إسلام ويب

شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [2]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الفروق التي أتت بها الشريعة الإسلامية في باب الصلاة التفريق بين صلاة العيد وصلاة الجمعة في الزمان والمكان والصفة، وفي باب الحج التفريق بين المعذور وغيره في جمع الرمي في يوم واحد، وفي باب الأمر والنهي التفريق بين ترك المأمور سهواً أو جهلاً لأنه يمكن تدا
    ذكرنا في الدرس السابق مسألة الفرق بين صلاة الجمعة والعيد وأن للمؤلف كتاباً اسمه: (الإرشاد) وقد أحال عليه، وسأنقل هنا كلامه:

    قال رحمه الله تعالى في كتاب الإرشاد: (واسترخص بأشياء بحسب أحوالها ومناسبة الحال للواقع فيه، فمنها: وقت الجمعة من الزوال إلى وقت العصر عند أكثر العلماء وعند الإمام أحمد من أول صلاة العيد إلى وقت العصر، ووقت العيد من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قُبيل الزوال).

    هذا من الفروق بين صلاة الجمعة وصلاة العيدين مما يتعلق بالوقت أن صلاة الجمعة تبدأ من الزوال عند جمهور أهل العلم رحمهم الله، وأما صلاة العيد فإن وقتها يبدأ من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رُمح، وأما الإمام أحمد رحمه الله فيرى أن الجمعة كالعيد يجوز أن تُفعل بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رُمح وهذا ضعيف، والصواب أن الجمعة لا تُفعل إلا بعد الزوال، ويجوز تقديمها قبل الزوال بشيء يسير كما تقدم لنا، يعني: الأدلة دلت على أن الجمعة يُجوز أن تُقدم قبل الزوال بشيء يسير، أما كونها تُفعل كالعيد، وأنه يجوز بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح فهذا فيه نظر.

    قال رحمه الله: (ومنها: أن صلاة الجمعة إذا فاتت لا تقضى بل يصلون ظهراً وأما العيد فتقضى من الغد بنظير وقتها).

    الجمعة إذا فاتت الناس فإنهم يصلون ظهراً فيشترط لها الوقت، أما العيد فإذا لم يتمكن الناس من صلاتها قبل الزوال فإنهم يقضونها من الغد عيداً وقد ذكر المؤلف رحمه الله العلة في ذلك.

    قال رحمه الله: (والفرق أن العيد لما كان لا يتكرر إلا بتكرر العام ولا يمكن تفويت ما في ذلك الاجتماع من المصالح شُرع قضاؤه، وأما الجمعة فتكرر في الأسبوع فإذا فاتت هذا الأسبوع حصل المقصود بالآخر).

    العيد إذا فاتت صلاته بالزوال بحيث أن الناس لم يصلوها حتى زالت الشمس فإنهم يصلونها من الغد، كما في حديث الركب الذين جاءوا النبي صلى الله عليه وسلم وذكروا له أنهم رأوا الهلال بالأمس عشية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإفطار وأن يخرجوا من الغد لعيدهم، كما في حديث أنس رضي الله تعالى عنه، أما إذا فات شخصاً العيد، وجاء والناس قد صلوا فهل يقضي أو لا يقضي؟ هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، والمشهور من المذهب أنه يقضيه، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا يقضيه.

    قال رحمه الله: (ومنها: أنه يُشرع في صلاة العيد تكبيرات الزوائد في أول كل ركعة، في الأولى ستاً بعد تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمساً بعد تكبيرة الانتقال).

    وهذا من الفروق أن صلاة العيد يُشرع في أول الركعة الأولى، وفي أول الركعة الثانية التكبيرات الزوائد، وأما بالنسبة لصلاة الجمعة فلا تُشرع هذه التكبيرات الزوائد.

    قال رحمه الله: (ومنها: أن المشروع أن تكون صلاة العيد في الصحراء، والجمعة المشروع أن تكون في البلد إلا لعذر، قال: ومن الحكمة في ذلك في الابتهاج به وزيادة إظهاره واشتراك الرجال والنساء فيه).

    وهذا أيضاً من الفروق بينهما بأن العيد يُشرع أن يكون في الصحراء إلا لعذر، وأما الجمعة فإن السنة أن تكون داخل البلد حتى لو صلاها الناس في الصحراء وتباعدت هذه الصحراء عن البلد فلا تصح صلاتهم، بل لا بد أن تكون في البلد أو صحراء قريبة من البلد هذا بالنسبة للجمعة، أما بالنسبة للعيد فالسنة أن تكون في الصحراء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يخرج لها.

    قال رحمه الله: (ومنها: وجوب فطر يوم العيد دون الجمعة فإن إفراد صومه مكروه).

    يوم العيد يجب فطره ولا يجوز صومه، وأما يوم الجمعة فإن إفراده بالصيام مكروه وليس محرماً؛ لأن يوم الفطر هو العيد الأكبر ففيه التحريم، وأما الجمعة فالعيد فيه عيد أصغر فكان الحكم فيه أقل وهو الكراهة.

    قال رحمه الله: (ومنها: في العيد ينبغي أن يخرج من طريق ويرجع من آخر بخلاف الجمعة).

    وهذا ظاهر، العيد يُستحب أن يخرج من طريق ويرجع من آخر، وأما الجمعة فلا يُستحب أن يخرج من طريق ويرجع من آخر؛ لأن هذا لم يرد، وقد ذكر العلماء رحمهم الله لذلك حكماً، فمن الحكمة: أن يُسلم على الطريقين في العيد، وقالوا أيضاً: لكي يشهد له الطريقان، وقالوا أيضاً: لكي يُغيظ المنافقين واليهود، وقالوا غير ذلك. وأن مجرد فعل النبي عليه الصلاة والسلام حكمة، وذهب ابن القيم رحمه الله إلى أن الحكمة تشمل ذلك كله، فتشمل أن يُسلم على الطريقين ويشهد له الطريقان ويغيظ المنافقين واليهود.. إلخ، وأن فعل النبي عليه الصلاة والسلام حكمة.

    قال رحمه الله: (ومنها: كراهة التنفل في مصلى العيد قبل الصلاة وبعدها بخلاف الجمعة).

    الجمعة لا يُكره أن يتنفل الإنسان بل يُصلي حتى يخرج الإمام، إلا أنه إذا كان الإمام، لا يأتي إلا بعد الزوال فإنه ينتظر ولا يصلي، أما بالنسبة للتنفل في مصلى العيد فيقول المؤلف رحمه الله: يُكره، والصواب في ذلك التفصيل: فإن كان التنفل يتعلق بركعتي تحية المسجد وصُلي العيد بالجامع أو صُليت في مصلى العيد وقلنا: إن مُصلى العيد مسجد فهذا لا يُكره، وإذا كانت التحية في مصلى العيد وقلنا: إن مصلى العيد مسجد فهذا أيضاً لا يُكره بل هي مشروعة، وأما التنفل بغير التحية فإن كان الوقت وقت نهي فيحرم، فمثلاً: تقدم الإنسان في صلاة العيد قبل طلوع الشمس فهذا يحرم عليه التنفل، وإذا كان الوقت غير وقت النهي بأن طلعت الشمس وارتفعت قيد رمح فلا بأس للإنسان أن يتنفل ولا يُكره؛ لأن النفل خير فلا يُنزع منه إلا لدليل، لكن السنة أن يشتغل بعبادة الوقت، وعبادة الوقت هي التكبير.

    قال رحمه الله: (ومنها: أن الجمعة فرض عين بالإجماع وأما العيدان ففيهما خلاف).

    الجمعة فرض عين، وأما صلاة العيد فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكمها، فالمذهب أنها فرض كفاية وعند أبي حنيفة فرض عين، وأما عند مالك والشافعي فسنة، والصواب أنها فرض عين وأن الإنسان يأثم بتركها.

    قال رحمه الله: (ومنها ما يتعلق بالعيدين من زكاة الفطر والتكبير المطلق والمقيد، ومن الأضاحي والهدي فلا تشاركها الجمعة فيها).

    التكبير المطلق في عيد الأضحى يبدأ من أول العشر وينتهي على الصواب إذا كان تكبيراً مطلقاً بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وأما التكبير المقيد فإنه يبدأ من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى ما بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وأيضاً هناك الأضاحي وهناك زكاة الفطر.. إلخ، أما الجمعة فلها أحكام خاصة كقراءة سورة الكهف، وكثرة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، وأن فيها ساعة الإجابة.. إلخ.

    قال رحمه الله في الإرشاد: (ومنها: في الجمعة الخطبتان قبلها والعيدان بعدها).

    في الجمعة الخطبة قبل الصلاة، وأما بالنسبة للعيدين فالخطبة بعد الصلاة كما في حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه.

    وقد ورد عن عمر ، وعن عثمان ، وعن معاوية ، وعبد الملك بن مروان في الخطبة في العيد أنها قبل الصلاة، لكنه عن عثمان ، وعمر لا يثبت لحديث جابر بن سمرة : ( أن النبي عليه الصلاة والسلام، وأبا بكر ، وعمر كانوا يصلون العيد قبل الخطبة )، فـعمر وعثمان لم يثبت عنهما ذلك، ولو ثبت فإنه شاذ، وأما بالنسبة لـمعاوية رضي الله تعالى عنه أو ما ورد عن عبد الملك بن مروان في الخطبة قبل صلاة العيد فهذا مخالف لما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088468509

    عدد مرات الحفظ

    776898374