إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب اللعان [2]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من القواعد الفقهية التي أثبتها الفقهاء: أن كل من صح قذفها صح لعانها، وكل من لم يصح قذفها لم يصح لعانها؛ فلو كانت الزوجة صغيرة لا توطأ أو مجنونة فإنه لا يثبت قذف ولا لعان، كما أن اللعان إذا وقع فإنه يترتب عليه فرقة أبدية بين الزوجين

    أن يقذف الزوج زوجته بالزنا لفظاً

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن شرطه قذفها بالزنا لفظاً، كزنيتِ أو يا زانية، أو رأيتك تزنين في قبل أو دبر، فإن قال: وطئت بشبهة أو مكرهةً أو نائمة، أو قال: لم تزن ولكن ليس هذا الولد مني، فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه ولا لعان، ومن شرطه: أن تكذبه الزوجة، وإذا تم سقط عنه الحد والتعزير، وتثبت الفرقة بينهما بتحريم مؤبد.

    فصل: فيما يلحق من النسب.

    من ولدت زوجته من أمكن أنه منه لحقه، بأن تلده بعد نصف سنة منذ أمكن وطؤه، أو دون أربع سنين منذ أبانها، وهو ممن يولد لمثله كابن عشر، ولا يحكم ببلوغه إن شك فيه، ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه فولدت لنصف سنة فأزيد لحقه ولدها، إلا أن يدعي الاستبراء ويحلف عليه، وإن قال: وطأتها دون الفرج أو فيه ولم أنزل أو عزلت لحقه، وإن أعتقها أو باعها بعد اعترافه بوطئها فأتت بولد لدون نصف سنة لحقه، والبيع باطل].

    تقدم الكلام عن اللعان، فذكرنا تعريفه في اللغة والاصطلاح، وذكرنا شروط صحته، وما يتعلق بكيفيته، وذكرنا أن من شرط صحته: أن يكون بين زوجين مكلفين، وذكرنا أيضاً هل يشترط أن يقذفها بالزنا لكل لعان، أو أن هذا ليس شرطاً؟ وهل يشترط الإسلام أو أن الإسلام ليس شرطاً؟ وذكرنا أيضاً ما يتعلق بتوالي الكلمات، وما يتعلق بالجمل الخمس، وأنه لا بد أن يأتي بها، وذكرنا أيضاً أنه يشترط أن يبدأ الزوج باللعان.. إلى آخر ما تقدم من الأحكام.

    قال رحمه الله: (ومن شرطه قذفها بالزنا لفظاً كزنيت، أو يا زانية، أو رأيتك تزنين في قبل أو دبر).

    تقدم الكلام على هذا، وذكرنا هل يشترط تقدم الرمي بالزنا؟ وأنه تارةً لا بد منه في اللعان، وتارةً لا يشترط، قد يكون اللعان بلا تقدم رمي بالزنا، كما لو احتاج إلى أن ينفي الولد فإنه يلاعن على نفي الولد، ولا حرج إلى أن يتقدم رميها بالزنا.

    قال رحمه الله: (فإن قال: وطئت بشبهة أو مكرهةً أو نائمة، أو قال: لم تزن ولكن ليس هذا الولد مني، فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه ولا لعان).

    إذا قال الزوج: وطئت بشبهة فإنه لا لعان؛ لأن من شرط صحة اللعان أن يقذفها بالزنا كما تقدم، وهنا لم يقذفها بالزنا، كذلك أيضاً لو قال: وطئت مكرهةً.. إلى آخره، فهذا ليس قذفاً بالزنا، ومن شرط اللعان أن يقذفها بالزنا.

    كذلك لو قال: لم تزن، ولكن هذا الولد ليس مني، أيضاً هذا ليس قذفاً، وحينئذ ليس هنا لعان، فقوله: هذا الولد ليس مني يحتمل أن يكون من وطء شبهة فلا لعان.

    قوله: (فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه).

    إذا قال: هذا الولد ليس مني، وهي لم تزن، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: أما اللعان فإنه لا لعان لعدم القذف، لكن بقينا بالنسبة للولد، هل يلحقه نسبه، أو نقول: بأن نسبه لا يلحقه؟

    قال رحمه الله: إن شهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه، وعندنا أصل؛ أن الولد للفراش، وللعاهر الحجر، وأنه لا يقبل من الزوج أن ينتفي من الولد؛ لأن الأصل أن الولد للفراش، حتى ولو اختلف لون الولد عن لون الأب، فإنه لا يقبل أن ينفيه؛ لأن عندنا أصلاً وهو أن الولد للفراش.

    ويدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم. قال: أنى لها ذلك؟ قال: يا رسول الله! لعله نزعه عرق)، يعني: أتى من أب بعيد، فقال: (ابنك هذا لعله نزعه عرق)، يعني: جذبه عرق من عرق أب من آبائه، فالأصل أن الولد للفراش، وأنه لا يجوز للأب أن ينتفي من ولده، وسيأتينا إن شاء الله متى ينتفي من الولد، ومتى لا ينتفي من الولد.

    أن تكذِّب الزوجة زوجها في قذفه لها

    قال رحمه الله: (ومن شرطه: أن تكذبه الزوجة).

    من شرط اللعان: أن تكذبه الزوجة، يعني: إذا قذفها بالزنا يشترط لوجود اللعان أن تكذبه الزوجة، فلو أن الزوجة لم تكذبه قالت: هو صادق، هل هناك لعان أو ليس هناك لعان؟ لا لعان.

    لكن هل تحد أو لا تحد؟ يقولون: لا تحد، لماذا؟ لأنه يشترط في الإقرار بالزنا أن تقر أربع مرات، فإذا كذبته الزوجة قالت: كاذب، هنا ترتب عليه العذاب، لا بد أن يلاعن لكي يسقط الحد، فإن صدقته المرأة قالت: هو صادق، هنا لا حد عليه، لكن هل هناك لعان أو ليس هناك لعان؟ نقول: لا لعان، لأنها كذبت، وهل يحد؟ يقولون: بأنه لا يحد؛ لأنها لم تقر أربع مرات، والزنا على المشهور من المذهب يشترط فيه أن تقر أربع مرات.

    والصواب في هذه المسألة: أن المرأة إن كذبته كما سلف فهنا يلاعن، وإن قالت: صادق فيما رماني به من الزنا، فالصواب أنها تحد؛ لأنه سيأتينا إن شاء الله أن الزنا لا يشترط في الإقرار به أن يكون أربع مرات، وأن الصواب في ذلك أنه يكتفى بمرة واحدة، ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين من قصة العسيف، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فاعترفت فرجمها)، ولأن الله سبحانه وتعالى قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ [النساء:135]، فهذا الرجل قام بالقسط والعدل وشهد على نفسه فترتب عليه العذاب، وكذلك المرأة إذا قامت بالقسط وشهدت على نفسها ترتب عليها العذاب، فالصواب أنها إن صدقته تحد، وإن كذبته يلاعن.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088486856

    عدد مرات الحفظ

    776962450