إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [14]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله أمر بتعظيم شعائره، ومنها المسجد فلا يمتهن بتفال ونحوه، هذا وإن من السنن المؤكدة في الصلاة السترة، وسترة الإمام سترة لمن خلفه، ويشرع التفكر والدعاء عند سماع آيات الترهيب والترغيب، والصلاة في أصلها اللغوي: الدعاء، وهي أقوال وأفعال وهيئات تؤدى باطمئن
    قال المؤلف رحمه الله: [ ويبصق في الصلاة عن يساره، وفي المسجد في ثوبه، وتسن صلاته إلى سترة قائمة كآخرة الرحل، فإن لم يجد شاخصاً فإلى خط، وتبطل بمرور كلب أسود بهيم فقط، وله التعوذ عند آية وعيد، والسؤال عند آية رحمة ولو في فرض.

    فصل: في حصر أفعال الصلاة وأقوالها.

    أركانها: القيام, والتحريمة, والفاتحة، والركوع والاعتدال عنه، والسجود على الأعضاء السبعة، والاعتدال عنه، والجلوس بين السجدتين, والطمأنينة في الكل, والتشهد الأخير، وجلسته, والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، والترتيب, والتسليم ].

    تقدم لنا شيء مما يباح للمصلي أن يفعله، وذكر المؤلف رحمه الله تعالى ما يتعلق بتكرار الفاتحة, وقبل ذلك ذكر ما يتعلق بمكروهات الصلاة من تغميض العينين، والإقعاء، وأن يصلي وهو حاقن أو بحضرة طعام يشتهيه، ثم ذكر أيضاً جملة من الأحكام التي تباح للمصلي كعد الآي، وقتل العقرب والحية والقمل، وكذلك أيضاً ما يتعلق بلبس الثوب ولف العمامة إلى آخر ذلك.

    قال المؤلف رحمه الله: (ويبصق في الصلاة عن يساره، وفي المسجد في ثوبه).

    إذا احتاج المصلي إلى أن يبصق فيبصق في الصلاة عن يساره، أو تحت قدمه، وإن كان في المسجد فإنه لا يبصق في المسجد وإنما يبصق في ثوبه، وعلى هذا نقول: المصلي لا يخلو من حالتين إذا أراد أن يبصق:

    الحالة الأولى: أن يكون داخل المسجد، فهذا يبصق في ثوبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أمامة : ( من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة، وإن دفنه فحسنة )، وأيضاً ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها ) فسماه النبي صلى الله عليه وسلم خطيئة، وهذا مما يدل على أنه إذا كان في المسجد فإنه لا يبصق فيه وإنما يبصق في ثوبه؛ لأنه خطيئة، والخطيئة ذنب.

    وأيضاً في حديث أنس رضي الله تعالى عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بصق في ثوبه )، كما سيأتي إن شاء الله.

    وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها )، وهذا كان في الزمن السابق عندما كانت المساجد من الحصباء والرمل، حيث يمكن أن تدفن، وبعض العلماء أخذ بظاهر الحديث أنه يحفر له.

    على كل حال: إذا كان في المسجد فإنه يبصق في ثوبه، أو في شيء خارج كمنديل ونحو ذلك، ولا يبصق في المسجد، وإذا كان خارج المسجد فهو بالخيار إن شاء بصق في ثوبه، وإن شاء بصق عن يساره، وإن شاء بصق تحت قدمه، فهذا كله جائز؛ ويدل لهذا حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا قامت الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبزقن في قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه )، وإن بصق في ثوبه أو في منديل ونحو ذلك فهذا جائز ولا بأس به، وهو أحسن.

    ولا يبصق عن يمينه؛ لأن على يمينه ملكاً، ولكن أليس على يساره ملكاً؟ أجاب العلماء رحمهم الله بأن الملك الذي عن اليمين أعلى رتبة من الملك الذي عن اليسار؛ ولأن القاعدة الشرعية أن ما كان من المستخبثات فإنه تقدم فيه اليسار، وهنا تقدم جهة اليسار فيما يتعلق بالمستخبثات على جهة اليمين، فلا يبصق في قبلته ولكن يبصق عن يساره أو تحت قدمه، وهل النهي عن البصاق جهة القبلة خاص بالصلاة أو أنه يشمل الصلاة وغيرها؟

    للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان:

    الرأي الأول: ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله: أن النهي عن البصاق جهة القبلة خاص في الصلاة، أما خارج الصلاة فإن هذا جائز ولا بأس به؛ ويدل له ما تقدم من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه- أو: ربه بينه وبين القبلة- فلا يبزقن في قبلته )، أما خارج الصلاة فلا بأس أن يبصق جهة القبلة.

    الرأي الثاني: أن النهي شامل لداخل الصلاة وخارجها، وهذا ذهب إليه النووي رحمه الله تعالى، وقد ورد ذلك عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنه كره أن يبصق عن يمينه، وكذلك أيضاً في قبلته من باب أولى، وورد عن معاذ رضي الله تعالى عنه أنه قال: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت، وكذلك أيضاً فيما يتعلق بقبلته، وكون الإنسان ينزه جهة اليمين وينزه جهة القبلة فهذا أحوط.

    وكما تقدم لنا في باب الاستنجاء أن الراجح ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها في حال قضاء الحاجة، سواء كان في الصحراء أو كان في البنيان، وكما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن ذلك ورد في بضعة عشر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهل النهي عن البصاق جهة القبلة وعن يمينه للتحريم أو للكراهة؟

    العلماء رحمهم الله تعالى لهم في ذلك رأيان:

    الرأي الأول: وهو لكثير من العلماء رحمهم الله حيث يرون أنه للكراهة.

    والرأي الثاني: ذهب إليه الشوكاني رحمه الله تعالى: أن النهي للتحريم لظاهر أدلة النهي، وفي حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً: ( من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفلته بين عينيه )، وهذا مما يدل على أن النهي للتحريم؛ لأن هذه عقوبة، وحديث حذيفة أخرجه ابن خزيمة رحمه الله تعالى في صحيحه، وكذلك أيضاً ابن حبان.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088523627

    عدد مرات الحفظ

    777120241