إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الطلاق [3]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يعتبر الطلاق في الحيض محرماً من الناحية التكليفية، وغير واقع على الراجح من الناحية الوضعية، خلافاً للجمهور، وطلاق النفساء يعتبر طلاق سنة لأنها تشرع في العدة بخلاف الحائض، وأما من لا سنة ولا بدعة في طلاقها فهن: الصغيرة والآيسة وغير المدخول بها، ومن بان حمل
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن طلق من دخل بها في حيض أو طهر وطئ فيه فبدعة يقع، وتسن رجعتها.

    ولا سنة ولا بدعة لصغيرة وآيسة وغير مدخول بها ومن بان حملها.

    وصريحه لفظ الطلاق وما تصرف منه غير أمر ومضارع، ومطلقة اسم فاعل فيقع به، وإن لم ينوه جاد أو هازل، فإن نوى بطالق من وثاق أو في نكاح سابق منه، أو من غيره أو أراد طاهراً فغلط لم يقبل حكماً، ولو سئل: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، وقع، أو: ألك امرأة؟ فقال: لا، وأراد الكذب فلا.

    فصل: وكنايات الظاهرة نحو: أنت خلية وبرية وبائن وبتة وبتلة وأنت حرة وأنت الحرج، والخفية نحو: اخرجي، واذهبي، وذوقي، وتجرعي، واعتدي، واستبرئي، واعتزلي، ولست لي بامرأة، والحقي بأهلك، وما أشبهه، ولا يقع بكناية ولو ظاهرة طلاق إلا بنية مقارنة للفظ إلا في حال خصومة وغضب وجواب سؤالها، فلو لم يرده أو أراد غيره في هذه الأحوال لم يقبل حكماً، ويقع مع النية الظاهرة ثلاث وإن نوى واحدة، وبالخفية ما نواه].

    تقدم لنا جملة من أحكام الطلاق، ومن ذلك أنه يشترط في المطلق أن يكون مختاراً، وعلى هذا إذا كان مكرهاً فإن الطلاق لا يقع، وذكرنا أن الإكراه ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون بحق، فهذا يقع طلاقه، والقسم الثاني: أن يكون بغير حق، فهذا لا يقع طلاقه.

    وتقدم لنا أيضاً ما يتعلق بشروط الإكراه، ومما يدخل في الإكراه طلاق الغضبان، هل يقع طلاق الغضبان أو لا يقع؟ وذكرنا أن هذه المسألة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وبينا حكم كل قسم.

    وتقدم لنا ما يتعلق بطلاق الموسوس، وطلاق المسحور.

    ثم شرعنا بعد ذلك فيما يتعلق بطلاق السنة وطلاق البدعة، وأن طلاق السنة ما جمع أربع صفات:

    الصفة الأولى: أن يطلقها طلقة واحدة.

    والصفة الثانية: أن يكون في طهر.

    والصفة الثالثة: ألا يكون قد جامع في هذا الطهر.

    والصفة الرابعة: أن يتركها حتى تنقضي عدتها، بحيث لا يتبعها طلقة في أثناء العدة.

    وشرعنا في الصفة الأولى وهي أن يطلقها طلقة واحدة، وذكرنا أنه إذا طلقها أكثر من طلقة فإما أن يطلقها ثلاثاً، وإما أن يطلقها اثنتين، وبينا الحكم التكليفي لطلاق الثلاث، وطلاق الاثنتين، وأن الصواب أنه محرم ولا يجوز، فلا يجوز للزوج أن يطلق زوجته ثلاث طلقات، ولا يجوز له أن يطلقها طلقتين.

    وأما الحكم الوضعي ففيه ثلاثة آراء: الرأي الأول: وهو رأي جمهور أهل العلم، أن الثلاث تقع، سواء جمعها بلفظ واحد، فقال: أنت طالق ثلاثاً، أو كرر الجملة فقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وبعض العلماء فصل، فقال: إن جمعها فهي طلقة، وإن كرر فهي ثلاث.

    الرأي الثاني: أنها طلقة واحدة.

    والرأي الثالث: رأي ابن حزم أنها لغو، وأنه لا يقع به شيء، وذكرنا أدلة الجمهور، وانتهينا من أدلتهم، وذكرنا أيضاً رأي شيخ الإسلام، وذكرنا من أدلته حديث ابن عباس ، وقول الله عز وجل: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ [البقرة:229]، بمعنى أن يكون دفعة بعد دفعة، بحيث تستقبل في كل طلقة عدة، ومن أدلته قول الله عز وجل: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1]، والطلاق للعدة أن يطلق طلقة تستقبل بها عدة، ولا يطلق طلقة لا تستقبل بها عدة، وعلى هذا إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، وقلنا: بأنه يقع طلقتين، فالطلقة الثانية لم تستقبل بها عدة، استقبلت العدة بالطلقة الأولى، أما الثانية فليس لها عدة.

    ومن الأدلة على ذلك: حديث ركانة رضي الله تعالى عنه أنه طلق امرأته ثلاثاً، فحزن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( واحدة )، لكن هذا الحديث مضطرب، لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    ومن الأدلة على ذلك: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، أي: فعمله مردود عليه، ولا شك أن طلاق الثلاث عمل ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيكون مردوداً.

    بقي كلام ابن حزم رحمه الله، حيث يقول بأنه لغو، وغير معتبر، ودليله على ذلك أن هذا عمل ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، يعني أن عمله مردود عليه، وهذا الكلام الذي ذكره ابن حزم صحيح، لكن لا نقول بأنه مردود جملة، نقول: الذي ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم هو المردود، أما الذي عليه أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فليس مردوداً، فهذا الرجل قال: أنت طالق، فقوله: أنت طالق، هذا عمل عليه أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقع ثم قال الثانية: أنت طالق، فهذه ليس عليها أمر الله ولا أمر رسوله، فلا تقع.

    وإذا قال: أنت طالق ثلاثاً، فقوله: أنت طالق، هذا عليه أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وقوله: ثلاثاً، هذا ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، والأصل في كلام المكلف إعماله لا إهماله، فكوننا نهمله بالكلية هذا فيه نظر، فالصواب في هذه المسألة هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو قول لبعض الحنفية وبعض المالكية وبعض الحنابلة، أن الطلاق الثلاث يكون واحدة، لكن كما جاء في حديث ابن عباس إذا رأى القاضي أو الإمام أن يمضيه من باب التعزير، وأن المصلحة تقتضي ذلك، فإنه يمضيه، هذه الصفة الأولى من صفات طلاق السنة، وهي: أن يطلقها طلقة واحدة.

    الصفة الثانية: أن يطلقها في طهر، فإذا طلقها في غير طهر فإن هذا لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن يطلقها في حال الحيض، الأمر الثاني: أن يطلقها في النفاس. ‏

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088521189

    عدد مرات الحفظ

    777098038