إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [28]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأشياء التي يُفك الحجر بها: الرشد، والولاية عند الحجر للأب ثم للوصي ثم للحاكم القاضي، وللولي الفقير أن يأكل من مال المولى عليه دون أن يلزمه رده، ولكن الأكل يكون بالمعروف. ويقبل قول الولي بعد فك الحجر؛ لأن هذا من مقتضى الأمانة، والأحوط للولي أن يُشهد ع
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والرشد: الصلاح في المال، بأن يتصرف مراراً فلا يغبن غالباً ولا يبذل ماله في حرام أو في غير فائدة، ولا يُدفع إليه ماله حتى يُختبر قبل بلوغه بما يليق به.

    ووليهم حال الحجر الأب ثم وصيه ثم الحاكم، ولا يتصرف لأحدهم وليه إلا بالأحظ، ويتجر له مجاناً، وله دفع ماله مضاربة بجزء من الربح، ويأكل الولي الفقير من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته مجاناً.

    ويُقبل قول الولي والحاكم بعد فك الحجر في النفقة والضرورة والغبطة والتلف ودفع المال.

    وما استدان العبد لزم سيده إن أذن له وإلا ففي رقبته كاستيداعه وأرش جنايته وقيمة متلفه ].

    تقدم لنا في الدرس السابق ما يتعلق بالقسم الثاني من قسمي المحجور عليهم وهو المحجور عليه لحظ نفسه، وذكر المؤلف رحمه الله الصغير والمجنون والسفيه، وذكرنا جملة من الأحكام المتعلقة بهم، فيما يتعلق بعقودهم وفسوخهم، وكذلك أيضاً ما يتعلق بإتلافاتهم وجناياتهم، وكذلك أيضاً ما يتعلق بفك الحجر عنهم، وهل يُحتاج إلى الحاكم القاضي لكي يُفك الحجر عنهم أو لا؟

    وأيضاً تعرضنا لما يتعلق بعلامات البلوغ، وأن البلوغ شرط لفك الحجر عن الصغير.

    قال رحمه الله: ( والرشد: الصلاح في المال ).

    السفيه ينفك الحجر عنه بأمر واحد فقط وهو الرشد؛ لأن السفه: عدم الصلاح في المال، والرشد هو: الصلاح في المال، فالسفيه لا يُحسن التصرف في ماله، والرشد: هو إحسان التصرف في المال، وعلى هذا نقول: السفيه الذي لا يُحسن التصرف في ماله ينفك الحجر عنه بإحسانه التصرف في المال.

    ما يختص به الرشد

    وقول المؤلف رحمه الله: ( والرشد: الصلاح في المال ) يُفهم منه أن الصلاح في الدين ليس له علاقة بالرشد، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، فالرشد هو: الصلاح في المال ولو كان فاسقاً، وهذا الرأي الأول.

    والرأي الثاني: أن الرشد هو: الصلاح في المال والدين جميعاً، وهذا هو المشهور من مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، والذي يظهر -والله أعلم- أن ما ذهب إليه الحنابلة هو الأقرب، وأن الرشد هو: الصلاح في المال ولو كان فاسقاً، ويدل لذلك قول الله عزّ وجل: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا [النساء:6]. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أي صلاحاً في أموالهم؛ ولأن الحجر عليهم إنما صير إليه لفساد التصرف بالمال، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فالعلة من الحجر هي: عدم إحسان التصرف في المال، وإذا كان كذلك فنقول بأن الرشد ضد السفه، وهو: إحسان التصرف بالمال، فهذا الذي يظهر والواقع أيضاً يشهد لهذا، فقد يكون الإنسان فاسقاً لكنه يُحسن التصرف في ماله، فيستطيع أن يعامل الناس وأن يعقد معهم العقود ولا يغبن، وقد يكون الإنسان ذا دِين ولكنه لا يُحسن التصرف في المال وقد يغبن؛ فما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى هو الصواب في هذه المسألة.

    ضابط الصلاح في المال

    وقوله: ( الصلاح في المال ) ما هو ضابط الصلاح في المال؟ وكيف نعرف الصلاح في المال؟

    ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما يتعلق بمعرفة الصلاح في المال أمرين:

    الأمر الأول: قال: ( بأن يتصرف مراراً فلا يُغبن غالباً ).

    الأمر الثاني: قال: ( أو في غير فائدة ).

    فالأمر الأول: ( أن يتصرف مراراً فلا يُغبن ) يعني: يبيع ويشتري ويؤجر ويستأجر، ويعقد عقد الشركة، والمساقاة، والمزارعة وغير ذلك من العقود، يتصرف تصرفات كثيرة ولا يُغبن بغالب هذه التصرفات.

    والأمر الثاني: ألاَّ يبذل ماله في شيء لا فائدة فيه، كما لو اشترى تراباً أو مفرقعات ونحو ذلك.

    كذلك أيضاً هناك أمر ثالث يذكره الفقهاء رحمهم الله وهو ألاَّ يبذل ماله في محرم.

    فإذا توفرت هذه الصفات الثلاث: أن يتصرف مراراً فلا يُغبن غالباً، وقيدنا بالغالب؛ لأن النادر لا يمكن التحرج به، فلا يمكن أن يكون هناك شخص دائماً يتصرف ويبيع ويشتري ولا يُغلب، فهذا في حكم النادر والنادر لا تُعلق عليه الأحكام.

    وألا يبذل ماله فيما لا فائدة فيه، وألا يبذل ماله في محرم؛ فإذا كان بهذه الصفات عرفنا أنه مصلح لماله وأنه رشيد، وهذا الذي يظهر والله أعلم.

    واختصاراً لهذا الكلام نقول: إن الصلاح في المال هو حُسن التصرف في المال في غالب المعاملات، فإذا كانت غالب معاملاته يُحسن التصرف فيها فهو رشيد، وأما النادرة فهذه لا تُعلق فيها الأحكام، فلو كان يبذل ماله أحياناً في محرم كأن يشتري دخاناً، فهذا لا يمكن أن نحكم عليه أنه سفيه وأن نحجر عليه، صحيح هو سفيه بهذه المعاملة، أو في شيء لا فائدة فيه، فقد يشتري أشياء لا فائدة فيها كما ضربنا المثال في المفرقعات، لكن لا نحكم عليه في كل تصرفاته أنه سفيه.

    والخلاصة في ذلك أن نقول: إن الصلاح في المال هو حُسن التصرف في المال في غالب المعاملات، وكونه يجري معاملة في شيء محرم أو فيما لا فائدة فيه أو يحصل له شيء من الغبن أحياناً، فهذا لا يُخرجه عن كونه رشيداً، فنقول: هو في نفس هذه المعاملة سفيه، هو سفيه إذا شرى محرماً، أو شرى شيئاً لا فائدة فيه، ففي نفس هذه المعاملة نحكم عليه بالسفه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088533450

    عدد مرات الحفظ

    777175407