إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الصيام [8]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من أراد الاعتكاف فإنه لا بد أن يعتكف في مسجد جامع إلا المرأة فلها الاعتكاف في أي مسجد، ومن نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة لزمه، ويجوز له أن يتنفل فيها من المفضول إلى الأفضل، ويبطل الاعتكاف بالجماع والخروج لغير حاجة، ويكثر المعتكف من العبادة المحضة والمتع
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا يصح إلا في مسجد يجمع فيه، إلا المرأة ففي كل مسجد سوى مسجد بيتها، ومن نذره أو الصلاة في مسجد غير الثلاثة، وأفضلها الحرام فمسجد المدينة فالأقصى لم يلزمه فيه، وإن عين الأفضل لم يجز فيما دونه، وعكسه بعكسه. ومن نذر زمناً معيناً دخل معتكفه قبل ليلته الأولى، وخرج بعد آخره، ولا يخرج المعتكف إلا لما لابد له منه، ولا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة إلا أن يشترطه، وإن وطئ في فرج فسد اعتكافه، ويستحب اشتغاله بالقرب، واجتناب ما لا يعنيه].

    تقدم لنا ما يتعلق بالصيام المستحب، وما يكره من الصيام وما يحرم، وكذلك أيضاً تقدم لنا ما يتعلق بحكم قطع الفرض، وكذا ما يتعلق بقطع النفل، وهل يلزم النفل بالشروع فيه؟ وهل يجب قضاؤه إذا قطع؟ وشرعنا في أحكام الاعتكاف، فذكرنا تعريف الاعتكاف في اللغة والاصطلاح، وأن حكمته هو جمع القلب على الله عز وجل، والانقطاع عن الخلق إلى الخالق.

    وتقدم لنا من شروط الاعتكاف الصوم؛ هل يشترط الصوم لصحة الاعتكاف أو نقول: بأن الصوم ليس شرطاً للاعتكاف؟ وذكرنا خلاف أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة، وأن الصواب أن الصوم ليس شرطاً في الاعتكاف كما مشى عليه المؤلف رحمه الله، وذكرنا دليل ذلك من قول الله عز وجل: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، وأيضاً أن عمر رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، والليل ليس محلاً للصيام، وكذا ما يتعلق بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم للصوم في العشر الأول من شوال، ويدخل في هذه العشر يوم العيد، والعيد ليس محلاً للصيام.

    قال رحمه الله: (ولا يصح إلا في مسجد يجمع فيه).

    هذا الشرط الثاني الذي ذكره المؤلف رحمه الله من شروط صحة الاعتكاف: أن يكون الاعتكاف في مسجد تقام فيه الجماعة، والمعتكف لا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن يكون رجلاً، والحالة الثانية: أن يكون امرأة.

    صفة المسجد الذي يصح فيه اعتكاف الرجل

    أما الحالة الأولى -وهي إذا ما كان المعتكف رجلاً- فيقول المؤلف رحمه الله: لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه؛ يعني: تقام فيه الجماعة، ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، وأيضاً سنة النبي صلى الله عليه وسلم تدل لذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في مسجده، وأيضاً لو اعتكف في مسجد لا تقام فيه الجماعة للزم لذلك أحد أمرين:

    الأمر الأول: أن يترك الجماعة، وصلاة الجماعة واجبة، فيكون فعل سنة وترك واجباً.

    والأمر الثاني: أن يكثر الخروج من معتكفه إلى صلاة الجماعة، ولا شك أن ركن الاعتكاف هو اللبث في المسجد، فهو سيخل بركن الاعتكاف، ولهذا ذهب المؤلف رحمه الله إلى أنه يشترط أن يكون الاعتكاف في مسجد تقام فيه الجماعة، وهذا ما ذهب إليه الحنفية. وهذا الرأي الأول.

    الرأي الثاني: أنه لا يشترط أن يكون المسجد مما تقام فيه الجماعة، وهذا قول المالكية والشافعية؛ يعني يقولون: يصح في كل مسجد، ولا يشترط أن يكون في مسجد تقام فيه الجماعة، لكن قالوا: إن تخلل اعتكافه جمعة فإنه يجب أن يكون في الجامع، ويستدلون بعموم الآية: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، وهذا يشمل كل مسجد.

    الرأي الثالث في هذه المسألة: أن الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، وما عدا ذلك فإن الاعتكاف لا يصح في بقية المساجد، ودليلهم على ذلك حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة)، وهذا الحديث رواه البيهقي، والطحاوي في مشكل الآثار، والذهبي في سير أعلام النبلاء، لكنه لا يثبت مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه موقوفاً على حذيفة ليس مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الرزاق أوثق من غيره ممن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كـمحمد بن آدم، فقد اضطرب في متنه، وكذلك أيضاً هشام بن عمار ومحمد بن فرج ، فـعبد الرزاق أوثق من هؤلاء وقد أوقفه على حذيفة ، ولو فرض أنه صحيح وأنه ثابت فإنه يحمل على الكمال؛ يعني: لا اعتكاف كامل إلا في المساجد الثلاثة؛ لأن الاعتكاف توفرت فيه شروطه وأركانه.

    والأقرب في هذه المسألة ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة، وهو قول وسط، وأن الاعتكاف يصح في كل مسجد تقام فيه الجماعة.

    صفة المسجد الذي يصح فيه اعتكاف المرأة

    قال رحمه الله: (إلا المرأة ففي كل مسجد سوى مسجد بيتها).

    هذه هي الحالة الثانية، يقول المؤلف رحمه الله: يصح أن تعتكف المرأة في كل مسجد إلا مسجد بيتها، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى، وخالف في ذلك الحنفية؛ فيرون أن المرأة يصح أن تعتكف في مسجد بيتها.

    والصواب ما عليه جمهور أهل العلم رحمهم الله، وأن المرأة لابد أن تعتكف في المسجد العام، وأنه لا يصح أن تعتكف في مسجد بيتها، ويدل لذلك اعتكاف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده، ولو صح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه إلى ذلك، ولهذا لما ضربن أخبيتهن قال النبي صلى الله عليه وسلم: (آلبر أردن؟)، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهن.

    فالصواب في هذه المسألة ما عليه جمهور أهل العلم، وأن المرأة تعتكف في كل مسجد إلا مسجد بيتها.

    إذاً: ما هو الفرق بين الرجل والمرأة؟

    الفرق أن الرجل يشترط أن يكون المسجد مما تقام فيه الجماعة، أما المرأة فلا يشترط أن يكون المسجد مما تقام فيه الجماعة؛ لأن المرأة ليست من أهل الجمع والجماعات، فلو فرض أن عندنا مسجداً هجره الناس لا يصلون فيه، فالرجل لا يصح أن يعتكف فيه، لكن بالنسبة للمرأة يصح أن تعتكف فيه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088534012

    عدد مرات الحفظ

    777178707