل يجوز أن يدفعها الساعي إليه، أو نقول بأنه لا يجوز؟ هل يكون داخلاً في العموم أو نقول بأنه خارج منه؟

    ومثل ذلك أيضاً: لو حنث في يمين من الأيمان فإنه يطعم عشرة مساكين, فهل يجوز للجمعية إذا أخذت منه الكفارة أن تدفعها للفقير، أو نقول بأنه خارج من العموم؟

    ومثله أيضاً: [وهل يكون الواقف مصرفاً لوقفه؟] لو قال: هذا وقف على طلبة العلم, وهو من طلبة العلم، هل يأخذ منه أو لا يأخذ؟ أو قال: هذا وقف على الفقراء وهو فقير أو افتقر, هل يأخذ, أو نقول بأنه لا يأخذ؟

    ومثله أيضاً: [الوكيل في البيع والشراء، هل له البيع والشراء من نفسه؟] إذا وكل أن يبيع هذه السيارة هل له أن يشتريها لنفسه، أو أن يبيع هذه السيارة، أو نقول بأنه خارج من الأمر والنهي؟

    هذا هو مراد المؤلف رحمه الله الذي أراد أن يبينه، وإذا نظرت إلى أصول الشريعة تجد أن الأصل العموم -وأن القول الفصل في ذلك: العموم- وأن دخول شرع المكلفين يكون تحت الأوامر وتحت النواهي.

    فإذا قلنا بأن هذا القول الفصل هو العموم دخل عندنا كثير من المسائل، إلا ما دل الدليل على إخراجه، فنقول: الأصل هو الدخول، لكن إذا وجد دليل يخرج؟ فنقول: نصير إلى الدليل، وإلا نقول: الأصل في ذلك العموم.

    فمثلاً: الكلام والإمام يخطب، الأصل العموم وهو النهي، لكن وجد الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في أثناء الخطبة.

    الأمر بإجابة المؤذن الأصل العموم، لكن نقول: وجد الدليل على أن المؤذن لا يجيب نفسه؛ لأن الأذان كاف عن إعادته مرة أخرى، كونه يتلفظ بهذه الأذكار هذه كافية عن إعادتها مرةً أخرى.

    هل يكون الرجل مصرفاً لكفارة نفسه، أو زكاته إذا أخذها الساعي؟ يعني إذا دفعها الساعي مرةً أخرى، نقول: الأصل في ذلك العموم، والوكيل في البيع والشراء هل يبيع ويشتري من نفسه؟ نقول: الأصل في ذلك العموم إلا إذا انتفت التهمة.

    ولهذا الإمام مالك رحمه الله تعالى يجوز أن الوكيل يشتري ويبيع من نفسه إذا عرضت في السوق واشترى بثمن السوق بحيث أن التهمة انتفت، فيقول بأن الأصل في ذلك العموم.

    أيضاً: [شراء الوصي لليتيم من ماله], لو أن الوصي احتاج مثلاً إلى طعام، إلى شراب، إلى لباس, هل يشتري من ماله أو لا يشتري؟ نقول: الأصل في ذلك العموم، لكن لا بد من انتفاء التهمة.

    قال: [والوكيل في نكاح امرأة لا يتزوجها] لكن الأصل الحل، وأن له أن يتزوج هذه المرأة؛ لأنه إذا وكل في نكاح هذه المرأة؟ فله أن يتزوجها.

    قال: [وإذا عمل أحد الشريكين في مال الشركة عملاً يملك الاستئجار عليه ودفع الأجرة، فهل له أن يأخذ الأجرة أم لا؟] يعني: إذا ملك الشريك أن يستأجر شخصاً لكي يعمل عملاً للشركة, فهل له أن يعمل هذا العمل ويأخذ الأجرة؟ نقول: الأصل في ذلك العموم إلا إذا دلت القرائن على أنه ليس له ذلك.

    قال: [والموصى إليه بإخراج مالٍ لمن يحج أو يغزو ليس له أن يأخذه ويحج به ويغزو]، لو أنه أوصي إلى شخصٍ أن يدفع مالاً لمن يحج عن هذا الميت، أو أن يدفعه لمن يجاهد, فهل له أن يأخذ هذا المال ويحج أو يغزو أو نقول: ليس له ذلك؟ نقول: الأصل في ذلك العموم إلا إذا وجد ما يدل على الإخراج من هذا العموم.

    قال: [والمأذون له يتصدق بمالٍ إذا كان من أهل الصدقة، وإذا وكل غريمه أن يبرئ غرماءه، والأموال التي تجب فيها الصدقة شرعاً للجهل بأربابها، المهم أن مثل هذه الأشياء الأصل فيها العموم إلا إذا وجد الدليل الدال على إخراج هذا الفاعل الخاص.

    ومن هذا: وصى لعبده بثلث ماله فدخلت الوصية ثلث العبد نفسه، فيعتق عليه -نص عليه- ويكمل عتقه بالباقي الوصي, ولو وصى لعبده بمشاع كالثلث أو الربع دخل في ذلك الرقيق, وعتق ربعه، ثم بعد ذلك سرى العتق إلى باقيه فيكمل من الوصية. مثلاً: وصى له بالثلث، الثلث يساوي عشرة آلاف, ومن ضمنها ثلث العبد، فيعتق ثلث العبد بألف، ويبقى له تسعة آلاف يسري العتق إلى بقية العبد, ونخصم قيمة الثلثين -وهي ألفان- فيعتق الرقيق ويبقى له سبعة آلاف.

    فهنا الرقيق دخل في الوصية، ووصى له بثلثه فدخل الرقيق في ثلث الوصية، فيملك من نفسه ثلثها فيعتق منه الثلث ثم يكمل الثلثان الباقيان من بقية الثلث الموصى به.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089192828

    عدد مرات الحفظ

    782645284