إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [18]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عضل الزوج لزوجته نوعان: إما بباطل ظلماً ففيه خلاف، وإما بحق فيصح مع العوض. والمختلعة تبين بينونة صغرى به، ويصح بعوض، أو بدون عوض على الراجح، ويكره بأكثر من المهر المسمى على المشهور، والخلع أنواع: فمنه الخلع لحق المستقبل كنفقة الحامل، ومنه الخلع بالمجهول،
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فإن عضلها ظلمًا للافتداء ولم يكن لزناها أو نشوزها أو تركها فرضًا ففعلت، أو خالعت الصغيرة والمجنونة والسفيهة والأمة بغير إذن سيدها لم يصح، ووقع الطلاق رجعيًا إن كان بلفظه أو نيته .

    فصل: والخلع بلفظ صريح الطلاق أو كنايته وقصده طلاق بائن، وإن وقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو الفداء ولم ينوه طلاقًا، كان فسخًا لا ينقص عدد الطلاق، ولا يقع بمعتدةٍ من خلعٍ طلاق ولو واجهها به، ولا يصح شرط الرجعة فيه، وإن خالعها بغير عوضٍ أو بمحرم لم يصح، ويقع الطلاق رجعيًا إن كان بلفظ الطلاق أو نيته وما صح مهراً صح الخلع به، ويكره بأكثر مما أعطاها وإن خالعت حامل بنفقة عدتها صح ويصح بالمجهول فإن خالعته على حمل شجرتها أو أمتها أو ما في يدها من دراهم أو متاع أو على عبد صح، وله مع عدم الحمل والمتاع والعبد أقل مسماه، ومع عدم الدراهم ثلاثة].

    فقد تقدم لنا ما يتعلق بنشوز الزوجة، وكيفية علاجه، وكذلك أيضًا ما يتعلق بنشوز الزوج، وأن نشوز الزوجة يعالج بمراتبٍ أربع: مرتبة الوعظ، ثم مرتبة الهجر، ثم مرتبة الضرب، وذكرنا شروط ضرب التأديب، ثم مرتبة بعث الحكمين والمشهور من المذهب: أن هناك مرتبة قبل بعث الحكمين، وهي: نصب المشرف، وذكرنا أن نصب المشرف لا دليل عليه، والصواب أنه يصار إلى بعث الحكمين.

    وأما بالنسبة لنشوز الزوج فقد بينه الله عز وجل بقوله: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128] ، ثم شرعنا في باب الخلع، وذكرنا أنه يصح من الزوجة بالاتفاق، وأما بالنسبة للأجنبي فهو موضع خلاف، وذكرنا أيضًا أن الصواب أن بذل العوض في الخلع من الأجنبي صحيح، وأنه إذا بذل العوض فإن هذا لا يخلو من أحوال، وتكلمنا على هذه الأحوال.

    ثم قال رحمه الله: (فإن عضلها ظلمًا للافتداء ولم يكن لزناها أو نشوزها أو تركها فرضًا ففعلت) إلى أن قال: (لم يصح).

    العضل في اللغة: المنع، وأما في الاصطلاح: فهو منع الزوجة من حقوقها والتضييق عليها في ذلك، وحكم هذا العضل إن كان ظلمًا فإنه محرم ولا يجوز؛ لقول الله عز وجل: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19] فالله سبحانه وتعالى نهى عن العضل، فدل ذلك على أنه محرم، ولما في ذلك من منع الواجب وهو حق الزوجة، فإذا كان ظلمًا فإن هذا العضل محرم ولا يجوز.

    فإذا عضل الزوج زوجته ومنعها حقها لأجل أن تختلع وترد إليه ما دفعه من مهر، فإن هذا لا يخلو من أمرين:

    الأمر الأول: أن يكون ذلك ظلمًا بغير حق؛ وإنما لكي ترد عليه ما دفع إليها من مهر، فهذا -كما سلف- محرم ولا يجوز وذكرنا دليل التحريم، والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى: أن الخلع لا يصح، وهذا أيضًا مذهب الشافعية؛ لما تقدم من قول الله عز وجل: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19] فالعضل محرم، وإذا كان محرمًا فإن النهي يقتضي الفساد، فالخلع لا يصح، ويجب عليه أن يرد المال الذي أخذ منها.

    والرأي الثاني وهو رأي الحنفية والمالكية: أن الخلع صحيح، لكن لا يجوز له أن يأخذ المال، وإنما قالوا بصحة الخلع لقول الله عز وجل: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا [البقرة:231].

    والذي يظهر -والله أعلم- أن الخلع لا يصح، ويجب عليه أن يرد المال الذي أخذ من المرأة، ولا يجوز له أن يضيق عليها، بل يجب عليه أن يعاشرها بالمعروف، فإن كرهها لا يعضلها لكي تفتدي منه، وقد جعل الله عز وجل له مخرجًا وهو الطلاق.

    ولو قيل بصحة الخلع ما دام أن هناك مضارة من قبل الزوج، كما قال الحنفية، فهذا أيضًا له وجه، يعني: أن يعامل بالأضيق، فيقال: الخلع صحيح وقد بانت منك الزوجة بينونة صغرى، ويحرم عليك أن تأخذ هذا المال؛ لأنك أخذته بغير حق. وهذا القسم الأول: وهو أن يكون العضل ظلماً بغير حق.

    الأمر الثاني: أن يكون العضل بحق، كما لو نشزت المرأة، أو تركت عفةً، أو فرضًا من فرائض الإسلام فعضلها لكي تفتدي، فهذا العضل بحق، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وهو قول الحنفية، ودليل ذلك الاستثناء قول الله عز وجل: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19].

    والرأي الثاني: أن الخلع لا يصح ولا يحل له ما أخذ، وهذا رأي الشافعية.

    والصواب في هذه المسألة: هو ما ذهب إليه الحنابلة والحنفية، وأن العضل صحيح، ويحل له ما أخذ من المال.

    فقول المؤلف رحمه الله: فإن عضلها ظلمًا للافتداء ولم يكن لزناها أو نشوزها، أي أنه إذا كان العضل بحق، كما لو تركت العفة، أو نشزت أو تركت واجبًا من فرائض الإسلام فهذا عضل بحق، والخلع صحيح، ويحل له ما أخذ.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531883

    عدد مرات الحفظ

    777167308