إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [34]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإجارة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، وهي نوع من البيع، ولصحتها شروط، ويجوز للمرأة أن تؤجر نفسها بإذن زوجها، ومورد العقد في الإجارة كل ما يحدث ويتجدد، وعليه فيجوز تأجير الشاة ونحوها لأخذ اللبن منها، ويجوز للمستأجر أن يؤجر العين التي استأجرها لغيره إن كا
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الثالث: الإباحة في العين، فلا تصح على نفعٍ محرمٍ كالزنا, والزمر, والغناء، وجعل داره كنيسة, أو لبيع الخمر. وتصح إجارة حائط لوضع أطراف خشبه عليه. ولا تؤجر المرأة نفسها بغير إذن زوجها.

    فصلٌ في أحكام العين المؤجرة: ويشترط في العين المؤجرة معرفتها برؤية أو صفة، في غير الدار ونحوها، وأن يعقدا على نفعها دون أجزائها، فلا تصح إجارة الطعام للأكل، ولا الشمع ليُشعله، ولا حيوان ليأخذ لبنه إلا في الظئر، ونقع البئر، وماء الأرض يدخلان تبعًا، والقدرة على التسليم، فلا تصح إجارة الآبق والشارد، واشتمال العين على المنفعة، فلا تصح إجارة بهيمةٍ زَمِنه للحمل، ولا أرض لا تنبت الزرع، وأن تكون المنفعة للمؤجر, أو مأذونًا له فيها.

    وتجوز إجارة العين لمن يقوم مقامه لا بأكثر منه ضررًا. وتصح إجارة الوقف، فإن مات المؤجر فانتقل إلى من بعده لم تنفسخ، وللثاني حصته من الأجرة، وإن أجر الدار ونحوها مدةً ولو طويلة يغلب على الظن بقاء العين فيها صح، وإن استأجرها لعمل كدابةٍ لركوب إلى موضع معين، أو بقرٍ لحرث أو دياس زرع، أو من يدله على طريقٍ اشترط معرفة ذلك، وضبطه بما لا يختلف، ولا تصح على عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القرية].

    تقدم لنا تعريف الإجارة، وذكرنا تعريفها في اللغة والاصطلاح، وأيضاً تقدم لنا حكم الإجارة, وأنها من العقود المباحة، وذكرنا دليل ذلك من القرآن والسنة, وإجماع العلماء رحمهم الله، وأن الإجارة نوعٌ من البيع؛ إذ هي بيعٌ للمنافع، وعلى هذا يثبت فيها خيار المجلس وخيار الشرط، وغير ذلك من الخيارات كما سلف.

    وبدأنا بشروط الإجارة، وأخذنا من شروط الإجارة معرفة المنفعة، فيُشترط معرفة المنفعة؛ لأن المنفعة هي المعقود عليها، فلابد من معرفتها، وذكرنا طريق معرفة المنفعة: إما أن يكون عن طريق اللفظ، وإما أن يكون عن طريق الوصف.

    وأيضاً تكلمنا عن الشرط الثاني: وهو معرفة الأجرة، وذكرنا أن الأجرة أيضاً تُعرف: إما عن طريق اللفظ، وإما عن طريق الوصف.

    الشرط الثالث: إباحة المنفعة

    قال المؤلف رحمه الله تعالى في بيان الشرط الثالث: (الثالث: الإباحة في العين، فلا تصح على نفعٍ محرم كالزنا, والزمر, والغناء، وجعل داره كنيسة, أو لبيع الخمر).

    يقول المؤلف رحمه الله تعالى: الشرط الثالث من شروط صحة الإجارة: أن تكون المنفعة المعقود عليها مباحة، فإن كانت محرمة فلا يصح ولا يجوز.

    ويدل لهذا قول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ولا شك أن المنفعة إذا كانت محرمة فإن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان، فإذا أجر بيته مثلاً لمن يشرب فيه الخمر، أو أجر أرضه لمن يشرب فيها الخمر، أو يشرب فيها الدخان، لا شك أن هذا من قبيل التعاون على الإثم والعدوان، والله عز وجل يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].

    وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه )، فلما كان هذا الفعل وسيلة إلى محرم استحقوا الطرد والإبعاد عن رحمة الله عز وجل، والوسائل لها أحكام المقاصد.

    فنقول: يشترط أن تكون المنفعة المعقود عليها مباحة، فإن كانت محرمة فلا يجوز، وضرب المؤلف رحمه الله تعالى أمثلةً لذلك، فقال: (كالزنا)، فلو أجر بيته لمن يعمل فيها الفاحشة، فنقول: هذه الإجارة محرمة, ولا تجوز؛ لما فيها من التعاون على الإثم والعدوان, ولما ذكرنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( قاتل الله اليهود).

    قوله: (والزمر والغناء)، يعني: تأجير العين لمثل هذه المحرمات من الزمر والغناء، نقول: بأن هذا محرم ولا يجوز.

    ونأخذ أيضاً من قوله رحمه الله: (على نفع محرم كالزنا, والزمر, والغناء)، نأخذ: أن المؤلف يرى أن المزامير والأغاني محرمة لا تجوز، ولهذا لم يُصحح الإجارة لمن يعمل هذه الأشياء.

    وقوله رحمه الله: (وجعل داره كنيسة أو لبيع الخمر) هذه -أيضاً- أمثلة ذكرها المؤلف رحمه الله، والضابط في ذلك أنه يشترط أن تكون المنفعة المعقود عليها مباحة, فإن كانت محرمة فإن هذا لا يجوز؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان.

    وتأجير من يعمل معصية ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: ألا يكون ذلك على سبيل التبع، كما مثل المؤلف رحمه الله لذلك، يعني: لا تكون المعصية تابعة لأمر مباح، بل لأمر محرم لا يجوز، ليس على سبيل التبع، وإنما هو محرم على سبيل الاستقلال، فنقول: بأن هذا محرم ولا يجوز، كما لو أجر بيته لمن يشرب فيها الخمر، أو أجر حَوشه لمن يجتمع فيه على شرب الدخان، أو النظر إلى آلات اللهو من الصور والأفلام وغير ذلك فكل هذا محرم لا يجوز؛ لما تقدم، ومثل ذلك أيضاً لو أجر الدكان لمن يبيع فيه الدخان، حتى لو باع فيه أشياء مباحة وأشياء محرمة فنقول: هذا لا يجوز، مثلاً: أجره، لكي يبيع فيه مواد غذائية. ويبيع فيه الدخان، فهذا لا يجوز؛ لأنه أجره لكي يبيع أشياء محرمة.

    القسم الثاني: ألا يكون ذلك على سبيل الاستقلال، وإنما جاء على سبيل التبع، يعني: الإجارة على أمر مباح، لكن جاءت الأشياء المحرمة تبعًا، فنقول: هذا لا بأس به, وإن كان الأحوط أن يُترك.

    فمثلاً لو أجر داره لمن يسكنها، لكن هذا الساكن شرب فيها الدخان، أو استمع فيها إلى الغناء ونحو ذلك، فنقول: هو أجره للسكن ولم يؤجره من أجل شرب الدخان، أو من أجل سماع الغناء ونحو ذلك، فهذا جائز، وإن كان الأحوط أن يُترك مثل هذا، وأن يُشرط عليه ألا يفعل المحرم، لكن لو فعل المحرم فالإجارة صحيحة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088533450

    عدد مرات الحفظ

    777175410