إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [2]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • متن زاد المستقنع من المتون المهمة في الفقه الحنبلي؛ حيث اقتصر فيه مؤلفه على الراجح من أقوال المذهب مع تقصير في بعض المسائل فيه، وابتدأ فيه المؤلف بكتاب الطهارة كما هي عادة الفقهاء. مستهلاً بأقسام المياه؛ حيث قسمها إلى ثلاثة أقسام مبيناً أحكام كل قسم منها.
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أما بعد:

    فهذا مختصر في الفقه من مقنع الإمام الموفق أبي محمد على قول واحد, وهو الراجح في مذهب أحمد ، وربما حذفت منه مسائل نادرة الوقوع، وزدت ما على مثله يعتمد، إذ الهمم قد قصرت، والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت، ومع صغر حجمه حوى ما يغني عن التطويل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

    كتاب الطهارة:

    وهي: ارتفاع الحدث وما في معناه، وزوال الخبث.

    المياه ثلاثة: طهور لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس الطارئ غيره، وهو الباقي على خلقته، فإن تغير بغير ممازج كقطع كافور ودهن أو بملح مائي أو سخن بنجس كره، وإن تغير بمكثه أو بما يشق صون الماء عنه من نابت فيه أو ورق شجر أو بمجاورة ميتة أو سخن بالشمس أو بطاهر لم يكره ].

    تعريف الفقه

    تقدم أن ذكرنا نبذة موجزة عن هذا المتن الذي بين أيدينا، وتكلمنا عن شيء من مقدمة المؤلف رحمه الله تعالى، ووقفنا عند قوله رحمه الله تعالى: (أما بعد: فهذا مختصر في الفقه).

    وهذا شروع من المؤلف رحمه الله في بيان هذا الكتاب الذي ألفه، وبيان الطريقة التي سلكها في تأليفه لهذا الكتاب، فبين رحمه الله تعالى أن هذا الكتاب مختصر، والمختصر هو: ما قل لفظه وكثر معناه، وبين أن هذا المختصر في الفقه، وأنه على الراجح من مذهب الإمام أحمد كما سيأتينا إن شاء الله.

    والفقه في اللغة: الفهم، وأما في الاصطلاح فالفقه هو: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية، والفقه في الشرع أعم منه في الاصطلاح، فالفقه في الشرع هو: معرفة أحكام الله عقائد وعمليات، يعني أن باب العقيدة يدخل في الفقه بمدلوله الشرعي؛ لكنه لا يدخل في المدلول الاصطلاحي عند الفقهاء.

    وقولنا: (الأحكام الشرعية) يخرج الأحكام العادية والأحكام العقلية.

    وقولنا: (العملية) يخرج علم العقائد، فإنه ليس داخلاً في الفقه بالمدلول الاصطلاحي.

    وقولنا: (بأدلتها التفصيلية) يخرج علم أصول الفقه، فإن علم أصول الفقه يبحث في الأدلة الإجمالية.

    قال رحمه الله: (من مقنع الإمام الموفق أبي محمد ).

    بين أن هذا المختصر من كتاب المقنع، وسبق أن تكلمنا عن كتاب المقنع، وذكرنا أن كتاب المقنع يعتبر في المرتبة الثانية من حيث الشهرة عند الحنابلة، وأن الحنابلة رحمهم الله اشتهر عندهم متون، وأول متن اشتهر وألف في المذهب هو متن أبي القاسم الخرقي ، ثم جاء بعده ابن قدامة رحمه الله تعالى وألف كتابه المقنع والذي يعتبر زاد المستقنع مختصراً منه، ثم جاء ابن النجار رحمه الله تعالى وألف كتابه منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات.

    فالمؤلف رحمه الله بين أن هذا المتن الذي بين أيدينا مختصر من كتاب المقنع لـابن قدامة رحمه الله تعالى.

    منهج تأليف مختصر زاد المستقنع

    قال رحمه الله: (على قول واحد وهو الراجح في مذهب أحمد ).

    بين المؤلف رحمه الله تعالى أن هذا المتن على قول واحد، وأنه لم يذكر فيه إلا قولاً واحداً، وأن هذا القول هو الراجح عند المتأخرين من الحنابلة في مذهب الإمام أحمد ، وعلى هذا ما سنقرؤه من المسائل هي التي اصطلح المتأخرون على أنها مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، لكن قول المؤلف رحمه الله تعالى: (وهو الراجح في مذهب الإمام أحمد) فيه شيء من النظر؛ لأن ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه فيه بعض المسائل التي أخذت على هذا المتن، مما هو على خلاف المرجح عند المتأخرين أنه المذهب، لكن هذا لا يضر؛ فإن جملة الكتاب كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى على الراجح في مذهب الإمام أحمد ، وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن القواعد الفقهية قواعد في الجملة, وليست بالجملة، وقد ذكروا أن خروج بعض المسائل من القاعدة لا يقدح في كلية القاعدة، فنقول: قوله: (وهو الراجح في مذهب أحمد) هذا في الجملة وليس بالجملة، يعني: في معظم المسائل، وإن كان هناك مسائل لم تكن على الراجح في مذهب أحمد ، وسنشير -إن شاء الله- إلى شيء من هذه المسائل أثناء قراءتنا لهذا المختصر.

    قال رحمه الله: (وربما حذفت منه مسائل نادرة الوقوع).

    أي أنه حذف مسائل نادرة الوقوع، أوردها الموفق رحمه الله في كتابه المقنع، لكن الحجاوي رحمه الله لم يردها في مختصره زاد المستقنع، والعلة في ذلك أنها نادرة الوقوع كما أشار رحمه الله.

    قال رحمه الله: (وزدت ما على مثله يعتمد).

    يعني: كما أنه حذف مسائل نادرة الوقوع وجدت في كتاب المقنع, فقد زاد من عنده مسائل يعتمد عليها, يعني: يحتاج إليها، فهو رحمه الله اختصر وحذف وزاد.

    سبب اختصار المقنع في زاد المستقنع

    قال رحمه الله: (إذ الهمم قد قصرت، والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت).

    العلماء رحمهم الله يذكرون في مقدمة تآليفهم بعد الحمدلة أسباب التأليف، وكيفية التأليف، وموضوع التأليف, والمؤلف رحمه الله ذكر كيفية تأليفه وطريقة تأليفه لهذا المختصر, فتلخص لنا أولاً: أنه كتاب مختصر, وثانياً: أنه مختصر من كتاب المقنع لـابن قدامة رحمه الله تعالى, وثالثاً: أن هذا المختصر على الراجح في مذهب الإمام أحمد رحمه الله, ورابعاً: أنه حذف مسائل نادرة الوقوع, وخامساً: أنه زاد مسائل يحتاج إليها.

    ثم بين المؤلف رحمه الله بعد ذلك سبب اختصاره للمقنع مع أن الحنابلة رحمهم الله تعالى كانوا يحفظونه، فقال: (إذ الهمم), يعني: العزائم، (قد قصرت)، أي: العزائم في طلب العلم لم تكن كالعزائم في الزمن الماضي، فدعاه ذلك إلى أن يختصر هذا المختصر من كتاب المقنع.

    ثم قال: (والأسباب المثبطة), يعني: المقعدة (عن نيل المراد), يعني: عن نيل ما يصل إليه العلماء الكبار رحمهم الله، (قد كثرت)، فاحتاج إلى أن يختصر كتاب الموفق رحمه الله في كتابه زاد المستقنع، والغالب أن أهل العلم الكبار تكون هممهم كبيرة، فقد ذللوا أبدانهم لخدمة العلم ولطلب العلم, أما من كان في عهد المؤلف رحمه الله فكثرت عندهم الأسباب التي تثبطهم عن هذه الهمم العظيمة من المباحات والإغراق في المباحات, والكسل وعدم الصبر والجد، فاحتاج إلى أن يكتب هذا المختصر.

    قال رحمه الله: (ومع صغر حجمه حوى ما يغني عن التطويل).

    أي: ومع أن حجمه صغير فإنه قد اشتمل على ما يغني عن أن يكون أطول من ذلك، وهذا مدح من المؤلف رحمه الله تعالى لكتابه.

    قال رحمه الله: (ولا حول ولا قوة إلا بالله).

    يعني: لا تحول لنا من حال إلى حال إلا بالله عز وجل، والقوة صفة يستطيع بها الإنسان أن يفعل، فالإنسان لا يملك أن يتحول من حال إلى حال إلا بالله عز وجل، ولا يتقوى على هذا التحول إلا بالله عز وجل، فلا يتحول من معصية الله إلى طاعته إلا بالله سبحانه وتعالى، ولا يتقوى إلا بذلك، ولا يتحول من الكسل إلى طلب العلم والجد في ذلك إلا بالله، ولا يتقوى إلا به.

    قال رحمه الله: (وهو حسبنا ونعم الوكيل).

    يعني: هو سبحانه وتعالى معتمدنا ونعم الوكيل, يعني: المعتمد عليه والمفوض إليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088615958

    عدد مرات الحفظ

    777643323