إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [22]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن صلاة الجماعة عنوان وحدة المسلمين، كيف لا والمأموم يجب عليه متابعة إمامه في كل صلاته، ويحرم عليه مسابقته أو التخلف عنه، وكما أنه يجب على الإمام الرحمة برعيته فكذلك إمام الصلاة يخفف على من وراءه في الصلاة مع الاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك،
    قال الحجاوي رحمه الله تعالى في باب صلاة الجماعة: [ ويسن لإمام التخفيف مع الإتمام, وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية، ويستحب انتظار داخل إن لم يشق على مأموم، وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها، وبيتها خير لها.

    فصل: في أحكام الإمامة.

    الأولى بالإمامة الأقرأ العالم فقه صلاته, ثم الأفقه، ثم الأسن، ثم الأشرف، ثم الأقدم هجرة، ثم الأتقى، ثم من قرع، وساكن البيت وإمام المسجد أحق إلا من ذي سلطان، وحر وحاضر ومقيم وبصير ومختون ومن له ثياب أولى من ضدهم، ولا تصح خلف فاسق ككافر، ولا امرأة ولا خنثى للرجال، ولا صبي لبالغ، ولا أخرس].

    تكلمنا في الدرس السابق عن حكم قراءة المأموم للفاتحة، وهل يجب عليه أن يقرأها أو لا يجب عليه؟ وذكرنا أن العلماء رحمهم الله اختلفوا على أقوال، وأن أقرب الأقوال ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المأموم يجب عليه أن يقرأ في ما يسر به الإمام من الركعات، وأما ما يجهر به الإمام من الركعات فإنه لا يجب عليه أن يقرأ، وذكرنا أن المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى أن المأموم لا يجب عليه أن يقرأ مطلقاً سواء كان ذلك في الصلاة السرية أو كان ذلك في الصلاة الجهرية.

    وتكلمنا أيضاً عن مسابقة المأموم للإمام، وذكرنا أن المشهور من المذهب أن المسابقة لا تخلو من أربع حالات، وذكرنا حكم المسابقة في تكبيرة الإحرام، وحكم المسابقة في السلام، وأما ماعدا ذلك فإن له أربع حالات، وذكرنا الحال الأولى, وهي السبق إلى الركن.

    والحال الثانية: السبق بركن الركوع.

    والحال الثالثة: السبق بركن غير الركوع.

    والحال الرابعة: السبق بركنين ليس فيهما الركوع، وبينا حكم كل حالة من هذه الحالات.

    وذكرنا أن أحوال المأموم مع الإمام أربع حالات: المسابقة والتخلف والموافقة والمتابعة، وأن السنة هي المتابعة, وأنهينا ما يتعلق بالمسابقة.

    موافقة المأموم للإمام

    الحالة الثانية: وهي ما يتعلق بالموافقة، والموافقة هي: أن يوافق المأموم الإمام في شيء من أقوال الصلاة أو أفعالها, ومثال أن يوافقه في بقية الأقوال غير تكبيرة الإحرام وغير السلام، فهذا لا شيء فيه, فمثلاً لو أن الإمام ركع وجعل يقول: سبحان ربي العظيم والمأموم أيضاً ركع وجعل يقول: سبحان ربي العظيم، وتوافقا في تسبيحة الركوع أو السجود، أو قول: رب اغفر لي، فهذا لا شيء فيه.

    ومثال أن يوافقه في بقية الأفعال، كأن يركع مع الإمام، أو أن يرفع مع الإمام, أو أن يسجد مع الإمام، فهذا يكره خلافاً للحنفية، فهم يرون أن المتابعة هي أن توافقه في الفعل، فإذا ركع تركع معه، وإذا سجد تسجد معه، وهذا لاشك أنه ضعيف، والصحيح ما ذهب إليه الفقهاء رحمهم الله, وأن كونك توافق الإمام نقول: بأنه مكروه.

    ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا )، وفي سنن أبي داود : ( ولا تركعوا حتى يركع ).

    تخلف المأموم عن الإمام

    الحال الثالثة: التخلف عن الإمام، والمشهور من المذهب أن حكم التخلف هو حكم المسابقة كما سبق، والأقرب في ذلك أن نقول: التخلف عن الإمام ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: أن يكون التخلف لعذر، مثلاً: إنسان حصل له غفلة وركع الإمام وهو لم يركع، أو حصل له سهو أو نعاس بحيث سجد الإمام وهو ما سجد، أو قرأ الإمام في الصلاة السرية وهو ما قرأ، المهم: أن التخلف كان لعذر، فنقول: إذا كان التخلف لعذر فإن المأموم يأتي بما تخلف به عن إمامه ويتابع الإمام، إلا أن يصل إليه الإمام في موضع تخلفه، فإذا وصل إليه الإمام في موضع تخلفه فإنه يتابع الإمام ولا يأتي بما تخلف به عن الإمام، ويأتي بعد سلام الإمام بركعة, مثال ذلك: مأموم قام مع الإمام، ثم الإمام ركع وهو لم يركع، ورفع الإمام وسجد وهذا المأموم لا يزال في غفلة، ثم بعد ذلك زالت عنه هذه الغفلة، فنقول: اركع وارفع واسجد وتابع الإمام، لكن لو أن الإمام ركع، ورفع، وسجد سجدتين، وقام حتى وصل إليه في موضع تخلفه فنقول: بأنه يتابع الإمام ويأتي بركعة عند نهاية الصلاة، ولا يأتي بالأركان التي تخلف فيها عن الإمام.

    القسم الثاني: أن يكون التخلف لغير عذر، يعني: عمداً، كأن ركع الإمام وهو لم يركع، أو سجد الإمام وهو لم يسجد، فنقول: هنا خالف السنة، فإن أدرك الإمام في الركن فصلاته صحيحة, لكنه خالف السنة، وإن لم يدرك الإمام في الركن بأن لحقه الإمام في موضع التخلف نقول: بطلت عليه صلاته.

    ولنفرض أن مأموماً قام مع الإمام، ثم الإمام ركع والمأموم لم يركع، ثم بعد ذلك ركع المأموم -تخلفه كان لغير عذر، تخلف عمداً- وأدرك الإمام في الركوع، فنقول هنا: صلاته صحيحة, لكنه خالف السنة.

    ولو أن الإمام فرغ من الركن قبل أن يدركه المأموم في الركن الذي تخلف عنه فيه فإن صلاته تبطل عليه، كأن ركع الإمام والمأموم لا يزال قائماً، ثم بعد ذلك الإمام رفع من الركوع -فرغ من الركن الذي تخلف عنه فيه المأموم- فنقول: بأن صلاة هذا المأموم تبطل عليه.

    فتلخص لنا: أن التخلف عن الإمام ينقسم إلى قسمين: إما أن يكون لعذر, وهذا بيناه، وإما أن يكون لغير عذر، فنقول: إن أدرك المأموم الإمام في الركن الذي تخلف عنه فيه فصلاته صحيحة، لكنه خالف السنة، وإن لم يدركه في الركن الذي تخلف فيه فنقول: بأن صلاته تبطل عليه مادام أن التخلف كان لغير عذر، أي: كان متعمداً.

    متابعة المأموم للإمام

    الحالة الرابعة: المتابعة، وهي: أن يأتي المأموم بالركن بعد أن يتلبس به الإمام، فإذا ركع وظننت أنه استتم راكعاً تركع، وإذا سجد وظننت أنه استتم ساجداً فإنك تسجد، هذه هي المتابعة المشروعة.

    وسبق أن أشرنا إلى مذهب أبي حنيفة رحمه الله أن المتابعة المشروعة هي: أن يوافق المأموم الإمام في الأفعال، فيركع معه، ويرفع معه ... إلى آخره، ولهذا الذين يتابعون مذهب أبي حنيفة تجد أحدهم يركع مع الإمام إذا ركع، وإذا هوى الإمام للسجود سجد، ولاشك أن هذا غير صحيح، والصواب في ذلك: أن المتابعة المشروعة أن يأتي المأموم بالركن بعد أن يتلبس به الإمام.

    ويدل لذلك: حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: ( سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداً )، وفي حديث عمرو بن حريث : ( حتى يستتم ساجداً ). وحديث البراء في البخاري ، وحديث عمرو بن حريث في مسلم .

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088555889

    عدد مرات الحفظ

    777302401