إسلام ويب

شرح صحيح مسلم - كتاب الطب والرقى [3]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • التداوي يكون بطرق متعددة جاء ذكر كثير منها في الأحاديث الصحيحة، فمن ذلك الرقية، وتكون بطرق متعددة وصفات مختلفة، ويجوز اشتراط الأجرة عليها عند بعض العلماء، وهو ما دلت عليه الأحاديث، وقد جاء عن الرسول الكريم أن لكل داء دواء، وما على الإنسان المسلم إلا أن يأ
    قال مسلم رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، قال: أخبرنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد الخدري ، (أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راق، فإن سيد هذا الحي لديغ أو مصاب؟ فقال رجل منهم: نعم. فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل، فأُعطي قطيعاً من غنم فأبى أن يقبلها وقال: حتى أذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله! والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسم وقال: وما أدراك أنها رقية، ثم قال: خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم)].

    نعم. هذا الحديث كما بوب النووي رحمه الله تعالى فيه جواز أخذ الأجرة على الرقية.

    وقوله في الحديث: (لديغ) يعني: لدغته إحدى ذوات السموم.

    وقوله: (فأُعطي قطيعاً من غنم): القطيع ما بين العشر إلى الأربعين، وقيل: ما بين الخمسة عشر إلى الخمس والعشرين.

    وهذا الحديث فيه فوائد، فمن فوائده: جواز أخذ الأجرة على الرقية، والأخذ على الرقية ينقسم إلى أقسام:

    القسم الأول: الأخذ من بيت المال، فهذا جائز ولا بأس به، وهذا موضع اتفاق.

    والقسم الثاني: الأخذ بلا مشارطة، فهذا أيضاً جائز بالاتفاق، يعني: لو رقيت شخصاً ثم أعطاك فلا بأس أن تأخذ، هذا جائز بالاتفاق أيضاً.

    والقسم الثالث: الجُعل، كما لو قال: من رقى هذا المريض فله كذا وكذا، هذا أيضاً جائز بالاتفاق.

    القسم الرابع: الأخذ عن طريق المشارطة وهي الأجرة، هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، وأوسع المذاهب في ذلك مذهب الشافعية، فالشافعية هم أوسع المذاهب في أخذ الأجرة على القرب في العبادات، وأضيق المذاهب مذهب الحنابلة، الحنابلة لا يرون أخذ الأجرة على القرب عن طريق المشارطة.

    والذي يظهر والله أعلم من الأدلة أن أخذ الأجرة على القرب جائز ولا بأس به، ويدل لها هذا الحديث، ويدل لهذا الحديث أيضاً حديث سهل بن سعد في قصة الواهبة، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (زوجتكها بما معك من القرآن)، وقوله: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله).

    فالذي يظهر والله أعلم الجواز، إلا ما ورد النهي عنه، كأخذ الأجرة على الإمامة والأذان والخطابة ونحو ذلك، كما جاء في حديث عثمان بن أبي العاص : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)، فالذي ورد فيه النص مثل الأذان ونحوه هذا يُمنع منه، أما ما عدا ذلك، فيظهر والله أعلم أن هذا جائز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)، فإنه صريح.

    حكم طلب المال عند المصلحة

    وفي هذا الحديث: جواز الاستيهاب، أي: جواز طلب المال عند المصلحة، نعم. الأصل أن الإنسان لا يطلب المال إلا إذا كان من أهل الطلب، لكن إذا كان هناك مصلحة فلا بأس، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا واضربوا لي معكم بسهم).

    فطلب الهدية، وطلب المال للمصلحة، أو الإعطاء لمصلحة، فهذا لا بأس به، والمصلحة هنا ظاهرة، وهي مصلحة التعليم والإرشاد، هذا كون النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منهم، هذا أشد وقعاً في حِل مثل هذه الأجرة أو الجُعل الذي أخذوه، وأيضاً فيه رفع الحرج عن قلوبهم.

    حكم الضيافة

    وفي هذا أيضاً: حكم الضيافة، (فاستضافوهم فلم يضيفوهم)، والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله: أن الضيافة واجبة، لكن يذكرون لها شروطاً: أن تكون في القرى دون الأمصار، وعند جمهور أهل العلم أنها مستحبة.

    وهنا اشترطوا عليهم جُعلاً، لكونهم لم يضيفوهم، فلما لُدغ سيدهم اشترطوا عليهم جُعلاً، هذا يؤيد ما ذهب إليه الحنابلة من وجوب الضيافة.

    ومما يدل أيضاً على وجوب الضيافة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضيف كما في حديث عقبة إذا امتنع المضيف من أن يضيفه، وقدر على شيء من المال أن يأخذ بقدر الضيافة، مما يدل على أن هذا حق.

    وفيه أيضاً: مشروعية الرقية بفاتحة الكتاب، ومشروعية الرقية بالقرآن، وقد تقدم الكلام على الرقية، وذكرنا جملة من مباحثها وما يتعلق بشروطها إلى آخره.

    وفيه أيضاً: أن من أنجع ما يبرأ به اللديغ هي الرقية بفاتحة الكتاب.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088537882

    عدد مرات الحفظ

    777199412