).
وفي هذا أيضاً: دليل على أن المجنون لا يعتبر إقراره؛ لأنه قد زال عقله.
وفيه أيضاً: أن من زال عقله أو غطي على عقله فإنه لا يعتبر إقراره.
وفي هذا أيضاً: أن إقامة الحدود منوط بالإمام.
وفيه أيضاً: الوكالة بإقامة الحدود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهبوا به فارجموه).
وفيه أيضاً: أن على القاضي الذي يحكم بين الناس إذا اشتبه عليه الأمر أن يستفصل كما استفصل النبي صلى الله عليه وسلم من ماعز رضي الله تعالى عنه.
وفي هذا أيضاً دليل على أن المحصن لا يجمع له بين الجلد والرجم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجمه ولم يجلده.
وفيه: أن حد المحصن إذا زنى أنه يرجم حتى يموت، والحكمة من ذلك أن هذه المعصية شملت كل البدن؛ لأن اللذة حصلت لجميع البدن، فكان العقاب لجميع البدن.
وفي هذا أيضاً: أنه لا يشترط حضور الإمام.
وفيه أيضاً: أن مصلى الجنائز لا يأخذ حكم المسجد، وكان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصلى الجنائز ومصلى العيد، وهذه لا تأخذ أحكام المسجد، ولهذا رجموه في مصلى الجنائز، فدل ذلك على أنه لا يأخذ أحكام المسجد.
وفيه أيضاً: أن الحد كفارة للمعصية.
وفيه فضيلة ماعز رضي الله تعالى عنه، فإن ماعزاً جاء للنبي صلى الله عليه وسلم تائباً.
وفيه: أن الإنسان بشر ليس معصوماً ولو كان صحابياً، فإنه قد يقع منه الذنب والمعصية.
وفيه: إعراض الإمام عن المقر بالزنا.
وهل يلقن الرجوع عن الحد، أو لا نلقنه؟
هذا موضع خلاف، فبعض العلماء كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد أنه يستحب أن يلقن أن يرجع عن الحد.
الرأي الثاني: التفصيل في هذا: إن كان معروفاً بالشر والفسق فلا يلقن، وإن لم يكن معروفاً فإنه يلقن، وهذا أقرب.
وفيه أيضاً: الرجوع عن الحد، إذا أقر بالحد ثم رجع عنه هل يقبل رجوعه أو لا يقبل رجوعه؟ جمهور العلماء يقولون: يقبل رجوعه، وشيخ الإسلام يرى التفصيل: إن جاء تائباً يقبل رجوعه كما في قصة ماعز فقد جاء تائباً، قال: (طهرني يا رسول الله)، وإن كان غير تائب فإنه لا يقبل رجوعه، قال بعض العلماء: إن وصف الفعل لا يقبل رجوعه، وإن لم يصف الفعل قبل رجوعه.
والذي يظهر والله أعلم أن قصة ماعز أنه رجوع عن إقامة الحد، وليس رجوعاً عن الإقرار؛ لأنه قال: (لما أذلقته الحجارة -أوجعته- قال: ردوني على رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فهو جاء تائباً وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم عليه الحد، فيظهر والله أعلم أنه رجوع عن إقامة الحد، وليس رجوعاً عن الإقرار.
وعلى هذا نقول: إذا أقر ثم رجع عن إقامة الحد، فإن كان أمره صلح وتاب إلى الله عز وجل وأناب ونحو ذلك، فهذا يقبل منه وإلا فلا.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.