إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الجهاد [1]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الجهاد فرض كفاية على المسلمين، وهو قتال الكفار لإعلاء كلمة الله، وجمهور أهل العلم على أنه ينقسم إلى جهاد دفع وجهاد طلب، وقد يجب الجهاد وجوباً عينياً في بعض الأحوال، كوجوبه على من حضره، أو هجم عليه عدو، أو استنفره الإمام، كما أن للجهاد شروطاً منها: التكليف
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كتاب الجهاد.

    وهو فرض كفاية، ويجب إذا حضره أو حضر بلده عدو، أو استنفره الإمام، وتمام الرباط أربعون يوماً، وإن كان أبواه مسلمين لم يجاهد تطوعاً إلا بإذنهما، ويتفقد الإمام جيشه عند المسير، ويمنع المخذل والمرجف].

    الجهاد يلحقه بعض العلماء بالعبادات كما ذكر هنا، وبعض العلماء يلحقه بالحدود فيجعله في آخر كتب الفقه، والأمر في هذا واسع، لكن بعض العلماء يلحقه بالعبادات؛ لأن الجهاد هو أفضل العبادات البدنية، كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله؛ أن أفضل العبادات البدنية هو الجهاد، وبعض العلماء يلحقه بالحدود لإخلاء العالم من الفساد.

    قال رحمه الله: (كتاب الجهاد).

    الجهاد: مصدر جاهد أي: بالغ في قتال عدوه.

    وأما في الاصطلاح فبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل رياءً، ويقاتل حميةً، ويقاتل من أجل المغنم، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).

    فنقول: الجهاد في الاصطلاح: هو قتال الكفار من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا.

    والأصل فيه: القرآن، والسنة، والإجماع.

    أما القرآن فقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10-11] ... إلى آخر الآيات.

    وأما السنة فسيأتينا -إن شاء الله- كثير من الأحاديث.

    والإجماع قائم على ذلك.

    قال رحمه الله: (هو فرض كفاية).

    شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: جنس الجهاد فرض عين على كل أحد، يعني الجهاد بمعناه العام، وليس الجهاد بمعناه الخاص، فالجهاد بمعناه العام فرض على كل أحد، أي أن كل أحد عليه أن يجاهد بلسانه، ويجاهد بيده، ويجاهد بماله، ويجاهد بالدعوة، ويجاهد بإقامة الواجبات وترك المحرمات...إلى آخره. هذا من حيث العموم، لكن المقصود هنا في قوله: (فرض كفاية) الجهاد بمعناه الخاص.

    قال رحمه الله: (وهو فرض كفاية).

    هذا ما عليه جمهور أهل العلم أن الجهاد فرض كفاية، والمقصود بذلك جهاد الطلب، أما جهاد الدفع فـشيخ الإسلام وغيره من أهل العلم، وكما سيأتي أن المؤلف رحمه الله تعالى ذكر المواضع التي يتعين فيها الجهاد، ومن ذلك جهاد الدفع، إذا نزل العدو ببلده فيكون فرض عين على كل أحد حتى النساء إذا لم تكن قادرةً على الجهاد ببدنها فإنها تجاهد بمالها.

    إذاً: الجهاد فرض كفاية، هذا قول المؤلف رحمه الله، وهو قول جمهور أهل العلم، ودليلهم على ذلك قول الله عز وجل: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122].

    ويدل لهذا أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا وكان مقيماً بالمدينة.

    والرأي الثاني رأي سعيد بن المسيب رحمه الله: أنه على الأعيان؛ لقول الله عز وجل: انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا [التوبة:41] .

    والصواب في ذلك هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى.

    وأما قول الله عز وجل: انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا [التوبة:41] ، فهذه إما أن نقول؛ إنها في جهاد الدفع إذا نزل العدو بالبلد، أو بمعنى الجهاد العام، يعني أن جنس الجهاد فرض عين: إما بالقلب أو باللسان أو باليد أو بالمال.. إلى آخره. ‏

    وهنا مسألة: هل المراد بالجهاد جهاد الدفع فقط أو أن المراد جهاد الدفع والطلب؟

    جمهور أهل العلم على أنه جهاد الدفع والطلب، وهذا هو الصحيح، وهو الذي دلت عليه مجموع الأدلة الواردة في القرآن والسنة، خلافاً لما ذهب إليه بعض أهل العلم من أن الجهاد هو جهاد الدفع فقط، وهذا غير صواب، بل الصواب أن الجهاد جهادان، فإذا كان هناك مقدرة عند المسلمين فهو جهاد دفع وطلب، وسيأتينا متى يكون الجهاد؟

    أما المقصود بجهاد الدفع فطاهر؛ لأنه دفع العدو الصائل. وأما المقصود بجهاد الطلب فهو: نشر الدعوة إلى الله عز وجل.

    وعلى هذا؛ كما سيأتينا -إن شاء الله- في حديث بريدة : أن الإمام إذا بعث سريةً فإنه يأمرهم أن يدعوا من بإزائهم من الكفار إلى إحدى ثلاث خصال: إما الإسلام، وإما دفع الجزية، وإما القتال، فإن حصل الإسلام فلا حاجة إلى القتال، وإذا حصل دفع الجزية فلا حاجة إلى القتال، وإذا لم يحصل شيء من ذلك فإنه يصار إلى الجهاد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088524562

    عدد مرات الحفظ

    777123764