إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [41]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تثبت الشفعة فيما كان عوضه مالياً، وهي ثابتة للشريك وله أن يتراخى في وقتها بشرط ألا يلحق المشتري الجديد ضرر، وللشفعة صور، وتقدير الشفعة يكون على قدر الأملاك، وهي ثابتة في العقارات والمنقولات والثمرة والزرع، وفي حق الجار إذا كان الجاران يشتركان في شيء من حق
    قال المؤلف رحمه الله: [فإن انتقل بغير عوض أو كان عوضه صداقاً أو خلعاً أو صلحاً عن دم عمد فلا شفعة، ويحرم التحيل لإسقاطها، وتثبت لشريك في أرض تجب قسمتها، ويتبعها الغراس والبناء لا الثمرة والزرع فلا شفعة لجار. وهي على الفور وقت علمه، فإن لم يطلبها إذاً بلا عذر بطلت، وإن قال للمشتري: بعني، أو صالحني، أو كذب العدل، أو طلب أخذ البعض سقطت، والشفعة لاثنين بقدر حقيهما، فإن عفا أحدهما أخذ الآخر الكل أو ترك، وإن اشترى اثنان حق واحد، أو عكسه، أو اشترى واحد شقصين من أرضين صفقة واحدة فللشفيع أخذ أحدهما، وإن باع شقصاً وسيفاً، أو تلف بعض المبيع فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن].

    تقدم لنا شيءٌ من أحكام الشفعة، وقبل ذلك تكلم المؤلف رحمه الله عن شيءٍ من أحكام الإتلافات، فذكر ما يتعلق بإتلافات السباع الضارية، وكذلك ما يتعلق بإتلافات بهيمة الأنعام، وأيضاً ما يتعلق بإتلاف المحرمات، وبعد ذلك ذكر المؤلف رحمه الله: تعريف الشفعة، وذكرنا تعريفها في اللغة والاصطلاح، وأن الأصل فيها السنة، والإجماع بالجملة، وأن الإجماع يحكى في مشروعيتها.

    وتقدم لنا شيءٌ من شروطها، وذكرنا الشرط الأول: أن يكون النصيب انتقل بعوضٍ مالي، وذكرنا أن انتقال النصيب لا يخلو من أمور:

    الأمر الأول: أن يكون انتقاله عن طريق الميراث، فهذا لا تثبت به الشفعة إجماعاً.

    والأمر الثاني: أن يكون انتقاله عن طريق البيع، فهذا تثبت به الشفعة.

    والأمر الثالث: أن يكون انتقاله عن طريق الهبة وغير ذلك، يعني: يكون انتقاله بغير عوض، فهذا أيضاً لا تثبت به الشفعة.

    بقينا في القسم الرابع: وهو أن يكون انتقال الشقص أو النصيب بعوضٍ غير مالي، فقال المؤلف رحمه الله: (فإن انتقل بغير عوضٍ، أو كان عوضه صداقاً، أو خلعاً، أو صلحاً عن دم عمدٍ فلا شفعة).

    يعني: إذا كان انتقال النصيب بعوضٍ غير مالي -كما سيأتي بأمثلة المؤلف رحمه الله- فالمشهور من المذهب: أن الشفعة لا تثبت، ولهذا قال: (أو كان عوضه صداقاً أو خلعاً)، وهذا مذهب الحنفية، فإذا كان العوض غير مالي فلا شفعة، واستدلوا على ذلك بأن الشفعة إنما وردت في البيع، والبيع العوض فيه مال، فلا تثبت الشفعة إلا فيما كان عوضه مالياً.

    الرأي الثاني: وهو رأي المالكية والشافعية أن الشفعة تثبت فيما كان عوضه غير مالي إلحاقاً لهذه الأشياء في البيع، والذي يظهر والله أعلم أن الرأي الثاني هو الأقرب، فما دام أن النصيب انتقل بعوض، فالذي يظهر والله أعلم أن الشفعة تثبت، والنبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، وكونه ورد في البيع فهذا يحدث التخصيص.

    انتقال النصيب بالصداق

    ذكر المؤلف رحمه الله أمثلة فقال: (أو كان عوضه صداقاً) فهنا العوض ليس مالياً.

    مثال ذلك: رجلان شريكان في أرض، ولنفرض أنهما زيد وعمرو، زيد تزوج فاطمة فأعطاها مهراً نصيبه من هذه الأرض، فهنا العوض ليس مالياً، إنما العوض هو الاستمتاع بالزوجة، وأعطاها هذا النصيب مهراً مقابل الاستمتاع، فهنا الآن انتقل النصيب إلى فاطمة بعوض، هو الاستمتاع بهذه المرأة، وعلى هذا لا تثبت به الشفعة.

    انتقال النصيب بالخلع

    قوله: (أو خلعاً)، أيضاً هنا انتقل النصيب بعوض غير مالي، وهو الخلع.

    مثال ذلك: هذه الأرض شركة بين زيد وفاطمة، فاطمة أرادت أن تخلع نفسها من زوجها عمرو فأعطته نصيبها من هذه الأرض، فهنا النصيب انتقل إلى الزوج، لكنه ليس هناك عوض مالي؛ ما دفع شيئاً، وإنما هو افتكاك المرأة من هذا الزوج فأعطته هذا النصيب، فعلى كلام المؤلف رحمه الله لا تثبت الشفعة للشريك، فلو أراد الشريك أن يشفع على الزوج لا تثبت له الشفعة؛ لأنه انتقل إليه النصيب بعوض غير مالي، هو فك الزوجة فقط.

    انتقال النصيب بالصلح عن دم عمد

    قوله: (أو صلحاً عن دم عمدٍ).

    أيضاً هنا انتقل النصيب بعوض غير مالي، وهو صلح عن دم عمد، وصورة المسألة: زيد وعمرو شريكان في هذه الأرض، ثم إن زيداً قتل صالحاً عمداً، فالواجب القصاص أو الدية، وأهله بالخيار بين القصاص وبين الدية، فصالحهم على ترك القصاص مقابل أن يعطيهم نصيبه من هذه الأرض، فهل لشريك زيد -عمرو- أن يشفع على ورثة الدم أو ليس له أن يشفع؟ ليس له أن يشفع؛ لأن النصيب هنا انتقل إلى ورثة الدم بعوض غير مالي، وهو: افتكاك الشريك من القصاص، فليس لشريكه أن يشفع، فيقول المؤلف رحمه الله: الشريك ليس له أن يشفع في مثل هذه الصور؛ لأن انتقال النصيب هنا بعوض غير مالي.

    وإذا قلنا: له أن يشفع، فإنه يقدر مثل هذه الأشياء، يُقدر النصيب كم يساوي ويعطى، فمثلاً في الصداق: زيد وعمرو شريكان في هذه الأرض، زيدٌ تزوج فاطمة وأمهرها نصيبه من هذه الأرض، فلشريكه عمرو أن يشفع على فاطمة، فينظر كم قيمة النصيب ويعطيها لفاطمة ويستقل به، وذكرنا أن هذا هو الأقرب في هذه المسألة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088565555

    عدد مرات الحفظ

    777363296