إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [42]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأمور التي لا تصح فيها الشفعة: الشفعة في شركة الوقف، والشفعة فيما لم يكن فيه نصيب للشفيع سابقاً، وكذلك شفعة الكافر على المسلم، وتصرفات المشتري بعد الطلب بالشفعة باطلة، أما إذا كانت التصرفات قبل الطلب بالشفعة كالوقف أو الهبة أو الرهن أو الوصية أو البيع
    قال المؤلف رحمه الله: [ ولا شفعة بشركة وقف، ولا غير ملك سابق، ولا لكافر على مسلم.

    فصل: وإن تصرف مشتريه بوقفه أو هبته أو رهنه لا بوصية سقطت الشفعة، وببيعٍ فله أخذه بأحد البيعين، وللمشتري الغلة والنماء المنفصل والزرع والثمرة الظاهرة، فإن بنى أو غرس فللشفيع تملكه بقيمته وقلعه ويغرم نقصه، ولربه أخذه بلا ضرر، وإن مات الشفيع قبل الطلب بطلت، وبعده لوراثه، ويأخذ بكل الثمن، فإن عجز عن بعضه سقطت شفعته، والمؤجل يأخذه المليء به، وضده بكفيل مليء.

    ويقبل في الحلف مع عدم البينة قول المشتري، فإن قال: اشتريته بألف، أخذ الشفيع به ولو أثبت البائع أكثر].

    الشفعة في شركة الوقف

    يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا شفعة بشركة وقفٍ).

    صورة المسألة: إذا كان هناك عقارٌ بعضه وقف والبعض الآخر ملكٌ مطلق، فبيعَ الملك المطلق، هل يشفع لصالح الوقف أو لا يشفع؟ هذه الأرض نصفها لزيد، والنصف الآخر وقف مشاع، نصيب زيد منها ملكٌ مطلق، فزيدٌ باع نصيبه، وقد يكون للوقف مال، فهل للناظر القائم على الوقف أن يشفع لكي يضم هذا النصيب إلى الوقف فتكون جميع الأرض، ويكون جميع الشقص وقفاً، أو أنه لا يملك الناظر على هذا الوقف الشفعة؟

    يقول المؤلف رحمه الله: (لا شفعة بشركة وقفٍ)، يعني: أن الناظر لا يملك أن يشفع على المشتري لكي يضم بقية النصيب إلى الوقف، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وكذلك أيضاً مذهب الشافعي .

    وعلتهم في ذلك قالوا: لأن الوقف لا يؤخذ بالشفعة، فكذلك أيضاً لا تجب به، فلو فرضنا أن المسألة على العكس، فهل لصاحب الملك أن يأخذ الوقف أو ليس له ذلك؟ يقولون: لا يؤخذ بالشفعة، فكذلك أيضاً لا تجب به، فمثلاً: لو كانت الأرض بعضها لزيد، والبعض الآخر وقف، بيع الوقف، فهل لزيد أن يشفع ويأخذ الوقف أو ليس له أن يشفع؟ يقول المؤلف: ليس له أن يشفع ويأخذ هذه الوقف، فكذلك أيضاً: لو بيع الملك المطلق، ليس لناظر الوقف أن يشفع لكي يأخذ هذا الملك ويضمه إلى الوقف، فكما أنه لا يؤخذ بالشفعة، فكذلك أيضاً لا تجب به الشفعة، وهذا التعليل غير مسلم به، أي: مَن قال: إنه لا يؤخذ بالشفعة؟

    الصحيح: أنه إذا بيع الوقف لأمرٍ يقتضي ذلك، فإن لصاحب الملك المطلق أن يشفع، ولا ضير في ذلك، يأخذ الأرض التي بيعت والتي كانت وقفاً، ويعطي الثمن للمشتري، فما دام أننا أجزنا بيع الوقف لأمرٍ يقتضي ذلك، فلا بأس أن يؤخذ بالشفعة، وثمن الوقف يشترى به، فالصحيح أنه إذا بيع الوقف، فلصاحب الملك المطلق أن يشفع، فإذا كان كذلك أيضاً لناظر الوقف أن يشفع إذا بيع نصيب الملك المطلق، هذا هو الصواب، وهذا هو الرأي الأول.

    والرأي الثاني: رأي المالكية، وأنه تثبت الشفعة بشركة الوقف، وعلى هذا إذا بيع الملك المطلق، فلناظر الوقف أن يشفع على المشتري لكي يضم النصيب إلى الوقف، وهذا القول هو الصواب:

    أولاً: لعموم الحديث، وثانياً: لأن الحكمة من الشفعة هي دفع الضرر المتوقع من المشتري الجديد، فكما أن الملك المطلق يلحقه ضرر، فكذلك أيضاً الوقف يلحقه ضرر، فأيضاً الوقف بحاجة إلى الشفعة لدفع الضرر عنه، بل قد يكون أولى، فالصحيح في ذلك: أنه إذا بيع الملك المطلق، فللقائم على الوقف أن يشفع لكي يضم بقية النصيب إلى الوقف فتكون وقفاً.

    تقدم ملك الشفيع للنصيب

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا غير ملكٍ سابق).

    الشرط السابع: من شروط صحة الشفعة أن يكون ملك الشفيع للنصيب سابقاً، وهذا الشرط السابع من شروط صحة الشفعة.

    وعلى هذا لو اشترى اثنان شقصاً دفعةً واحدة، فليس لأحدهما أن يشفع الآخر؛ لأنه تخلف شرطٌ من شروط صحة الشفعة، وهو: تقدم ملك الشفيع للرقبة أو للنصيب، فنقول: يشترط أن يتقدم ملك الشفيع للنصيب، لو أنه ملكه لم يتقدم، بمعنى: أن زيداً وعمراً اشتريا أرضاً دفعةً واحدة، فليس لأحدهما أن يشفع على الآخر.

    شفعة الكافر

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا لكافرٍ على مسلم).

    هذا الشرط الثامن من شروط صحة الشفعة: ألا يكون الشفيع كافراً، فإن كان الشفيع كافراً، فإن الشفعة لا تصح.

    صورة المسألة: زيدٌ وعمرو شريكان في أرض، زيد نصراني، وعمرو مسلم، عمرو باع نصيبه على صالح، وصالح مسلم، فهل للشريك زيد النصراني أن يشفع على صالح، أو نقول: ليس له أن يشفع على صالح؟ يقول المؤلف رحمه الله: الشريك غير المسلم ليس له أن يشفع على المسلم.

    لكن لو أن المشتري كان نصرانياً، فهل لزيد أن يشفع؟ نقول: نعم، له أن يشفع؛ لأنه هنا يشفع كافر على كافر.

    ودليلهم على ذلك: ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا شفعة لنصراني )، وأيضاً قالوا: بأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، ولحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ).

    والرأي الثاني: أنه تثبت شفعة غير المسلم على المسلم، وعلى هذا إذا شفع هذا النصراني على المسلم، فإن الشفعة صحيحة لعموم حديث جابر رضي الله تعالى عنه، وهذا القول هو الصواب، وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس أنه قال: ( لا شفعة لنصراني )، فهذا الحديث غير ثابت، بل كما قال أبو حاتم رحمه الله: هو باطل الإسناد.

    وأما القول بأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وحديث أبي هريرة : ( لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام )، نقول: بأن هذا ليس من حق الملاك، وإنما هو من حقوق الملك، فكما أنه ملك هذا العقار أو هذا الشقص، فإن كل ما يتبعه من حقوق فإنه يملكه، وسلف لنا مسألة نظير هذه المسألة، وأن العلماء رحمهم الله اختلفوا فيها، وهي مسألة البيع على بيع أخيه والشراء على شراء أخيه، هو يحرم عليه أن يبيع على بيع المسلم؛ لكن هل يجوز أن يبيع على بيع الكافر أو أن يشتري على شراء الكافر، أو أن يسوم على سوم الكافر؟

    قلنا: لا يجوز أن يبيع على بيع الكافر؛ لأن هذا من حقوق الأملاك، وليس من حقوق الملاك، ولما في ذلك من الظلم والاعتداء، فالصواب في هذه المسألة: ما ذهب إليه أكثر أهل العلم أنه تصح الشفعة للكافر على المسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088534461

    عدد مرات الحفظ

    777183297