إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [15]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من فاته وقت الذبح فعليه قضاء الواجب كالأضحية المعينة، والتعيين يحصل بالقول والفعل كالإشعار، والأضحية سنة، وأوجبها أبو حنيفة على القادر، ويستحب أن تقسم أثلاثاً: يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث.
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويكره في ليلتيهما فإن فات قضى واجبه.

    فصل في أحكام التعيين وما يتعلق بذلك:

    ويتعينان بقوله: هذا هدي أو أضحية لا بالنية، وإذا تعينت لم يجز بيعها ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها، ويجز صوفها ونحوه إن كان أنفع لها ويتصدق به، ولا يعطي جازرها أجرته منها، ولا يبيع جلدها ولا شيئاً منها بل ينتفع به، وإن تعيبت ذبحها وأجزأته، إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين، والأضحية سنة، وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها، ويسن أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثاً، وإن أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز وإلا ضمنها. ويحرم على من يضحي أن يأخذ في العشر من شعره أو بشرته شيئاً.

    فصل في أحكام العقيقة:

    تسن العقيقة عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، تذبح يوم سابعه].

    تقدم لنا من شروط صحة الأضحية والهدي والعقيقة أن تكون البهيمة سالمة من العيوب المانعة من الإجزاء، وذكرنا أن العيوب المانعة من الإجزاء أربعة عيوب اتفق عليها الأئمة رحمهم الله تعالى، ويلحق بها ما يماثلها، وهذه العيوب جاءت في حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما: (العوراء البين عورها، والعرجاء البين ضلعها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي).

    وكذلك أيضاً ذكرنا أن من العيوب التي تمنع من الإجزاء ما يتعلق ببتر إلية الضأن إذا كان البتر أكثر من النصف.

    وأما ما يتعلق بعيوب الأذن والقرن ونحو ذلك فالسلامة من هذه الأشياء أولى، لكنها لا تمنع الإجزاء.

    كذلك أيضاً تقدم لنا أن من شروط صحة الهدي والأضحية والعقيقة أن تكون في وقتها المحدد شرعاً، وتكلم المؤلف رحمه الله عن وقت الأضحية والهدي، ومتى يبدأ وقت الذبح، وأن وقت الذبح يبدأ من بعد صلاة العيد كما هو مذهب أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله، وعند الشافعي رحمه الله أن وقت الذبح يبدأ من بعد مضي قدر صلاة العيد، وعند مالك أنه يبدأ من بعد ذبح الإمام، وذكرنا دليل كل منهم وأن الأقرب في هذه المسألة هو ما دل عليه حديث البراء وغيره من الأحاديث أن وقت الذبح يبدأ من بعد صلاة العيد، وهل المعتبر صلاة المسجد الكبير، أو صلاة من في الجبانة، أو المعتبر أي صلاة سبقت؟ المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن الوقت يدخل بأي صلاة سبقت، والرأي الثاني: أنه لا بد من صلاة من في الجبانة.

    وأما بالنسبة لآخر وقت الذبح فذكرنا أن هناك خلافاً بين الجمهور وبين الشافعية، وأن الشافعية يرون أن الذبح يمتد إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، خلافاً لجمهور العلماء فإنهم يرون أن الذبح يمتد إلى اليوم الثاني من أيام التشريق، وذكرنا أن الأقرب في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الشافعية رحمه الله تعالى، ويدل لذلك حديث نبيشة الهذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل).

    وقت كراهة ذبح الأضحية

    قال المؤلف رحمه الله: (ويكره في ليلتيهما).

    يعني: يكره الذبح في ليلتي اليومين اللذين بعد يوم العيد، لأن أيام الذبح على ما ذهب إليه المؤلف ثلاثة: يوم العيد، واليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، فيقول المؤلف رحمه الله: يكره الذبح في ليلة الحادي عشر وفي ليلة الثاني عشر، وقد جاء في ذلك حديث عطاء بن يسار، وهو مرسل: (أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن الذبح بالليل)، وكذلك جاء حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ضعيف: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح ليلاً) رواه الطبراني في معجمه الكبير لكنه ضعيف. وهذا الرأي الأول.

    والرأي الثاني: أنه لا يكره الذبح ليلاً، وهذا ظاهر كلام ابن حزم رحمه الله تعالى، والكراهة كما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى هي قول جمهور أهل العلم، لكن عند ظاهر كلام ابن حزم رحمه الله تعالى أنه لا يكره الذبح ليلاً، وهذا القول هو الصواب؛ لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي. فالصواب في هذه المسألة أن الذبح ليلاً غير مكروه.

    فوات وقت ذبح الأضحية والهدي

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فإن فات قضى واجبه).

    يعني: إذا انتهت أيام الذبح بأن غربت شمس اليوم الثاني من أيام التشريق وهو لم يذبح الأضحية أو الهدي، أو على كلام الشافعية، غربت شمس اليوم الثالث من أيام التشريق وهو لم يذبح، فيقول المؤلف رحمه الله: (قضى واجبه)، يعني: أن ما يذبح ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: أن يكون تطوعاً، فهذا يذهب وقت الذبح بغروب شمس آخر يوم من أيام التشريق كما هو قول الشافعية، أو شمس اليوم الثاني من أيام التشريق كما هو قول الجمهور، وسواء كان ترك الذبح لعذر أو لغير عذر.

    القسم الثاني: أن يكون ما سيذبحه واجباً، مثل الأضحية إذا عينها، وقال: هذه هدي أو أضحية، فحينئذ أصبحت واجبة الذبح، ومثل الأضحية الموصى بها، يعني: لو أن شخصاً أوصى أن يضحى عنه، ومثال الواجب أيضاً: الأضحية المنذورة، بأن قال مثلاً: لله عليَّ أن أضحي في هذا العام.

    إذاً: عندنا أضحية معينة، أو هدي معين، أو هدي منذور، أو هدي موصى به، فهذه الذبائح واجبة، فإذا انتهت أيام التشريق وهو لم يذبح هذا الواجب، فما الحكم؟

    يقول المؤلف رحمه الله: يقضيه بمعنى أنه يذبحه حتى ولو خرجت أيام التشريق، حتى ولو انتهت أيام الذبح، وعلى هذا إذا كان عندنا أضحية قد عينت أو أوصي بها أو منذورة، ولم يضح حتى انتهت أيام الذبح، فإنه يذبح هذا الواجب بعد أيام الذبح. هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى.

    وسبق أن ذكرنا أن تأخير العبادة عن وقتها عمداً لا يقدر عليه الشخص، وعلى هذا نقول: إذا أخر هذا الواجب فإنه لا يخلو من أمرين:

    الأمر الأول: أن يكون لعذر، كما لو نسي، أو وكل شخصاً ليذبح هذه الذبيحة الواجبة لكنه لم يفعل وحصل له عذر يمنعه من الذبح في وقت الذبح، فنقول بأنه يقضي الواجب.

    الأمر الثاني: أن يكون ذلك عمداً، يعني: لم يذبح هذه الذبيحة الواجبة متعمداً، فنقول بأنه لا يقدر على ذلك، وإنما يجب عليه أن يذبحها في العام القادم؛ لأن تأخير العبادة عن وقتها بلا عذر متعمداً لا يقدر عليه؛ لأنه عمل ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وعلى هذا نقول: إن كان لعذر فإنه يقضيه، مثلاً: هدي التمتع، أو هدي القران، وكّل شخصاً لكي يذبح عنه لكنه نسي ولم يذبح فإنه يذبح حتى بعد ذهاب أيام الذبح، لكن لو أخر الذبح متعمداً فإنه لا يقدر على ذلك ونقول: يجب عليك أن تقضي في العام القادم.

    ومثله أيضاً إذا كان عنده أضحية قد عينها فنقول: إن كان لعذر فإنه يذبح، أما إذا كان متعمداً وذهبت أيام الذبح فإنه يذبح في العام القادم، ومثلها أيضاً: الأضحية الموصى بها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088545273

    عدد مرات الحفظ

    777238227