إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [2]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الشروط التي من خلالها يكون عقد البيع صحيحاً أن يكون العقد من مالك أو من يقوم مقام المالك, وأن يكون قادراً على تسليمه, وأن يكون معلوماً بأي وسيلة من وسائل العلم, والماء الذي في البئر وما ينبت حول البئر لا يصح بيعه؛ لأنه ملك عام, والشيء المغصوب يصح بيعه
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويجوز الاستصباح بها في غير مسجد، وأن يكون من مالك أو من يقوم مقامه، فإن باع ملك غيره أو اشترى بعين ماله شيئاً بلا إذنه لم يصح، وإن اشترى له في ذمته بلا إذنه ولم يسمه في العقد صح له بالإجازة، ولزم المشتري بعدمها ملكاً، ولا يُباع غير المساكن مما فُتح عنوة كأرض الشام، ومصر، والعراق، بل يؤجر، ولا يصح بيع نقع البئر، ولا ما ينبت فيه أرضه من كلأ وشوك ويملكه آخذه. وأن يكون مقدوراً على تسليمه، فلا يصح بيع آبق وشارد وطير في هواء وسمك في ماء، ولا مغصوب من غير غاصبه، وقادر على أخذه، وأن يكون معلوماً برؤية، أو صفة، فإن اشترى ما لم يره أو رآه وجهله، أو وصف له بما لا يكفي سلماً لم يصح، ولا يُباع حمل في بطن ولبن في ضرع منفردين، ولا مسك في فأرته ونوى في تمر وصوف على ظهر، وفجل ونحوه قبل قلعه، ولا يصح بيع الملامسة والمنابذة، ولا عبد من عبيده ونحوه، ولا استثناؤه إلا معيناً، وإن استثنى من حيوان يؤكل رأسه وجلده وأطرافه صح، وعكسه الشحم والحمل].

    تقدم لنا في الدرس السابق تعريف البيع، وذكرنا أن تعريفه: مبادلة مال بمال ولو في الذمة، أو منفعة مباحة بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض.

    وتقدم لنا أن الأصل في البيع الحِل والصحة، ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، وتقدم جملة من شروط العقد، وأن من شروط العقد التراضي، وكذلك من شرط العقد أن يكون العاقد جائز التصرف، وكذلك أيضاً من الشروط أن يكون المعقود عليه مباح النفع... إلى آخره.

    ثم قال رحمه الله تعالى: (والأدهان النجسة، ولا المتنجسة).

    الدهن النجس: هو الذي أصله وذاته نجسة كدهن الميتة، وأما الأدهان المتنجسة: فهي التي أصلها طاهر لكن طرأت عليها النجاسة كزيت طاهر وقع فيه شيء من البول، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: (لا يصح بيع الأدهان النجسة، ولا المتنجسة).

    أما النجسة فكما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- لا يصح بيعها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيعها فقال: ( إن الله حرم بيع الميتة والخمر والأصنام، فقالوا: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة فإنه تُطلى بها السفن وتُدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، هو حرام )، خرجاه في الصحيحين.

    وأما الأدهان المتنجسة؛ فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: لا يصح بيعها؛ لأنهم يرون أن الأدهان المتنجسة لا يمكن أن تطهر، أي هم يفرقون بين الماء وبين سائر المائعات.

    فالماء إذا تنجس يمكن أن يُطهّر، وأما سائر المائعات إذا تنجست فإنه لا يمكن أن تطهر، وإذا كان لا يمكن أن تطهر فإنها تُلحق بالأدهان النجسة، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى.

    والصواب في هذه المسألة: أن الأدهان المتنجسة وسائر المائعات المتنجسة يمكن أن تطهر بالإضافة أو بالغلي أو بالمعالجة ونحو ذلك، وإذا كان كذلك فنقول بأنه يصح بيعها؛ لأن الأصل في ذلك الحِل فبيعها كبيع الثوب النجس، وبيع الثوب النجس جائز ولا بأس به.

    قال رحمه الله: (ويجوز الاستصباح بها في غير مسجد).

    يقول المؤلف رحمه الله: يجوز الاستصباح بالأدهان المتنجسة، وذلك بأن يوضع هذا الدهن المتنجس في السراج لكي يستخدم وقوداً للإضاءة، هذا بالنسبة للأدهان المتنجسة.

    وأما بالنسبة للدهن النجس فهو نجس؛ لأنهم لا يرون أن النجاسة العينية تطهر بالاستحالة، وإلا فإن هذا الدهن سيستحيل إلى ضوء، ودخان، ومع ذلك لا يرون أن النجاسة العينية تطهر بالاستحالة.

    فيقول المؤلف رحمه الله: يجوز الاستصباح بالأدهان المتنجسة، وأما النجسة فإنه لا يجوز الاستصباح بها، والمتنجسة يجوز الاستصباح بها في غير المسجد، أي في البيت، وأما في المسجد فلا يجوز، قالوا: لأنه يؤدي إلى تنجيسه، وهذا الكلام كله فيه نظر.

    والصواب في ذلك: أولاً: أما بالنسبة للأدهان المتنجسة فهذه يصح الانتفاع بها، ويمكن تطهيرها، ويصح بيعها, ولكن بقينا في الأدهان النجسة، فإن: الأدهان النجسة أو عموم النجاسات كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يجوز الانتفاع بالنجاسات على وجه لا يتعدى، فالنجاسات هذه يجوز الانتفاع بها على وجه لا يتعدى، وأما المتنجس فهذا أمره ظاهر أي يمكن تطهيره فيجوز الانتفاع به مطلقاً، ولكن ما كان نجس العين فإنه يجوز الانتفاع به على وجه لا يتعدى.

    فمثلاً: الدهن النجس يجوز أن تنتفع به كما ذكر الصحابة رضي الله تعالى عنهم قالوا: ( أرأيت شحوم الميتة يا رسول الله؛ فإنه تُطلى بها السفن، وتُدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، هو حرام )، فقوله: (هو حرام) أي البيع، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على قولهم: تُدهن بها الجلود، وتُطلى بها السفن، ويستصبح بها الناس.

    فإذا كانت هذه النجاسات يمكن أن يُنتفع بها في الصناعات ونحو ذلك، فنقول بأن هذا جائز ولا بأس به.

    وقلنا: على وجه لا يتعدى كما لو استصبحها في أثناء الصلاة، فإن هذا لا يجوز، أو أنه تناولها مع فمه فإن هذا غير جائز.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088511386

    عدد مرات الحفظ

    777038638