إسلام ويب

شرح عمدة الأحكام - كتاب الأيمان والنذور [2]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يحرم الحلف بالآباء في كل شيء، كما لا يحل الحلف بغير الله تعالى وصفاته مهما عظم شأن المحلوف به، كما أن الاستثناء في اليمين نافع لتحقيق ما يريده الإنسان، والمستثني لا يحنث في يمينه إذا علقه على مشيئة الله، كما أن الاستثناء له شروط، والحلف على الظن من صور لغ
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)، ولـمسلم : (فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت). وفي رواية: قال عمر : (فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ذاكراً ولا آثراً).

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة, تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله, فقيل له: قل: إن شاء الله, فلم يقل, فطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قال: إن شاء الله لم يحنث, وكان دركاً لحاجته)].

    الشرح:

    تقدم لنا تعريف اليمين، وذكرنا أقسام اليمين، وأن اليمين تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: اليمين الغموس.

    القسم الثاني: اليمين المكفرة.

    القسم الثالث: يمين اللغو.

    وذكرنا أن يمين اللغو تحتها صور.

    ثم قال المؤلف رحمه الله: [ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) ولـمسلم : (فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)]، يعني: يسكت. [وفي رواية: قال عمر : (فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ذاكراً ولا آثراً)]، (ذاكراً) يعني: متعمداً، (ولا آثراً) يعني: حاكياً عن غيره أنه حلف بها.

    هذا الحديث فيه فوائد ومسائل:

    المسألة الأولى: تحريم الحلف بغير الله عز وجل، بل هو شرك، ويدل لذلك قول الله عز وجل: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:22]، وقد ذكر ابن عباس عند هذه الآية من اتخاذ الأنداد أن تقول: وحياتي وحياتك. وهذا إسناده حسن، والحلف بغير الله عز وجل هل هو شرك أكبر أو شرك أصغر؟ نقول: ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: إن اعتقد أن المحلوف به معظم كتعظيم الله عز وجل فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنه ليس معظماً كتعظيم الله عز وجل فهو شرك أصغر، يعني: مجرد الحلف هذا من شرك الألفاظ، فإذا كان هناك عقيدة فهو شرك أكبر، وإذا لم يكن هناك عقيدة وإنما مجرد لفظ فهذا شرك أصغر.

    وفي هذا أيضاً: فضيلة عمر رضي الله تعالى عنه حيث قال: (فوالله ما حلفت بها منذ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ذاكراً ولا آثراً)، وفيه تعظيم السلف رحمهم الله للسنة، يعني: مجرد أنه سمع النهي امتثل وطبق ما يقول: هذا أدب من الآداب يمكن أن يأتي بها الإنسان، ويمكن يتركها، هذا مكروه أو هل هذا النهي محرم أو مكروه، أمر النبي صلى الله عليه وسلم انتهى يمتثلوا، تعظيم، يعني: حتى مجرد أنه يحكي أن غيره حلف ما حكى عمر رضي الله تعالى عنه.

    وفي هذا أيضاً قوله: (فليحلف بالله أو ليصمت)، فيه حصر اليمين بالله عز وجل، وبهذا نأخذ أن الأيمان التي يحلفها الناس بغير الله عز وجل أنها كلها أيمان غير شرعية، الحلف بالطلاق، الحلف بالظهار، الحلف بالنذر، الحلف بالعتق، هذه كلها أيمان غير شرعية، وهذه مع الأسف موجودة اليوم في كثير من ألسنة الناس، إن ذهبت فأنت طالق، إن دخلت فأنت طالق، إن خرجت فأنت طالق، أو علي الطلاق أن تدخل، علي الطلاق أني ما أذهب إلى كذا، أو علي الحرام.. إلى آخره، وهذه الأيمان ستأتينا إن شاء الله في كتاب الظهار ونتكلم عليها بإذن الله عز وجل في كتاب الطلاق.

    وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، يعني: إذا أراد أن يحث نفسه أو يمنعها أو يصدق خبراً أو يكذبه عليه أن يحلف بالله عز وجل، لا يحلف لا بتحريم، ولا بطلاق، ولا بعتاق، ولا بنذر، ولا بظهار، هذه كلها أيمان غير شرعية.

    وفي هذا أيضاً: أن من أراد أن يحلف بغير الله عز وجل فإن عليه أن يلزم الصمت.

    ومما سبق يتبين لنا أن الحلف بغير الله عز وجل محرم ولا يجوز، بل هو من الشرك، لكن كيف الجواب عما جاء في صحيح مسلم : (أفلح وأبيه إن صدق

    هذا أجاب عنه العلماء رحمهم الله بأجوبة كثيرة، فقيل بأن هذا مما يجري على اللسان.

    وقيل: بأن هذا كان في أول الإسلام ثم نسخ.

    وقيل: بأن في اللفظة تصحيف، والصحيح: أفلح والله، لكن حصل تصحيف.

    وقيل: بأن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقيل كما ذكره ابن عبد البر -وهذا أحسن جواب- أن هذه اللفظة شاذة، ولهذا أعرض عنها البخاري ، ولم يخرجها في صحيحه، فنقول بأنها لفظة شاذة لا يعول عليها.

    وفيه أيضاً: ما عليه أهل الجاهلية من تعظيم الآباء ونحو ذلك، (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يعظمون آباءهم.. إلى آخره.

    وتعظيم الأسلاف ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: تعظيم الأسلاف على ما هم عليه من خصال حميدة وخلال حسنة، فهذا حق، بشرط لا يصل إلى درجة الغلو.

    والقسم الثاني: تعظيمهم لا لأجل ذلك، وإنما لأجل الفخر والخيلاء ونحو ذلك، فهذا مذموم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088520953

    عدد مرات الحفظ

    777094119