إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [30]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إذا اشترى الوكيل ما يعلم عيبه يلزمه، وإن جهل العيب رده، ويجب عليه تسليم ثمن السلعة فإن أخره بلا عذر حتى تلف فإنه يضمن، والوكالة المجهولة والمطلقة غير صحيحة، وإذا وكل في خصومة فلا يقبض السلعة إلا بنصّ الوكالة والعكس، وإذا لم يُشهد في الوديعة لا يضمن، ويقبل
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فصل: وإن اشترى ما يعلم عيبه لزمه إن لم يرض موكله، فإن جهل رده، ووكيل البيع يسلمه، ولا يقبض الثمن بغير قرينة، ويسلم وكيل المشتري الثمن، فلو أخره بلا عذر وتلف ضمنه، وإن وكله في بيع فاسد فباع صحيحاً، أو وكله في كل قليل وكثير، أو شراء ما شاء، أو عيناً بما شاء ولم يعين لم يصح، والوكيل في الخصومة لا يقبض، والعكس بالعكس، واقبض حقي من زيد لا يقبض من ورثته إلا أن يقول الذي قبِله، ولا يضمن وكيل الإيداع، إذا لم يُشهد.

    فصل: والوكيل أمين، لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط، ويُقبل قوله في نفيه، والهلاك مع يمينه، ومن ادعى وكالة زيد في قبض حقه من عمرو لم يلزمه دفعه إن صدقه، ولا اليمين إن كذبه، فإن دفعه فأنكر زيد الوكالة حلف وضمنه عمرو، وإن كان المدفوع وديعة أخذها، فإن تلفت ضمن أيهما شاء.

    باب الشركة: وهي اجتماع في استحقاق أو تصرف، وهي أنواع، فشركة عنان أن يشترك بدنان بماليهما المعلوم ولو متفاوتاً ليعملا فيه ببدنيهما، فينفذ تصرف كل منهما فيهما بحكم الملك في نصيبه والوكالة في نصيب شريكه ].

    تقدم لنا جملة من أحكام الوكالة، وبقي علينا شيء من أحكامها، وقبل الدخول في أحكام الشركات كان من آخر ما تحدثنا عنه هو ما يتعلق بتصرفات الوكيل، وذكرنا أن الضابط في ذلك أن يُرجع إلى الاتفاق اللفظي، فإن كان هناك اتفاق لفظي بين الوكيل وموكله فإنه يُرجع إلى ذلك الاتفاق، إذ إن المسلمين على شروطهم، فإن لم يكن اتفاق يُرجع إلى العرف، فإذا كان هناك عرف يحكم تصرفات الوكيل فإنه يُرجع إليه، وإذا لم يكن شيء من ذلك فنرجع إلى ما ذكره العلماء رحمهم الله تعالى.

    وتقدم لنا من تصرفات الوكيل مسألة هل للوكيل أن يبيع سلعة إذا وكل بالبيع؟ وهل له أن يبيع بعرض؟ وإذا باع بأقل من الثمن، فهل يضمن أو لا يضمن؟ وذكرنا أن هذه المسألة فيها تفصيل، وكذلك إذا اشترى بأكثر من ثمن المثل، فهل يضمن أو لا يضمن؟ تقدم الكلام على هذه المسائل.

    شراء الوكيل ما يعلم عيبه أو يجهله

    ثم قال المؤلف رحمه الله: ( فصل: وإن اشترى ما يعلم عيبه، لزمه، إن لم يرض موكله ).

    أيضاً من تصرفات الوكيل: ما إذا اشترى الوكيل شيئاً يعلم عيبه، أي: وُكل في شراء سلعة من السلع، فاشترى سلعة يعلم أنها معيبة، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: فيه تفصيل: إن رضي الموكل بهذه السلعة فالحق له وقد أسقطه، وإن لم يرض الموكل بهذه السلعة المعيبة فإن الشراء يلزم الوكيل؛ لأن الوكيل داخل بالعيب على بصيرة، فمادام أنه يعلم العيب كان الواجب عليه ألا يشتري، لكن ما دام أنه قد اشترى فنقول: إن رضي موكله فالحق له، وقد أسقطه، وإن لم يرض موكله بهذه السلعة المعيبة، فإن الشراء يلزم الوكيل.

    قال رحمه الله: ( فإن جهل رده ).

    أي: الوكيل إذا جهل العيب الذي في السلعة، مثلاً وكل في شراء سيارة فاشترى السيارة، ثم وجد بها عيباً فيقول المؤلف رحمه الله: الوكيل يملك رد السلعة المعيبة، ولا حاجة إلى أن يستأذن الموكل؛ لأنه قائم مقام الموكل في التصرف، وقد أذن له أن يشتري له شراءً صحيحاً، فما دام أنه يجهل هذا العيب الذي في السلعة فله الحق في الفسخ؛ لأنه قائم مقام الموكل، وإن لم يرجع إليه.

    تسليم الوكيل المبيع وقبض الثمن من المشتري

    قال المؤلف رحمه الله: ( ووكيل البيع يسلمه، ولا يقبض الثمن بغير قرينة ).

    يقول المؤلف رحمه الله: وكيل البيع يسلم المبيع؛ لأن إطلاق الوكالة في البيع يقتضي ذلك إذ أنه من تمامه، فمثلاً: لو وكل في بيع السيارة، فإن الوكيل يملك بيع السيارة ويملك أيضاً تسليمها، يعني ليس هناك حاجة إلى أن يطلب الوكيل من الموكل أن يوكله أيضاً في التسليم؛ لأن هذا من تمام البيع؛ كون الوكيل يسلم السيارة للمشتري، وليس هناك حاجة أن يطلب منه أن يوكله في تسليم السيارة، أو ينصّ فيقول: وكلتك في البيع، وفي التسليم، كل هذا لا حاجة له، بل إذا وكله في بيع السيارة فإن هذا يقتضي أنه يملك البيع ويملك أيضاً التسليم.

    قوله: ( ولا يقبض الثمن بغير قرينة ). أيضاً يقول المؤلف رحمه الله: إذا وكل في البيع، فهل هو وكيل في قبض الثمن؟ نعم هو وكيل في تسليم السيارة، لكن هل هو وكيل في قبض الثمن أو ليس وكيلاً؟

    قال المؤلف رحمه الله: ليس وكيلاً في قبض الثمن، أي: لابد أن الموكل ينصّ أنه يبيع ويقبض الثمن، أما إذا قال: بع السيارة، فإنه يملك أن يبيع، أما قبض الثمن فإنه لا يملك، وعلى هذا لو أنه قبض الثمن، وتلف بيده، فإنه يضمن؛ لأنه متعد لم يؤذن له في القبض، أي ليس أميناً، وهذا فائدة كلام المؤلف رحمه الله.

    فيقول هنا: لا يملك قبض الثمن إلا بقرينة، لابد أن يوجد دليل، إما أن الموكل ينصّ على ذلك. فيقول: وكلتك في بيع السلعة وفي قبض ثمنها، أو توجد قرينة، كأن يكون هناك عرف على أن الوكيل يبيع ويقبض، المهم أنه لابد من دليل على أنه يقبض الثمن، أما إذا لم يكن هناك دليل فإن الوكيل الذي وكل في البيع لا يملك قبض الثمن، وإنما يملك البيع فقط، وهذا الذي ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى.

    والرأي الثاني: أن الوكيل يملك قبض الثمن، وهذا قول الحنفية والشافعية؛ لأن العرف جار بذلك، وسبق أن ذكرنا القاعدة في ذلك أنه يرجع إلى الاتفاق اللفظي، فإن لم يكن فإلى العرف، والعرف جار بذلك، وأعراف الناس على أنه إذا وكل في البيع فإنه يبيع ويقبض الثمن، هذا عرف الناس، بل لو أنه لم يقبض ثمن المشتري لأضاع الثمن، وأنكر عليه الموكل، فالصواب في ذلك أنه يملك أن يبيع، وكذلك أيضاً يملك قبض الثمن.

    تسليم الوكيل الثمن أو تأخيره

    قال رحمه الله: ( ويسلم وكيل المشتري الثمن ).

    فلو وكل في شراء سلعة فإنه وكيل في الشراء، ووكيل أيضاً في تسليم الثمن للبائع، فمثلاً لو قال: اشتر لي سيارة بكذا وكذا فهو وكيل في الشراء، وكذلك أيضاً وكيل في تسليم الثمن للبائع وليس هنالك حاجة إلى أن ينصّ الوكيل على أنه وكيل في الشراء وأيضاً أنه وكله في تسلم الثمن للبائع، أو أن الوكيل إذا اشترى السلعة يرجع مرة أخرى إلى الموكل، ويقول: وكلني في تسليم الثمن، بل إذا وكل في شراء سلعة فإن هذه وكالة في الشراء، وكذلك في تسليم الثمن؛ لأن هذا من تتمة العقد وحقوقه.

    قال رحمه الله: ( فلو أخره بلا عذر وتلف ضمن ).

    أي: أن هذا الوكيل الذي وكل في شراء سلعة، ولم يسلم الثمن حتى تلف، فلو قيل له: هذه عشرة آلاف ريال اشتر بها سيارة، فاشترى السيارة ولم يسلم الثمن، وهو كما ذكرنا أنه وكيل في الشراء، وكذلك أيضاً وكيل في تسليم الثمن، فلم يسلم الثمن حتى تلف، ولنفرض أن الثمن سُرق منه أو ضاع، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: يضمن، لأنه متعدٍ بالتأخير، أو نقول: لأنه مفرط بتأخير تسليم الثمن، والواجب عليه أن يبادر بتسليم الثمن، والأمين لا يضمن إلا إذا تعدى وفرط، والتفريط ترك الواجب، والتعدي فعل ما لا يجوز، فهو الآن فرط بترك واجب التسليم فإذا أخر لغير عذر حتى تلف الثمن كأن سُرق مثلاً أو ضاع فيقول المؤلف رحمه الله: يضمن.

    الوكالة المجهولة

    قال رحمه الله: ( فإن وكله في بيع فاسد فباع صحيحاً... لم يصح ).

    يعني: لو قال له مثلاً: اشتر سيارة بثمن مجهول، أو اشتر سيارة بما في بيتي من الدراهم، والذي في بيته من الدراهم مجهولة، فهذا شراء فاسد؛ لأنه اختل شرط من شروط صحة العقد، وهو العلم بالثمن، وقد سلف لنا ذلك، فإذا اختل شرط من شروط صحة العقد فهو عقد فاسد.

    فإذا قال: اشتر السيارة بهذا الثمن المجهول الذي في جيبي، أو في البيت، أو في الصندوق، وهو مجهول، يقول المؤلف رحمه الله: لا يصح الشراء، حتى ولو أن الوكيل خالف واشترى شراءً صحيحاً، أي اشترى بثمن معلوم، فالموكل قال: اشتر بثمن مجهول والوكيل خالف واشترى بثمن معلوم، فهل شراء الوكيل صحيح، أو ليس صحيحاً؟ شراء الوكيل صحيح وخالف، ومع ذلك نقول بأن هذا البيع لا يصح؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يأذن بهذه الوكالة بالشراء الفاسد، والموكل أيضاً لا يأذن، أي لا يملك أن يوكل في شراء فاسد، فنقول بأن هذا لا يصح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088552958

    عدد مرات الحفظ

    777287158