إسلام ويب

شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [2]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الأصل في الماء أنه طهور إلا إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة تحدث فيه، ولاشتباه الطاهر بالنجس صور ولكل صورة حكم معين، والأصل في الأواني إباحة استعمالها واتخاذها إلا ما حرمه الشرع كآنية الذهب والفضة.
    فقد سبق لنا شيء من أحكام الطهارة، وذكرنا أن الطهارة تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: طهارة معنوية. والقسم الثاني: طهارة حسية. وبينا أن بحث العلماء رحمهم الله في مثل هذه الأقوال إنما تكون في الطهارة الحسية، وأن الطهارة الحسية تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: رفع الحدث. والقسم الثاني: زوال الخبث.

    ثم شرع المؤلف رحمه الله في بيان أحكام المياه، وذكرنا أيضاً أن الصواب في المياه أنها تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: ماء طهور. والقسم الثاني: ماء نجس.

    وأن الأصل في المياه الطهارة؛ لقول الله عز وجل: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48]، وقوله سبحانه: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]، فالأصل في الماء أنه طاهر يرفع الحدث، إلا في حالتين:

    الحالة الأولى: إذا تغير بنجاسة. فإذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بنجاسة حدثت فيه فهو نجس بالإجماع، لا يرفع الحدث.

    الحالة الثانية: إذا تغير بطاهر سلبه اسم الماء المطلق، بحيث لا يسمى ماءً عند الإطلاق، وإنما يسمى ماء بالإضافة.

    فمثلاً: يقال: ماء زعفران أو ماء حبر ونحو ذلك، فإذا تغير بطاهر سلبه اسم الماء المطلق فإنه لا يرفع الحدث حينئذٍ، فلو كان عندك ماء ثم بعد ذلك أضفت إليه حبراً أو أضفت إليه صبغاً أو أضفت إليه زعفراناً أو نحو ذلك، فتغير به بحيث سلبه اسم الماء المطلق فإنه في هذه الحالة لا يرفع الحدث، فأصبح عندنا أن الماء طهور يرفع الحدث إلا في هاتين الحالتين.

    أما زوال الخبث فيرتفع على الصحيح بالماء وغيره، وسيأتينا إن شاء الله في هذا الدرس ضابط الأشياء النجسة، فالنجاسة تطهر بأي مطهر، سواء طهرت بالريح، طهرت بالشمس, طهرت بالدلك مثل الأشياء الصقيلة كالمرآة وكالسيف وكالرخام وكالبلاط .. إلخ، فهذه إذا مسحتها وذهبت عين النجاسة فإن المحل يطهر، وليس ذلك خاصاً بالماء، وذكرنا الأدلة على ذلك, ومن الأدلة على ذلك سائر أدلة الاستجمار، أدلة الاستجمار تدل على أن النجاسة لا يشترط في إزالتها الماء، فإن الاستجمار إنما يكون بالحجارة أو التراب والأوراق ونحوها, وعلى هذا إذا أصاب الثوب شيء من البول ثم بعد ذلك نزل عليه الماء، أو المطر، أو أصابته الريح أو الشمس، فزال أثر هذا البول فنقول بأنه طهر؛ لأن النجاسة عين مستقذرة شرعاً إذا وجدت وجد الحكم، وإذا انتفت انتفى الحكم بأي مزيل وبأي سبب, فالحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, هذا هو الصواب في هذه المسائل.

    وسبق لنا أيضاً أن العلماء رحمهم الله يقسمون الماء إلى قسمين: ماء كثير وماء قليل، وأن الماء الكثير ما بلغ قلتين، وذكرنا أيضاً في الدرس السابق كيف نحدد القلتين بالغرامات وبالكيلوات .. إلخ. فيقولون: الماء الكثير لا ينجس إلا بالتغير إذا حدثت فيه النجاسة، وأما الماء القليل فإنه بمجرد ملاقاة النجاسة له ينجس.

    وذكرنا أن الصواب أنه لا فرق بين القليل والكثير, وإن العبرة إنما يكون بالتغير، فإذا تغير هذا الماء سواء كان قليلاً أو كثيراً بالنجاسة فإنه نجس، وإذا لم يتغير فإنه طهور.

    ويدل لذلك ما سبق أن ذكرناه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الماء طهور لا ينجسه شي ), فلا يخلو الماء إما طهور وإما نجس، فإن تغير بالنجاسة فهو نجس بالإجماع، لم يتغير بالنجاسة فهو طهور، إلا إن تغير بطاهر سلبه اسم الماء المطلق فإنه في هذه الحالة لا يرفع الحدث ويزيل الخبث كما سبق لنا أن إزالة الخبث تكون بأي مزيل.

    وذكرنا أيضاً أن هناك فرقاً بين رفع الحدث وزوال الخبث، وذكرنا هذه الفروق, وقلنا: إن رفع الحدث يشترط له النية, لا بد لرفع الحدث من النية، فلو أن الإنسان غسل الأعضاء ولم ينو رفع الحدث فإن ذلك لا يجزئ، أما زوال الخبث فإنه لا تشترط له النية، فلو وقع على الأرض بول ثم بعد ذلك صب عليه ماء أو نزلت عليه أمطار، ولم ينوَ إزالة وتطهير هذا البول فإن المكان يطهر, ومثل ذلك أيضاً لو وقع على الثوب ونحو ذلك.

    والفرق الثاني: أن رفع الحدث لا يعذر فيه بالجهل والنسيان, وأما زوال الخبث فيعذر فيه بالجهل والنسيان, فلو أن الإنسان صلى وقد نسي أن يتوضأ فإنه لا يعذر لكن لو كان على ثوبه نجاسة وصلى, أو جهل هذه النجاسة وصلى فإنه يعذر، فإذا نسي هذه النجاسة التي على ثوبه أو على بدنه أو على بقعته التي يصلي عليها وصلى, فنقول بأن صلاته صحيحة.

    الفرق الثالث: أن رفع الحدث هذا لا بد له من الماء, وأما زوال الخبث فسبق أن ذكرنا أنه لا يشترط له الماء.

    الفرق الرابع: أن رفع الحدث من باب الأوامر, وأما زوال الخبث فهو من باب النواهي.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088518764

    عدد مرات الحفظ

    777081620