إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [30]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • شرع الله لنا أعياداً نظهر فيها أفراحنا، وتزداد فيها مسراتنا، ونشكر فيها خالقنا على توفيقه لنا لقضاء شعائرنا من أركان الإسلام، فأعيادنا عبادات مشتملة على الذكر والخشوع والخضوع، واتباع لرسولنا الكريم فيما شرع من آداب وأخلاق، وليست كما يفهم البعض من الأعياد
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما، ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا له، أو لمن يكلمه، ويجوز قبل الخطبة وبعدها.

    باب: صلاة العيدين.

    وهي فرض كفاية، إذا تركها أهل بلدٍ قاتلهم الإمام، ووقتها كصلاة الضحى، وآخره الزوال، فإن لم يُعلم بالعيد إلا بعده صلوا من الغد.

    وتسن في صحراء، وتقديم صلاة الأضحى، وعكسه الفطر، وأكله قبلها، وعكسه في الأضحى إن ضحى، وتُكره في الجامع بلا عذر، ويسن تبكير مأمومٍ إليها ماشيًا بعد الصبح، وتأخر إمامٍ إلى وقت الصلاة على أحسن هيئة، إلا المعتكف ففي ثياب اعتكافه.

    ومن شرطها استيطانٌ، وعدد الجمعة، لا إذن إمام، ويسن أن يرجع من طريقٍ آخر، ويصليها ركعتين قبل الخطبة].

    تقدم لنا بعض الآداب والسنن التي تُشرع في يوم الجمعة، وذكرنا من ذلك ما يتعلق بالسنن الرواتب، وهل للجمعة سنةٌ راتبةٌ قبلية؟ وعرفنا أنه ليس لها سنةٌ راتبة قبلية؛ لكن بالنسبة للسنة البعدية فالمؤلف رحمه الله يرى أن أقلها ركعتان، وأن أكثرها ستٌ، وأن المصلي بالخيار، إن شاء أن يصلي ركعتين فله ذلك، وإن صلى أربعاً فله ذلك، وإن صلى ستاً فله ذلك... إلى آخره.

    وذكرنا الرأي الثاني والثالث في هذه المسألة، وذكرنا ما يتعلق بالغُسل يوم الجمعة، وبينا حكمه، هل هو واجب أو مسنون، أو أنه واجبٌ على من له رائحة... إلخ؟

    وما يتعلق بالطيب، وبقوله: (ويتنظف)... إلخ، وما يتعلق أيضاً بكثرة الدعاء يوم الجمعة، وما يتعلق بقراءة سورة الكهف... إلخ.

    تحية المسجد أثناء الخطبة وبيان حكمها

    قال رحمه الله تعالى: (ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما).

    من دخل والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، ودليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام قد خرج، فليصل ركعتين )، ويُخفف هاتين الركعتين لما جاء في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وليتجوز فيهما).

    والأمر بفعل تحية المسجد حال الخطبة استدل به بعض العلماء على أن تحية المسجد واجبة، كـالشوكاني وغيره، وعند جمهور العلماء: أنها سنة.

    فالذين قالوا بالوجوب استدلوا بمثل هذا الحديث: ( إذا جاء أحدكم والإمام قد خرج يوم الجمعة فليصل ركعتين )، فهذا أمر، واستدلوا بوجه آخر وهو أن استماع الخطبة واجب كما تقدم لنا، وكون النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بالصلاة حال استماع الخطبة هذا فيه تركٌ للواجب، ولا يُترك الواجب إلا لواجب، وهذا لا شك أنه دليل قوي، واستدلوا أيضاً بحديث أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) وهو في الصحيحين.

    وعند الجمهور: أن تحية المسجد سنة وليست واجبة، واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة)، فالواجب خمس صلوات، وكذلك حديث طلحة بن عبيد الله أيضاً في الصحيحين في قصة الرجل الذي جاء يسأل عن شرائع الإسلام، وسأل عن الصلاة، فقال: ( خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع ).

    وقالوا: الأحاديث الآمرة بتحية المسجد كحديث أبي قتادة، والآمرة بالتحية حال الخطبة وجد الصارف لها، وقد ذكر العلماء رحمهم الله ما يقرب من ثمانية صوارف:

    ومن هذه الصوارف:

    أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل بخطبة الجمعة ويجلس، وما كان يصلي ركعتين.

    وكذلك أيضاً من الصوارف: ما ثبت في صحيح البخاري من قصة النفر الثلاثة الذين دخلوا والنبي صلى الله عليه وسلم في حلقة، أما أحدهم: فوجد فرجةً فجلس فيها، وأما الآخر: فلم يجد فرجة فجلس خلف الناس، وأما الثالث: فذهب، ففي هذا الحديث دليل على أن التحية ليست واجبة؛ لأن هذا الذي دخل جاء وجلس ولم يُذكر أنه صلى التحية.

    وكذلك أيضاً: استدلوا بقصة كعب بن مالك لما تاب الله عز وجل عليه، جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، ولم يُذكر أنه صلى التحية، فهذه صوارف تصرف هذه الأوامر من الوجوب إلى الاستحباب.

    الكلام أثناء الخطبة مع غير الخطيب

    قال رحمه الله تعالى: (ولا يجوز الكلام والإمام يخطب).

    تقدمت لنا هذه الجملة، وذكرنا دليل ذلك من قول الله عز وجل: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]، وأيضاً حديث أبي هريرة في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قلت: لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت، فقد لغوت )، وهذا دليل حصول اللغو منه والإمام يخطب، فيكون سبباً لذهاب أجره، يعني: أجر الاستماع للخطبة، فيدل على أن الكلام والإمام يخطب لا يجوز.

    قال رحمه الله: (إلا له، أو لمن يكلمه).

    يعني: لا بأس أن الإمام يتكلم في خطبة الجمعة، أو أن المأموم يكلم الإمام، كما ذكر ابن القيم رحمه الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع خطبته للحاجة تعرض له، كما في حديث سليك الغطفاني، قال له صلى الله عليه وسلم: (أصليت ركعتين).. إلخ، وكذلك أيضاً في قصة الرجل الذي تأخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجلس فقد آنيت وآذيت).. إلخ، فلا بأس إذا كان هناك مصلحة أن يقطع خطبته لكي يكلم أحد المأمومين، أو يكلمه أحد المأمومين، فلو أن أحد المأمومين احتاج إلى أن يستفسر عن شيءٍ من الخطبة، فإنه لا بأس أن يقطع خطبته، ومثل ذلك: لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر لأخذ الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما.

    قال رحمه الله: (ويجوز قبل الخطبة وبعدها).

    لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والإمام يخطب)، فيُفهم منه أنه إذا كان الإمام لا يخطب فلا بأس أن تتكلم قبل الخطبة أو بعدها، وكذلك بين الخطبتين لا بأس بالكلام، لكن هذا على سبيل الإباحة، فإنَّ المشروعية شيء والإباحة شيءٌ آخر، فالمشروع للمسلم أن يشتغل بالذكر، والدعاء، والقراءة، ونحو ذلك؛ لكن لو أنه تكلم فهذا جائز ولا بأس به.

    وقد ذكر العلماء رحمهم الله: أن المأموم المستمع إذا صُلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يصلي عليه سراً، وإذا سلم أو سُلم عليه فإنه يرد السلام سراً، وإذا عطس فإنه يحمد الله سراً، وكذلك إذا عطس من بجانبه وحمد الله، فإنه يشمته سراً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088538026

    عدد مرات الحفظ

    777200052