إسلام ويب

شرح صحيح مسلم - كتاب الفضائل [6]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحياء خلق حميد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وهذا من حسن خلقه، بل ما ضرب صبياً ولا امرأة ولا عبداً، وإنما كان ينتقم ويغضب إذا انتهكت حرمات الله عز وجل، أو يجاهد في سبيل الله. ومن رفقه بالمسلمين أنه كان له حاد حسن الصوت،
    قوله: [ باب: كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم ].

    هذا التبويب ليس من مسلم ، بل من الإمام النووي رحمه الله.

    قال مسلم رحمه الله تعالى: [ حدثني عبيد الله بن معاذ ، قال: حدثنا شعبة ، عن قتادة ، سمع عبد الله بن أبي عتبة يحدث عن أبي سعيد الخدري ، ح، وحدثنا زهير بن حرب ، ومحمد بن المثنى ، وأحمد بن سنان ، قال زهير : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن شعبة ، عن قتادة ، قال: سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه ).

    حدثنا زهير بن حرب ، وعثمان بن أبي شيبة ، قالا: حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن مسروق ، قال: دخلنا على عبد الله بن عمرو حين قدم معاوية إلى الكوفة، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً. وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً )، قال عثمان : حين قدم مع معاوية إلى الكوفة.

    وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: حدثنا أبو معاوية ووكيع ، ح، وحدثنا ابن نمير ، حدثنا أبي، ح، وحدثنا أبو سعيد الأشج ، قال: حدثنا أبو خالد يعني الأحمر ، كلهم عن الأعمش بهذا الإسناد مثله.

    حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا أبو خيثمة ، عن سماك بن حرب ، قال: قلت لـجابر بن سمرة : (أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، كثيراً كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون، ويتبسم صلى الله عليه وسلم ).

    حدثنا أبو الربيع العتكي ، وحامد بن عمر ، وقتيبة بن سعيد ، وأبو كامل ، جميعاً عن حماد بن زيد ، قال أبو الربيع : حدثنا حماد ، قال: حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وغلام أسود يقال له: أنجشة يحدو، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أنجشة ! رويدك سوقاً بالقوارير ).

    وحدثنا أبو الربيع العتكي ، وحامد بن عمر ، وأبو كامل ، قالوا: حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس بنحوه.

    وحدثني عمرو الناقد ، وزهير بن حرب ، كلاهما عن ابن علية ، قال زهير : حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على أزواجه وسواق يسوق بهن يقال له: أنجشة ، فقال: ( ويحك يا أنجشة ! رويداً سوقك بالقوارير )، قال: قال أبو قلابة : تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه.

    وحدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا يزيد بن زريع ، عن سليمان التيمي ، عن أنس بن مالك ، ح، وحدثنا أبو كامل ، حدثنا يزيد ، حدثنا التيمي ، عن أنس بن مالك ، قال: كانت أم سليم مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسوق بهن سواق، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ( أي أنجشة ! رويداً سوقك بالقوارير ).

    وحدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الصمد ، قال: حدثنا همام ، قال: حدثني همام ، قال: حدثنا قتادة ، عن أنس قال: (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاد حسن الصوت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: رويداً يا أنجشة ! لا تكسر القوارير )، يعني: ضعفة النساء.

    وحدثناه ابن بشار ، قال: حدثنا أبو داود ، حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر: حاد حسن الصوت ].

    شدة حيائه صلى الله عليه وسلم

    قال مسلم رحمه الله تعالى: [ حدثني عبيد الله بن معاذ ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة ، عن قتادة ، سمع عبد الله بن أبي عتبة يحدث عن أبي سعيد الخدري ، ح، وحدثنا زهير بن حرب ، ومحمد بن المثنى ، وأحمد بن سنان، قال زهير : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن شعبة ، عن قتادة ، قال: سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ) ].

    الحياء خلق فاضل، وهو من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومن أخلاق المؤمنين، وهو شعبة من شعب الإيمان، والحياء خلق يبعث على فعل الجميل وترك القبيح، والنبي صلى الله عليه وسلم اتصف بهذا الوصف، بل الله سبحانه وتعالى من صفاته صفة الحياء، وهذا يدل على فضيلة هذا الخلق وهذه الصفة.

    وقوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء)، العذراء هي البكر، وسميت البكر عذراء لأن عذرتها لا تزال باقية، يعني: بكارتها لا تزال باقية.

    (وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه)، وهذا من شدة حيائه عليه الصلاة والسلام؛ لأن الحياء كما تقدم لنا أنه خلق يبعث على فعل الجميل وترك القبيح.

    وفي هذا الحديث فضيلة هذا الخلق، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يتصف بهذا الخلق، وفيه أيضاً أن الأصل في الجارية أنها تكون على هذا الوصف؛ لقوله: (أشد حياء من العذراء في خدرها)، بل الأصل أن الجارية تكون شديدة الحياء، وعلى هذا إذا خالفت الحياء نقول: بأنها خرجت عن الأصل الذي يجب أن تكون عليه، وأن تكون فطرت عليه، ومع هذا تجد مع الأسف الشديد اليوم بسبب ضعف الإيمان، والبعد عن نور السنة، وغزو هؤلاء الكفار لنساء المسلمين، تجد اليوم أن كثيراً من نساء المسلمين خرجت عن هذا الأصل وهو الحياء، والله عز وجل قال عن ابنة شعيب : فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ [القصص:25] ، فالأصل في أمر المرأة الحشمة والحياء والعفاف، وكونها تخالف هذا الأصل نقول: بأنها صادمت ما فطرت عليه.

    وفيه أيضاً أن من شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا كره شيئاً عرف في وجهه، وكراهة النبي صلى الله عليه وسلم هي الكراهة الشرعية، يعني: إذا كره شيئاً كراهة شرعية، إما لفعل محرم، أو لترك واجب ونحو ذلك، فإنه يعرف في وجهه عليه الصلاة والسلام.

    ويحتمل أيضاً أن تدخل الكراهة الشخصية، يعني: الكراهة إما أن تكون كراهة شرعية، وإما أن تكون كراهة شخصية، وسيأتينا أيضاً في صفات النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما انتقم لنفسه قط، فقد يؤذى عليه الصلاة والسلام ويكره هذا الشيء، ويعرف ذلك في وجهه عليه الصلاة والسلام، فالكراهة إما أن تكون كراهة شرعية، وإما أن تكون كراهة شخصية.

    وقوله: (في خدرها)، يؤخذ منه أن الأصل في أمر المرأة أن تكون في خدرها، والأصل هو القرار في البيت.

    اتصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم الفحش والتفحش

    قال: [ وحدثنا زهير بن حرب ، وعثمان بن أبي شيبة ، قال: حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن مسروق ، قال: دخلنا على عبد الله بن عمرو حين قدم معاوية إلى الكوفة، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ) ].

    (لم يكن فاحشاً)، الفحش قيل بأنه: البذاء، وقيل: بأن الفحش: هو الخروج أو الزيادة في الذنب والمعصية، يعني: الخروج عن الحد، والزيادة في الذنب والمعصية.

    (لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً). يعني: متعمداً للفحش لحصول الذنب والمعصية.

    قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من خياركم أحسانكم أخلاقاً)، حسن الخلق كما تقدم لنا أنه بذل الندى، وكف الأذى، وطلاقة الوجه.

    وحسن الخلق ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: فطري، فبعض الناس يفطر على حسن الخلق، من الكرم والحياء والعفاف والصدق ونحو ذلك، ومنه ما هو مكتسب، فالحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم، فيستطيع المسلم أن يربي نفسه على الحلم والعفاف والكرم والصدق، وغير ذلك من محاسن الأخلاق، وترك رديء الأخلاق.

    وفي هذا الحديث التذكير من العالم، ونقل سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه ما اتصف به النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً.

    وفيه أن الفحش ليس من صفات المؤمنين، وكذلك أيضاً التفحش ليس من صفات المؤمنين، بل من صفات المؤمنين حسن الخلق.

    وفي ذلك حسن الخلق، وفيه أن مرتبة الخيرة تنال بحسن الخلق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً )، فهذه الخيرية تنال بعدة أسباب، ومن هذه الأسباب كون الإنسان حسن الخلق، فإذا كان الإنسان حسن الخلق، فإنه ينال مرتبة الخيرية، كما أن من أسباب نيل هذه المرتبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [آل عمران:110]، ومن أسباب نيل هذه المرتبة تعلم القرآن وتعليمه، ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ).. إلى آخره.

    وفي ذلك فضيلة حسن الخلق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530546

    عدد مرات الحفظ

    777157616