إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [15]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تعتبر الصلاة باطلة بترك ركعة أو واجب عمداً، ومما تجبر به الصلاة سجود السهو، وله ثلاثة أسباب: الزيادة والنقص والشك، والزيادة تنقسم إلى أقوال وأفعال، والنقصان قد يكون بنقص ركعة أو ركن أو واجب.
    قال المؤلف رحمه الله: [وواجباتها: التكبير غير التحريمة، والتسميع والتحميد، وتسبيحتا الركوع والسجود، وسؤال المغفرة مرة مرة، ويسن ثلاثاً، والتشهد الأول، وجلسته، وما عدا الشرائط والأركان والواجبات المذكورة سنة، فمن ترك شرطاً لغير عذر غير النية فإنها لا تسقط بحال، أو تعمد ترك ركن أو واجب بطلت صلاته بخلاف الباقي، وما عدا ذلك سنن أقوال وأفعال لا يشرع السجود لتركه، وإن سجد فلا بأس.

    باب سجود السهو: يشرع لزيادة ونقص وشك، لا في عمد في الفرض والنافلة، فمتى زاد فعلاً من جنس الصلاة قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً عمداً بطلت، وسهواً يسجد له، وإن زاد ركعة فلم يعلم حتى فرغ منها سجد، وإن علم فيها جلس في الحال فيتشهد إن لم يكن تشهد، وسجد وسلم، وإن سبح به ثقتان فأصر ولم يجزم بصواب نفسه بطلت صلاته وصلاة من تبعه عالماً لا جاهلاً أو ناسياً ولا من فارقه، وعمل مستكثر عادة من غير جنس الصلاة يبطلها عمده وسهوه، ولا يشرع ليسيره سجود، ولا تبطل بيسير أكل وشرب سهواً أو جهلا، ولا نفل بيسير شرب عمداً، وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة في سجود وقعود وتشهد في قيام وقراءة سورة في الأخيرتين لم تبطل، ولم يجب له سجود بل يشرع، وإن سلم قبل إتمامها عمداً بطلت، وإن كان سهواً ثم ذكر قريباً أتمها وسجد، فإن طال الفصل أو تكلم لغير مصلحتها بطلت ككلامه في صلبها ولمصلحتها إن كان يسيراً لم تبطل].

    تقدم لنا في الدرس السابق ما يتعلق بأركان الصلاة، وذكر المؤلف رحمه الله تعالى هذه الأركان، وذكرنا ما يتعلق بها من أدلة، وتقدم لنا تعريف الركن، وأن الركن لا يسقط لا في العمد ولا في السهو، ثم بعد ذلك شرع المؤلف رحمه الله تعالى في بيان واجبات الصلاة.

    قال المؤلف رحمه الله: (وواجباتها التكبير).

    واجبات الصلاة على المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى ثمانية كما سيأتي إن شاء الله، وعند جمهور العلماء أن هذه الثمانية ليست من قبيل الواجبات وإنما هي من قبيل السنن، ولكل منهم دليل.

    واستدل الحنابلة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ببعض هذه الواجبات، والأصل في الأمر الوجوب، ومن ذلك حديث أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به, فإذا كبر فكبروا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد ) رواه البخاري ، الشاهد قوله: ( إذا كبر فكبروا )، وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فيدل ذلك على وجوب تكبيرات الانتقال.

    وأيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد ) وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، واستدلوا بحديث عقبة بن عامر : ( أنه لما نزل قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في سجودكم )، وهذا أمر، ( ولما نزل قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74] قال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم )، وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، وهذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم. وبعض أهل العلم يثبت هذا الحديث، وبعضهم لا يثبته.

    واستدلوا بحديث حذيفة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى من الليل وسجد جلس بين السجدتين, وجعل يقول: رب اغفر لي.. رب اغفر لي ) إلى آخره.

    واستدلوا على ذلك بحديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التكبير والتسبيح وقراءة القرآن )، فحصر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بهذه الأمور: بالتكبير والتسبيح وقراءة القرآن.

    الجمهور قالوا بأن هذه الثمانية ليست واجبة، واستدلوا على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمها الذي لم يحسن صلاته فدل ذلك على أنها غير واجبة، والجواب عن هذا من أمرين:

    الأمر الأول: يقال بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما علمه الأشياء التي أخل بها في صلاته.

    الأمر الثاني: أنه لا يسلم، فإنه جاء في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه تكبيرات الانتقال.

    وعلى هذا فالأقرب في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله تعالى، ويستدل الجمهور بأن النبي صلى الله عليه وسلم قام عن التشهد الأول، ولو كان واجباً لرجع إليه، مما يدل على أنه ليس واجباً.

    لكن الجواب عن هذا سهل: نقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم جبره بسجود السهو، ولو كان مستحباً ما جبره بالسجود، بل كون النبي صلى الله عليه وسلم يجبره بالسجود فهذا يدل على أنه واجب.

    فالخلاصة في ذلك: أن هذه الثمانية على المشهور من المذهب أنها واجبة، وعند جمهور العلماء أنها ليست واجبة، وأنها من قبيل السنن، والصواب في ذلك وهو الأحوط ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله.

    قال المؤلف رحمه الله: (وواجباتها التكبير غير التحريمة).

    تكبيرات الانتقال واجبة، أما تكبيرة الإحرام فركن كما سلف، ويستثنى من ذلك المسبوق إذا جاء والإمام راكع فإنه يكتفي بتكبيرة واحدة، إذا كبر لإحرام كفاه ذلك عن تكبيرة الانتقال.

    قال المؤلف رحمه الله: (والتسميع).

    يعني: أن يقول الإمام والمنفرد سمع الله لمن حمده، فهذا واجب من واجبات الصلاة.

    قال المؤلف رحمه الله: (والتحميد).

    أي: أن يقول المأموم: ربنا ولك الحمد.

    وبالنسبة للتسميع والتحميد المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن الإمام والمنفرد كل منهما يجمع بين التسميع والتحميد، فالإمام يقول: سمع لمن حمده ربنا ولك الحمد، وكذلك المنفرد يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، أما بالنسبة للمأموم فإنه يقتصر على التحميد، هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ، وكذلك أيضاً المشهور.

    الرأي الثاني: رأي مالك والشافعي : أن كل مصل يجمع بين التسميع والتحميد، فالإمام يجمع بينهما، والمأموم يجمع بينهما، وكذلك المنفرد يجمع بينهما, ولكل منهم دليل.

    أما الذين قالوا بأنه يجمع, فبالنسبة لجمع الإمام والمنفرد بينهما هذا يتفق عليه أحمد ومالك والشافعي ، لكنهم يختلفون في المأموم، فالحنابلة يقولون بأن المأموم يقتصر على التحميد، ومالك والشافعي يقولان بأن المأموم يجمع بين التسميع والتحميد.

    واستدل الحنابلة بما تقدم من حديث أنس : ( وإذا قال: سمع الله لمن حمده, فقولوا: ربنا ولك الحمد )، ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فقولوا ربنا ولك الحمد ) أن المأموم يقتصر على التحميد ولا يأتي بالتسميع.

    وأما الذين قالوا بأنه يجمع بينهما فاستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين التسميع والتحميد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) والحنابلة يقولون: نعم، يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكن يستثنى من ذلك المأموم؛ لأن ظاهر حديث أنس : ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد ) أمر بقول: ربنا ولك الحمد، فيفهم منه أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده.

    قال المؤلف رحمه الله: (وتسبيحتا الركوع والسجود).

    الواجب أن يسبح تسبيحة واحدة في ركوعه وفي سجوده، وتقدم الكلام على هذه المسألة في صفة الصلاة، وذكرنا مقدار ما يسبحه الإمام, وما يسبحه المأموم، وما يسبحه المنفرد، وما أدنى الكمال، وتسبيحة الركوع والسجود -كما أسلفنا- عند الحنابلة أن هاتين التسبيحتين من قبيل الواجبات، وعند جمهور العلماء من قبيل السنن؛ ودليل ذلك كما تقدم حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه.

    قال المؤلف رحمه الله: (وسؤال المغفرة مرة مرة).

    يعني: أن يقول بين السجدتين: رب اغفر لي؛ ويدل لذلك حديث حذيفة ، وسبق الخلاف في هذه المسألة.

    قال المؤلف رحمه الله: (ويسن ثلاثاً).

    تقدم الكلام على هذه المسألة في صفة الصلاة، وذكرنا قدر ما يسبحه المنفرد، وقدر ما يسبحه المأموم، وقدر ما يسبحه الإمام.

    قال المؤلف رحمه الله: (والتشهد الأول وجلسته).

    التشهد الأول وجلسته من الواجبات؛ ويدل لذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام به كما في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ومما يدل على أنه واجب ما سلف أن أشرنا إليه من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام عن التشهد الأول جبره بسجود السهو.

    قال المؤلف رحمه الله: (وما عدا الشرائط والأركان والواجبات المذكورة سنة).

    يقول: ما عدا ما سبق من شروط الصلاة وأركان الصلاة وواجبات الصلاة سنن.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088521800

    عدد مرات الحفظ

    777103852