إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [8]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأنكحة المحرمة نكاح المتعة، وقد حُرِّم مرة واحدة خلافاً لمن قال غير ذلك، وأدخل بعضهم في نكاح المتعة النكاح بنية الطلاق المنتشر اليوم بين المغتربين للدراسة أو السياحة أو غيرهما. والشروط الفاسدة غير المفسدة للنكاح نحو اشتراط عدم المهر أو النفقة أو أن يق
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فصل في النوع الثاني من الشروط الفاسدة: وإن شرط أن لا مهر لها أو لا نفقة، أو أن يقسم لها أقل من ضرتها أو أكثر، أو شرط فيه خيارًا، أو إن جاء بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما، بطل الشرط وصح النكاح.

    وإن شرطها مسلمةً فبانت كتابية، أو شرطها بكرًا أو جميلةً أو نسيبةً، أو نفي عيب لا ينفسخ به النكاح، فبانت بخلافه فله الفسخ، وإن عتقت تحت حرٍ فلا خيار لها بل تحت عبد.

    فصل في العيوب في النكاح: ومن وجدت زوجها مجبوبًا، أو بقي له ما لا يطأ به فلها الفسخ، وإن ثبتت عنته بإقراره أو ببينة على إقراره، أجل سنة منذ تحاكمه].

    شرعنا فيما سلف في الشروط في النكاح، وذكرنا أن الشروط في النكاح تنقسم إلى قسمين: شروط صحيحة، وشروط فاسدة، والشروط الفاسدة تنقسم إلى قسمين: شروط فاسدة مفسدة للعقد، وشروط فاسدة لا تفسد العقد.

    وتقدم أن من الشروط الفاسدة: نكاح الشغار، ونكاح المتعة، ونكاح التحليل، وتعليق عقد النكاح.

    وتقدم أن نكاح المتعة له صور ذكرها المؤلف رحمه الله فقال: (أو إذا جاء غد فطلقها، أو وقته بمدة) كما لو قال: زوجتك لمدة شهرٍ أو شهرين ونحو ذلك، فهذا من نكاح المتعة، وأهل السنة مجمعون على تحريم نكاح المتعة، ويدل لذلك قول سمرة رضي الله تعالى عنه: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم يخرج حتى نهانا عنها ) أخرجه مسلم في صحيحه.

    وهل المتعة حرمت بعد أن أبيحت ثم بعد ذلك أبيحت، ثم حرمت؟ يعني: هل حرمت مرتين، أو حرمت مرةً واحدة؟ للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان:

    الرأي الأول وهو قول الشافعي رحمه الله: أن المتعة حرمت مرتين.

    والرأي الثاني رأي ابن القيم رحمه الله تعالى: أن المتعة إنما حرمت مرةً واحدة، وذلك عام الفتح، وهذا هو الصواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عنها عام الفتح، وأنه لم يثبت أنه أباحها بعد أن كانت محرمة، وإنما كانت مباحةً ثم حرمها صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عام الفتح.

    وأما ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ) فالتبس على البعض وظن أن النهي عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية جميعًا وقع يوم خيبر، والصواب في هذه المسألة: هو أن التحريمين كانا منفصلين، فقوله: ( نهى عن متعة النساء ) هذا منفصل، وقوله: ( وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ) هذا متصل، فقوله: (يوم خيبر) راجع إلى ما يتعلق بلحوم الحمر الأهلية ولا يرجع إلى قوله: ( متعة النساء ) كما ظن بعض الرواة، فالصواب في هذه المسألة: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما حرمها مرةً واحدة.

    النكاح بنية الطلاق

    والصورة الثالثة من صور المتعة: النكاح بنية الطلاق، وذلك بأن يتزوج بنية أنه متى خرج فإنه يطلق، أو أن يتزوج وسيطلق بعد شهرٍ أو شهرين ونحو ذلك، وللعلماء رحمهم الله في ذلك ثلاثة آراء:

    الرأي الأول وهو المشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله: يرون أنه من نكاح المتعة، وعلى هذا يكون حكمه حكم الزنا.

    والرأي الثاني رأي الأئمة الثلاثة: أنه جائز ولا بأس به، ومنهم من ينص على الكراهة.

    والرأي الثالث: أنه محرم ولا يجوز، لكنه ليس من نكاح المتعة.

    فالذين قالوا بأنه من نكاح المتعة كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، استدلوا بحديث عمر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى )، فما دام أنه نوى الطلاق فهو كما لو شرط الطلاق يصبح نكاح متعة، وكذلك إذا نواه.

    ونظير ذلك ما تقدم: أن المحلل إذا نوى التحليل فإن النية معتبرة، كما لو شرط عليه الطلاق بعد التحليل، فكما أن النية معتبرة في التحليل وتكون كالشرط، فكذلك أيضاً نية الطلاق معتبرة فتكون كالشرط.

    والذين قالوا بأنه جائز، قالوا بأنه ورد عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان مزواجًا وكان مطلاقًا، يعني: كان يتزوج كثيرًا ويطلق كثيرًا، وقالوا أيضاً بأن العنين يتزوج وزواجه صحيح مع أن المرأة ستفسخ منه ولا أحد يقول بأن زواج العنين ليس زواجًا صحيحًا، مع أنه يعلم أنه ستفسخ منه المرأة أو ستطلق منه المرأة.

    وكذلك قالوا بأن الرقيق يتزوج الأمة وربما أنها تعتق، وإذا عتقت فإن لها حق الخيار، إلى آخره.

    والذين قالوا: بأنه محرم ولا يجوز لكن لا يعتبر من المتعة، قالوا بأن هذا فيه غش وتدليس على المرأة، ولا يرضاه لموليته، فكيف يرضاه لغيره، وفي حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )، ويظهر -والله أعلم- أن هذا القول وسط في هذه المسألة، وأما القول بأنه مباح أو أنه مكروه، فهذا يظهر -والله أعلم- أنه قول ضعيف.

    وأما القول بأن الحسن رضي الله تعالى عنه كان مزواجًا، أي أنه يتزوج ويطلق، فلا يقطع بأن الحسن رضي الله تعالى عنه كان ينوي الطلاق، وأين الدليل على أنه نوى الطلاق؟ وربما أنه يتزوج بنية الاستمرار ثم يبدو له أن يطلق، فليس هناك دليل على أنه يجوز له نية الطلاق.

    وأما القول بالنسبة للمعيب وبالنسبة للأمة تتزوج، وربما أنها تفسخ، فنقول: بأن النية هنا غير موجودة، فربما أنها تستمر وربما أنها لا تفسخ منه، وإلا فكل نكاح ربما يحدث فيه طلاق، وما أحد يقول بأن النكاح إذا حصل فلا طلاق، فكل زوج يرى في قرارة نفسه أن زوجته إذا لم تستقم ولم تحسن العشرة ونحو ذلك فإنه سيطلقها ويبحث عن غيرها، فلا فرق بين هذه المسألة وهذه المسألة، بخلاف مسألتنا فإنه تزوج على نية الطلاق وهذا فرق بين المسألتين.

    النكاح السياحي

    فالذي يظهر -والله أعلم- أن القول الثالث وسط بين القولين، وأنه محرم لما فيه من التدليس، ولكن لا بد أن نفهم أيضاً أن هذه المسألة أعني: النكاح بنية الطلاق، كانت موجودة في الزمن السابق، حيث كان الرجل يسافر ويغترب، ثم يتزوج وقد يستمر وقد يطلق، ليس هناك حواجز نظامية أو سياسية أو نحو ذلك تمنعه من الطلاق، أما الموجود الآن في النكاح بنية الطلاق الذي يسلكه بعض الناس بأن يسافر إلى البلاد الفلانية والبلاد الفلانية من أجل أن يتزوج لمدة أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو نحو ذلك، ثم يطلق بعد ذلك، فهذا لا شك أنه من المتعة وأنه داخل في الزنا؛ لأن مثل هذا الشخص الذي لا يسأل عن المرأة ولا عن حسبها ولا نسبها، ولا عن عفتها، وربما أنها طلقت بالأمس وهي في العدة ثم يتزوجها، وهذا حاصل.

    ولهذا الذين يقعون في مثل هذا الزواج وقعوا في الأمراض التي يقارفها أصحاب الفواحش نسأل الله السلامة. وقد أفادني بعض الأطباء أن الأمراض التي بسبب الفواحش تتوالد بسبب اختلاط المياه وكثرتها، بخلاف النكاح الشرعي الذي شرعت فيه العدة، فالزوج إذا طلق تمكث المرأة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر ونحو ذلك حتى يبتعد الماء السابق، أما هنا فيحصل اختلاط للمياه، فتتولد مثل هذه الأمراض.

    فأقول: فرق بين الصورتين، فإذا كانت الصورة كالصورة الموجودة في الزمن السابق من أن إنساناً غريباً أو نحو ذلك يتزوج، وربما أنه استمر، وربما طلق فهذه المسألة هي التي تكلم عليها العلماء، أما الآن فتجد أن هناك حواجز كثيرة تمنعه من الاستمرار في هذا النكاح فهو قطعًا مطلق، فهذه صورة من صور المتعة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088539900

    عدد مرات الحفظ

    777212140