إسلام ويب

شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [21]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يجوز تخصيص العموم بشروط ذكرها العلماء رحمهم الله، وللنية أثر على اللفظ فتخصص العام، وتعمم الخاص، وتقيد المطلق، ويجوز الاستثناء بها ما لم يصرح بالعدد، أما حكم الصور النادرة أو الخاصة فهما خارجتان عن العموم، وإذا اجتمعت المباشرة والتسبب فالضمان على المتسبب.
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الرابعة والعشرون بعد المائة: هل يخص اللفظ العام بسببه الخاص إذا كان السبب هو المقتضي له؟ فيه وجهان:

    أحدهما: لا يخص به، بل يقضي بعموم اللفظ, وهو اختيار القاضي في الخلاف والآمدي وأبي الفتح الحلواني وأبي الخطاب وغيرهم، أخذوه من نص أحمد في رواية علي بن سعيد في من حلف لا يصطاد من نهر لظلم رآه فيه ثم زال الظلم، قال أحمد : النذر يوفى به. وكذلك أخذوه من قاعدة المذهب في من حلف لا يكلم هذا الصبي، فصار شيخًا أنه يحنث بتكليمه تغليبًا للتعيين على الوصف، قالوا: والسبب والقرينة عندنا تعم الخاص ولا تخصص العام.

    والوجه الثاني: لا يحنث, وهو الصحيح عند صاحبي المغني والمحرر, ولكن صاحب المحرر استثنى صورة النهر وما أشبهها، كمن حلف لا يدخل بلدًا لظلم رآه فيه ثم زال, وصاحب المغني عزا الخلاف إليها, ورجحه ابن عقيل في عمد الأدلة, وقال: هو قياس المذهب; لأن المذهب أن الصفة لا تنحل بالفعل حال البينونة; لأن اليمين بمقتضى دلالة الحال تقتضي التخصيص بحالة الزوجية دون غيرها. وكذا جزم به القاضي في موضع من المجرد، واختاره الشيخ تقي الدين , وفرق بينه وبين مسألة النهر المنصوصة بأن نص أحمد إنما هو النذر, والناذر إذا قصد التقرب بنذره لزمه الوفاء مطلقًا كما منع المهاجرون من العود إلى ديارهم التي تركوها لله, وإن زال المعنى الذي تركوها لأجله، فإن ترك شيئًا لله امتنع عليه العود فيه مطلقًا, وإن كان بسبب قد يتغير, ولهذا نهي المتصدق أن يشتري صدقته, وهذا أحسن, وقد يكون جده صاحب المحرر لحظ هذا حيث خص صورة النهر بالحنث مع الإطلاق بخلاف غيرها من الصور، وأما مسألة الحلف على العين الموصوفة بالصفة فإن كان ثَمَّ سببٌ يقتضي اختصاص اليمين بحال بقاء الصفة لم يحنث بالكلام بعد زوالها، صرح به في الكافي والمحرر فهي كمسألتنا, ويتفرع على هذه القاعدة مسائل:

    منها: لو دعي إلى غداء فحلف لا يتغدى, فهل يحنث بغداء غير ذلك المحلوف بسببه؟ على وجهين، وجزم القاضي في الكفاية وصاحب المحرر بعدم الحنث.

    ومنها: لو حلف لا رأيت منكراً إلا رفعته إلى فلان القاضي, فعزل فهل تنحل يمينه؟ على وجهين ].

    من القواعد المتعلقة بالعام وتخصيصه القاعدة الرابعة والعشرون بعد المائة، وقد تقدم لنا: أن العام هل يخص بالعادة أو لا يخص؟ وهل يخص بالشرع؟ وكذلك أيضاً هل يخص بالعرف؟ وذكر في هذه القاعدة هل العام يخص بالسبب الخاص به أو لا يُخص به؟

    قوله رحمه الله: (هل يُخص اللفظ العام بسببه الخاص إذا كان السبب هو المقتضي له؟ فيه وجهان).

    معنى هذه القاعدة: أن السبب الخاص يُخص به عموم اللفظ، وقيل: لا يُخص به.

    إذاً: هنا قولان: القول الأول: أنه يُخص به العموم، والقول الثاني: أنه لا يُخص به العموم.

    وهذا الخلاف يتضح بالمثال، مثلاً: لو قالت امرأة لزوجها: تزوجت عليّ؟ فقال: كل امرأة لي فهي طالق، فقوله: كل امرأة لي فهي طالق، هذا عام، وهنا السبب الخاص، فهل تدخل في الحكم؟ أم يخص ولا تدخل في الحكم؟

    إن قلنا بأنه يُخص فلا تطلق، وإن قلنا بأنه لا يُخص فإنها تطلق. إذاً: بقينا في السائلة: هل تدخل في العموم أو نقول: لا تدخل في العموم؟

    إن قلنا: اللفظ العام يُخص به السبب الخاص فلا تطلق، وإن قلنا: لا يُخص به، فتكون داخلة في العموم وتطلق.

    ومن الأمثلة على ذلك أيضاً: من تزوج امرأة فقيل له: لك غيرها؟ فقال: كل امرأة لي فهي طالق، لم تدخل هذه المرأة.

    ومن الأمثلة ما ذكره المؤلف رحمه الله في قوله: (منها: لو دُعي إلى غداء فحلف لا يتغدى).

    دُعي إلى غداء فقال: والله لا أتغدى، وهذا عام يشمل الغداء الذي دُعي إليه وغيره، فلو أكل غير هذا الغداء، هل يحنث أو لا يحنث؟

    إن قلنا بأن اللفظ العام يُخص به السبب الخاص لا يحنث، وإن قلنا لا يُخص به ويبقى على عمومه فإنه يحنث.

    ومثله أيضاً لو أنه قال: (لا رأيت منكراً إلا رفعته إلى فلان القاضي، فعُزل، فهل تنحل يمينه أو لا تنحل يمينه؟).

    إن قلنا: يُخص به انحلت يمينه، وإن قلنا: لا يُخص به فإنها لا تنحل يمينه، ويشمل هذا القاضي وغيره، وليس خاصاً بهذا القاضي.

    بهذا الكلام في هذه المسألة نتلخص أن المؤلف رحمه الله تعالى لما تكلم عن تخصيص العموم أو العام بالشرع وبالعرف وبالعادة، تكلم عن تخصيص العام بسببه الخاص، وذكر قولين، ثم استطرد المؤلف رحمه الله تعالى في ذكر بعض المسائل الخارجة عن هذه القاعدة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088544693

    عدد مرات الحفظ

    777235283