إسلام ويب

شرح عمدة الأحكام - كتاب الحدود [5]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تقطع يد السارق إذا بلغت سرقته نصاباً محدداً، وقد اختلف العلماء في قدر النصاب، وتحرم الشفاعة في الحدود بعد الرفع إلى الحاكم، وجاحد العارية حكمه حكم السارق فيقطع وفي المسألة خلاف، وقد اتفقوا على أنه لا قطع على غاصب ولا مختلس ولا منتهب.
    تقدم لنا مقدار النصاب في القطع في السرقة، وأن العلماء رحمهم الله تعالى اختلفوا في ذلك على آراء:

    الرأي الأول: أن مقدار القطع في السرقة ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو عرضاً يساوي أحدهما، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

    والرأي الثاني: رأي الشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام : أن القطع في السرقة معتبر بربع دينار؛ لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعداً).

    والرأي الثالث: رأي المالكية: أن القطع في ثلاثة دراهم؛ للحديث الذي تقدم معنا.

    وأما الحنفية فالقطع عندهم في عشرة دراهم، ويستدلون بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا قطع إلا في عشرة دراهم)، وهو ضعيف لا يثبت، والصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام : أن القطع في ربع دينار، وأن المعتبر في ذلك الذهب، وذكرنا أن ربع الدينار يساوي أربعة غرامات وربع الغرام، وعلى هذا تقطع اليد في غرام واحد وربع الربع.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [عن عائشة رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله يقول: (تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً)].

    الشرح:

    هذا مما يستدل به الشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة، وهذا الحديث دليل على اشتراط النصاب في السرقة، وهو قول جمهور العلماء رحمهم الله.

    والرأي الثاني: أن اليد تقطع في القليل والكثير، وهذا قول الظاهرية، وأن النصاب ليس شرطاً، واستدلوا بحديث أبي هريرة في صحيح البخاري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)، والبيضة لا تأتي بربع دينار، والحبل لا يأتي بربع دينار.

    وأيضاً يستدلون بعموم قول الله عز وجل: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38].

    أما العموم هذا فهو مخصوص بأدلة النصاب كما تقدم لنا حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، وحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.

    وأما حديث أبي هريرة : (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)، فالجواب عنه من أوجه:

    الوجه الأول: أن المراد بالبيضة ما يبلغ النصاب، وهي ما يضعه المحارب على رأسه يتقي بها السهام، وهذه تبلغ النصاب، والحبل المراد به الحبل الكبير كحبل السفينة، فهذا الحبل الكبير -حبل السفينة- تقطع اليد في سرقته.

    الجواب الثاني: أن المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام: (لعن الله السارق يسرق البيضة)، التنفير والتقبيح والتغليظ.

    الجواب الثالث: أن المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام: (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده) أن سرقته للبيضة يجره إلى أن يسرق ما هو أكبر من البيضة.. إلى آخره فتقطع يده، ويسرق ما هو أكبر من الحبل، يعني: إذا سرق البيضة ثم سرق الحبل، سرق ما هو أغلى منهما ثمناً، فيؤدي به ذلك إلى أن تقطع يده.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088523305

    عدد مرات الحفظ

    777118419