إسلام ويب

شرح عمدة الفقه - كتاب الصيام [3]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للصيام مفسدات من ارتكبها فقد بطل صومه، ومنها ما يوجب القضاء مع التوبة، ومنها ما يوجب القضاء مع الكفارة، ومن أكل أو شرب ناسياً أو مخطئاً أو مكرهاً فصومه صحيح، وهذا من يسر الشريعة الإسلامية السمحة.
    قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب الصيام: [وإن ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شيء عليه، وإن كان لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكيناً إلا أن يكون الصوم منذوراً فإنه يصام عنه، وكذلك كل نذر طاعة].

    تكلمنا بالأمس عن شيء من أحكام الرؤية، وذكرنا من هذه الأحكام: إذا رؤي الهلال في بلد فهل يجب على جميع الناس الصيام أو أنه لا يجب عليهم كلهم، ويجب على البلد الذي يوافق بلد الرؤية في مطلع الهلال؟ وتكلمنا على هذه المسألة، وذكرنا كلام أهل العلم رحمهم الله، وأيضاً تكلمنا عن حكم رؤية الهلال نهاراً وأنه لا عبرة بها، وكذلك أيضاً ما يتعلق بصيام المريض والمسافر والحامل والمرضع والحائض والنفساء ... إلى آخره.

    قال المؤلف رحمه الله: (من ترك القضاء...) إلخ.

    من مات من عليه صيام لا يخلو من أمرين:

    الأمر الأول: أن يكون الصيام وجب بالنذر، كما لو نذر أن يصوم يوماً أو يومين وتمكن من الصيام ولم يصم، فإنه يُشرع لوليه أن يقضيه عنه كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى، وقد روى البخاري (أن امرأةً سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أمها وأنها ماتت وعليها صوم نذر، قالت: أفأقضيه عنها؟ قال: نعم, فديْن الله أحق أن يُقضى).

    الأمر الثاني: أن يكون الصيام الذي وجب على الميت وجب بأصل الشرع كصيام رمضان، وجب عليه صيام رمضان وأفطر لعذر، ثم بعد ذلك تمكن من القضاء ولم يصم حتى مات، هل يقضى عنه أو لا يقضى عنه؟

    ظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يقضى عنه، وهذا ما عليه جمهور العلماء رحمهم الله، وأن ما وجب بأصل الشرع لا يقضى.

    والرأي الثاني: وهو قول الظاهرية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم ، أنه يقضى عنه؛ لعموم حديث ابن عباس وعائشة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صامَ عنه وليه).

    ونبهنا بالأمس إلى أن من أفطر في رمضان لعذر لا يرجى زواله، ثم بعد ذلك مات فهذا لا إشكال بأنه يطعم عنه؛ لأن الواجب عليه هو الإطعام، وإن أحب وليه أن يصوم عنه أيضاً يصوم لعموم الأحاديث، لكن إذا كان الفطر لعذر يرجى زواله، وتمكن من القضاء فمات ولم يقض، وخلَّف تركة، فعند أكثر أهل العلم أنه لا يصام عنه، بل يطعم عنه.

    والرأي الثاني: أن لوليه أن يصوم عنه؛ لما ذكرنا من عموم حديث ابن عباس وعائشة رضي الله تعالى عنهما.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وكذلك كل نذر طاعة)، يقول المؤلف: كل نذر طاعة نذرها المسلم ومات ولم يوفها فإنه يستحب لوليه أن يقضيها، فمثلاً لو نذر أن يصلي ركعتين، وقبل أن يصلي هاتين الركعتين مات، وقد تمكن من الصلاة، فنقول: يستحب لوليه أن يقضي عنه هاتين الركعتين.

    كذلك أيضاً لو نذر أن يحج أو يعتمر أو يقرأ القرآن أو يتصدق ونحو ذلك, فإذا مات قبل أن يفعل هذه الأشياء، وقد تمكن منها، فإنه يستحب لوليه أن يقضيها عنه؛ لأن هذا النذر أصبح دينا في الذمة، والنبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم في صحيح البخاري يقول: (فديْن الله أحق بالوفاء).

    إذا نذر صدقة فإن كان خلف تركة يجب أن تخرج هذه الصدقة من التركة، لكن إذا ما خلف تركة يستحب لوليه أن يقضي هذه الصدقة عنه؛ لأنها أصبحت ديناً ولا يجب عليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088465584

    عدد مرات الحفظ

    776888930