إسلام ويب

شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [15]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من سماحة الإسلام أن فرق بين الأحكام بحسب الحال والمقام والملابسات، فحدد للصلاة أماكن دون أخرى، وحدد أصنافاً للزكاة دون غيرها، وحدد مقداراً للزكاة، وجعل الأقارب درجات، ورتب على كلٍ حكماً متناسباً معه، وجعل المتلفات أنواعاً تختلف في أحكامها.
    قال المؤلف رحمه الله: [ومن الفروق الصحيحة: أن الأرض والأماكن كلها يصلى فيها إلا المقبرة، والحمام، وأعطان الإبل، والنجسة، والمغصوبة، والحش].

    هذا فرقٌ بين الأماكن التي يصلى فيها والأماكن التي لا يصلى فيها، والأصل: أن الأرض كلها مسجد؛ لحديث جابر رضي الله تعالى عنه في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ) فالأصل أن الأرض كلها مسجد، لكن يُمنع من الصلاة في مواضع نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الصلاة فيها:

    الموضع الأول والثاني: [المقبرة، والحمام] ويدل لذلك حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام )، وأيضاً: ما جاء في حديث عائشة وأم سلمة: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )، وأيضاً: أمر النبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة في البيت، وألا يشبه البيت بالمقبرة، فهذا يدل على أن المقبرة لا يصلى فيها.

    الثالث: [أعطان الإبل]، وهذه لا يصلى فيها؛ ( لأن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال: نعم. فسئل عن الصلاة في أعطان الإبل؟ فقال: لا ). فالصلاة في أعطان الإبل لا تصح.

    وأعطان الإبل اختلف العلماء رحمهم الله في تفسيرها على أقوال:

    القول الأول: أن المراد بأعطان الإبل هي: الأماكن التي تقيم بها وتأوي إليها.

    والقول الثاني: أن المراد بأعطان الإبل هي: الأماكن التي تصدر إليها بعد أن ترد الماء.

    والقول الثالث: أن المراد بأعطان الإبل: الأماكن التي قرب الماء، فتناخ فيها حتى ترد الماء.

    هذه ثلاثة تفسيرات لأعطان الإبل.

    الرابع: قال: [والنجسة] أيضاً لا يصح الصلاة في الأماكن النجسة، ويدل لذلك حديث أنس وحديث أبي هريرة في ( بول الأعرابي في طائفة من المسجد، فدعا النبي عليه الصلاة والسلام بذنوب من ماء فأهريق عليه ). فهذا يدل على أن النجس لا يصلى فيه، وأيضاً: ما تقدم من قول النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي سعيد : ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ).

    وأيضاً: يدل لذلك عموم الأمر بالتنزه عن النجاسة، مثل: حديث الاستجمار، ومثل حديث ابن عباس لما مر بالنبي عليه الصلاة والسلام بقبرين فقال: ( إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير ) وذكر أن أحدهما كان لا يستنزه من بوله، وقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( استنزه من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه ).

    الخامس: قال: [والمغصوبة].

    الأرض المغصوبة لا تصح الصلاة فيها، ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]، وأيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من ظلم قيد شبر طوِّقه من سبع أراضين يوم القيامة ).

    ولكن هذه الأدلة فيها تحريم الغصب، وليس فيها أن الصلاة في الأرض المغصوبة لا تصح.

    والصواب في ذلك: أن الصلاة في الأرض المغصوبة صحيحة، لكن مع الإثم؛ لأن النهي هنا لا يعود لذات المنهي عنه، وإنما يعود إلى أمر خارج؛ فإن الشارع لم يقل: لا تصلوا في الأرض المغصوبة، وإنما نهى عن الغصب والظلم.

    السادس: قال: [والحش]؛ لما تقدم من الأدلة في النهي عن الصلاة في الحمام، والأرض النجسة.

    قال رحمه الله: [وزادوا في المشهور من مذهب الإمام أحمد : المزبلة والمجزرة].

    المزبلة: موضع إلقاء الكناسة، والمجزرة: موضع تذكية بهيمة الأنعام.

    قال رحمه الله: [ وقارعة الطريق، وأسطحتها، والفرض في جوف الكعبة، والقول الآخر أقرب إلى الصواب وهو الذي تدل عليه الأدلة الصحيحة أنها تصح فيها ].

    ودليل ذلك حديث ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام ( نهى عن الصلاة في سبعة مواطن )، وذكر منها: ( المزبلة، والمجزرة، وقارعة الطريق )، وهذا الحديث ضعيف.

    وعلى هذا فالصواب: أن الصلاة تصح في هذه الأماكن.. في المزبلة، والمجزرة، وقارعة الطريق، وأسطحتها، لكن قد نقول: المزبلة لا تصح الصلاة فيها لوجود النجاسة إذا كان هناك نجاسة، فتكون داخلة في الصلاة في الأرض النجسة.

    وأيضاً الفرض في جوف الكعبة، الصواب أنه صحيح، فالنبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن عمر صلى في جوف الكعبة ركعتين، والأصل أن ما ثبت في حق النفل ثبت في حق الفرض إلا لدليل، فالصحيح: أن الفرض في جوف الكعبة لا بأس به.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088523381

    عدد مرات الحفظ

    777118681