إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [39]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جاء الإسلام ليحافظ على أموال الناس وحقوقهم، ومن غصب حقاً سواء غيره أو لم يغيره فإنه يعامل بأضيق الأمرين، وإذا تغيرت صفة المغصوب فإن على الغاصب أن يضمن التغير، وإذا خلط المغصوب بما يتميز يجب فصله ورده إلى مالكه، أما إذا خلط بما لا يتميز فإن تساوت القيمة فه
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن تعلم أو سمن فزادت قيمته، ثم نسي أو هزل فنقصت ضمن الزيادة، كما لو عادت من غير جنس الأول، ومن جنسها لا يضمن إلا أكثرهما .

    فصل: وإن خلط بما لا يتميز كزيت، أو حنطة بمثلهما، أو صبغ الثوب، أو لتَّ سويقاً بدهن أو عكسه، ولم تنقص القيمة ولم تزد فهما شريكان بقدر ماليهما فيه، وإن نقصت القيمة ضمنها، وإن زادت قيمة أحدهما فلصاحبه، ولا يجبر من أبى قلع الصبغ، ولو قلع غرس المشتري أو بناؤه لاستحقاق الأرض رجع على بائعها بالغرامة، وإن أطعمه لعالم بغصبه فالضمان عليه، وعكسه بعكسه، وإن أطعمه لمالكه، أو رهنه، أو أودعه، أو آجره إياه لم يبرأ إلا أن يعلم ويبرأ بإعارته، وما تلف أو تغيب من مغصوب مثلي غرم مثله إذاً وإلا فقيمته يوم تعذر، ويضمن غير المثلي بقيمته يوم تلفه، وإن تخمر عصير فالمثل، فإن انقلب خلاً دفعه ومعه نقص قيمته عصيراً. فصل: وتصرفات الغاصب الحكمية باطلة].

    تقدم لنا جملة من أحكام الغصب، وذكرنا من ذلك ما يتعلق بتعريف الغصب في اللغة والاصطلاح، وأن الغصب محرم، ويدل له قول الله عزّ وجل: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]، ومن السنة حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا ).

    وتقدم أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سعيد بن زيد : ( ليس لعرق ظالم حق )، وذكر المؤلف رحمه الله جملةً من أنواع المغصوب:

    النوع الأول: المنقولات، وأن الغصب يدخلها.

    النوع الثاني: العقارات، هل يدخلها الغصب أو لا؟

    النوع الثالث: المختصات.

    النوع الرابع: الحر... إلى آخر ما ذكر المؤلف رحمه الله.

    وتقدم أيضاً أن الغاصب يلزمه عدة أمور:

    الأمر الأول: التوبة والرجوع إلى الله عزّ وجل.

    الأمر الثاني: أن يرد المغصوب بزيادته، سواء كانت الزيادة متصلة أو منفصلة.

    الأمر الثالث: أن يرده ولو غرم أضعافه. تكلمنا عن هذه المسألة.

    وأيضاً حكم ما إذا بنى أو غرس في الأرض المغصوبة، وهل يلزمه أن يهدم البناء في الأرض المغصوبة؟ وهل يجب عليه أن يقلع الغرس أو لا؟ إذا قلع الغرس فإنه يجب عليه تسوية الأرض وما لحقها من النقص والأجرة، وذكرنا قاعدة وهي: أن الغاصب يعامل بأضيق الأمرين؛ لأنه ظالم ومعتد.

    قال المؤلف رحمه الله: (وإن تعلم أو سمن فزادت قيمته، ثم نسي أو هزل فنقصت ضمن الزيادة، كما لو عادت من غير جنس الأول).

    هذه المسألة فيما إذا تغيرت صفة المغصوب بصفة أخرى، فهل يضمن الغاصب أو لا يضمن؟

    هذه المسألة تحتها صور:

    الصورة الأولى: قال المؤلف رحمه الله: (وإن تعلم أو سمن فزادت قيمته، ثم نسي أو هزل فنقصت ضمن الزيادة). هذه الصورة الأولى: غصب شاة هزيلة وسمنت عنده -عند الغاصب- ثم بعد ذلك هزلت، وكانت قيمتها عند الغصب تساوي أربعمائة ريال، ثم سمنت عنده فأصبحت قيمتها تساوي خمسمائة ريال، ثم هزلت فأصبحت تساوي أربعمائة ريال، فهل يجب عليه أن يضمن النقص أو لا يجب عليه أن يضمن النقص؟

    نقول: يجب عليه أن يضمن النقص؛ لأنه يجب عليه أن يرد العين المغصوبة بزيادتها، فهو يجب عليه أن يرد العين المغصوبة في كل لحظة، ومن ذلك أن يردها حال الزيادة، فهو الآن غصبها وهي تساوي أربعمائة ريال، ثم سمنت وأصبحت تساوي خمسمائة ريال، ثم هزلت فأصبحت تساوي أربعمائة ريال، فالزيادة التي حصلت في السمن وقدرها مائة ريال يجب عليه أن يضمنها، فيرد الشاة ويرد معها قيمة السمن الذي حصل ثم ذهب مرة أخرى.

    والعلة كما سلف: أن الغاصب يجب عليه أن يرد العين المغصوبة في كل وقت، ومن ذلك في وقت السمن، ولما لم يردها في وقت السمن ضمن هذه الزيادة.

    قال: (كما لو عادت من غير جنس الأول).

    هذه الصورة الثانية: غصب رقيقاً وكان هذا الرقيق طباخاً، وكانت قيمته وهو يجيد الطبخ أربعمائة ريال، ثم نسي صنعة الطبخ، ولكنه اكتسب عند الغاصب صنعة أخرى وهي الكتابة، وكانت قيمته تساوي أربعمائة ريال، ولما نسي هذه الصفة أصبحت قيمته تساوي ثلاثمائة ريال، وتعلم الكتابة فأصبحت قيمته تساوي أربعمائة ريال، فيجب على الغاصب أن يضمن صفة الطبخ التي قيمتها مائة ريال، وكونه تعلم صفة أخرى عند الغاصب فإنها لا تقوم مقام الصفة السابقة؛ لأن هذه صفة زائدة يجب على الغاصب أن يردها أي: يرد هذه الصفة الزائدة، والصفة التي فاتت يجب عليه أن يضمنها.

    والصورة الثالثة: إذا ذهبت الصفة، ثم تعوض عنها صفة أخرى من جنسها، فهل يضمن الصفة الذاهبة أو لا يضمن الصفة الذاهبة؟

    صورة ذلك: غصب شاة سمينة وكانت تساوي خمسمائة ريال، ثم هزلت الشاة فأصبحت تساوي أربعمائة ريال، ثم سمنت مرة أخرى فعادت إلى قيمتها وأصبحت تساوي خمسمائة ريال، فهل يجب عليه أن يضمن الصفة الأولى وهي السمن الأول أو لا يجب عليه أن يضمنه؟

    نقول: يجب على الغاصب أن يضمنه؛ لأنه يجب عليه أن يرد الشاة في حال الهزال، ولو رد الشاة في حال الهزال، فإنه يضمن الصفة الفائتة، فأصبح عندنا ثلاث صور:

    الصورة الأولى: أن تفوت الصفة، وتتجدد عنها صفة أخرى.

    الصورة الثانية: أن تفوت الصفة، ولا تتجدد عنها صفة أخرى.

    الصفة الثالثة: أن تفوت الصفة وتتجدد عنها صفة أخرى من غير جنسها.

    ففي الصور الثلاث كلها يضمن الغاصب، لما ذكرنا من القاعدة وهي: أن الغاصب يعامل بأضيق الأمرين؛ لأنه ظالم ومعتد.

    قال المؤلف رحمه الله: (ومن جنسها لا يضمن إلا أكثرهما).

    هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله بقوله: (ومن جنسها لا يضمن إلا أكثرهما) والصواب في هذا: أنه يضمن الصفتين جميعاً؛ لأنه ظالم ومعتدٍ، والظالم المعتدي يعامل بأضيق الأمرين كما سلف.

    وصورة المسألة: لو غصب شاة سمينة تساوي خمسمائة ريال، ثم هزلت عنده هذه الشاة، ثم سمنت مرة أخرى وأصبحت تساوي خمسمائة ريال، ثم عادت مرة أخرى، فهل يضمن الصفة التي فاتت أو لا يضمن الصفة التي فاتت؟

    على كلام المؤلف رحمه الله: لا يضمن الصفة التي فاتت؛ لأنه قال: (لا يضمن إلا أكثرهما)، والصواب في ذلك: أنه يضمن الصفة التي فاتت؛ لما ذكرنا من أن الغاصب يعامل بأضيق الأمرين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088464955

    عدد مرات الحفظ

    776887258