إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب العدد [3]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إذا تزوجت زوجة الغائب ثم عاد زوجها الأول فهو بالخيار بين أن يسترد زوجته أو ما دفعه من صداق، وعدة المتوفى عنها زوجها والمطلقة تبدأ من وقت الموت والطلاق لا من وقت علمها كما هو مذهب بعض السلف، وتعتد الموطوءة بشبهة أو بنكاح فاسد أو المفسوخة أو الموطوءة بزنا ع
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا يطأ قبل فراغ عدة الثاني، وله تركها معه من غير تجديد عقد، ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني، ويرجع الثاني عليها بما أخذه منه.

    فصل:

    في بيان حكم العدة من الغائب، والموطوءة بشبهة، أو زناً، أو عقد فاسد، أو في العدة، ومن مات زوجها الغائب، أو طلقها اعتدت منذ الفرقة، وإن لم تحد، وعدة موطوءة بشبهة، أو زنا، أو بعقد فاسد كمطلقة، وإن وطئت معتدة بشبهة، أو نكاح فاسد، فرق بينهما، وأتمت عدة الأول، ولا يحتسب منها مقامها عند الثاني، ثم اعتدت للثاني، وتحل له بعقد بعد انقطاع العدتين، وإن تزوجت في عدتها لم تنقطع حتى يدخل بها، فإذا فارقها بنت على عدتها من الأول، ثم استأنفت العدة من الثاني، وإن أتت بولد من أحدهما انقضت منه عدتها به، ثم اعتدت للآخر، ومن وطء معتدته البائنة بشبهة استأنفت العدة بوطئه ودخلت فيها بقية الأولى، وإن نكح من أبانها في عدتها، ثم طلقها قبل الدخول بنت.

    فصل: يلزم الإحداد مدة العدة كل متوفى زوجها عنها في نكاح صحيح).

    فتقدم لنا عدة ذات الأقراء، وما المراد بالأقراء؟ وقلنا: بأن المفارقة في حال حياة إذا كانت ذات أقراء، فإنها تتربص أو تعتد بثلاثة قروء؛ لقول الله عز وجل: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228].

    واختلف العلماء رحمهم الله تعالى: في تفسير القرء، هل هو الحيض أو الطهر؟ وأن مذهب أبي حنيفة وأحمد أنه الحيض، ومذهب مالك والشافعي أنه الطهر، وذكرنا دليل كل قول، وما يترتب على هذا الخلاف من ثمرة.

    كذلك أيضاً ذكرنا عدة من لم تحض إما لكبر، أو لصغر، وأن عدتها ثلاثة أشهر لقول الله عز وجل: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4]، أي: عدتهن ثلاثة أشهر.

    كذلك أيضاً تقدم لنا عدة من ارتفع حيضها، وذكرنا أنها لا تخلو من أمرين:

    الأمر الأول: أن تجهل سبب رفعه.

    والأمر الثاني: أن تعلم سبب رفعه، وذكرنا عدة كل واحدة.

    وأيضاً ذكرنا فيما تقدم أن المرأة إذا ارتفع حيضها وعلمت أنه لن يعود، فإن عدتها عدة الآيسة.

    كذلك أيضاً تقدم لنا ما يتعلق بعدة امرأة المفقود، وأن امرأة المفقود تتربص، ولا يخلو هذا التربص من حالتين:

    الحالة الأولى: أن يكون غالب فقده الهلاك، فإنها تتربص أربع سنوات لورود ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه كما لو فقد في سفينة غرقت، أو بين الصفين.

    القسم الثاني: أن يكون غالب فقده السلامة كما لو خرج من بين أهله ولم يرجع، فهنا تتربص إلى أن يبلغ التسعين سنة منذ ولد، ثم بعد ذلك تعتد في الحالتين: عدة الوفاة، وهذا هو المشهور من مذهب أحمد رحمه الله، ذكرنا أن الشافعي رحمه الله: يرى أن التربص يرجع إلى اجتهاد الحاكم القاضي، وأن هذا يختلف باختلاف الزمان والمكان، وعلى هذا إذا اجتهد القاضي، وضرب مدة للتربص، فإنها تتربص، قد يضرب سنة، قد يضرب سنتين، قد يضرب أقل من ذلك، أو أكثر حسب الأحوال، واختلاف المكان والزمان، ثم بعد مدة التربص تعتد عدة الوفاة، فإذا اعتدت عدة الوفاة فلها أن تتزوج، فإذا تزوجت، ثم قدم زوجها الأول، فما الحكم فيما يتعلق بهذه الزوجة؟ وما الحكم فيما يتعلق بالصداق؟

    تقدم أن ذكرنا أن المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه إذا قدم الزوج الأول، فإن هذا لا يخلو من أمرين:

    الأمر الأول: أن يكون ذلك قبل الوطء، يعني: قبل أن يدخل بها، فهنا تكون زوجة للأول بلا خيار.

    والأمر الثاني: أن يكون قدومه بعد دخوله بها أي: بعد الوطء، فحينئذ يكون مخيراً بين أن يأخذ زوجته، وبين أن يأخذ الصداق الذي أعطاها.

    وذكرنا الرأي الثاني في هذه المسألة: أنه مخير -مطلقا- سواء كان قدومه قبل وطء الثاني، أو بعد وطء الثاني، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو ظاهر ما ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

    قال المؤلف: (وإن تزوجت فقدم الأول قبل وطء الثاني، فهي للأول، وبعده له أخذها زوجة بالعقد الأول ولو لم يطلق الثاني).

    إذا كان قدومه بعد أن وطئ الثاني، فكما تقدم أنه مخير بين أن يأخذها، وله أن يتركها للثاني.

    ولو أن الزوج الأول اختار زوجته، وقال: أريد زوجتي، فهل يحتاج إلى أن يطلق الثاني؛ لأن الثاني قد عقد عليها، وهل يحتاج إلى أن نعقد له مرة أخرى عقداً جديداً، أو نقول: بأن هذا لا حاجة إليه؟

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولو لم يطلق الثاني).

    بمعنى: أننا لسنا بحاجة إلى أن نقول للثاني طلقها وكذلك أيضاً لسنا بحاجة إلى أن نعقد للأول عقداً جديداً على زوجته، وهذا هو ظاهر ما ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

    وهذا الذي ذهب إليه المؤلف هو الصواب في هذه المسألة.

    وقال بعض العلماء: إذا قلنا بأن الثاني يطلق، فإننا نحتاج أن نجدد عقداً للأول.

    قال المؤلف رحمه الله: (ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني ويرجع الثاني، عليها بما أخذه منه).

    لو أن الزوج الأول قال: لا أريد هذه المرأة، وأريد الصداق، فمن أين يأخذ الصداق؟ يقول المؤلف رحمه الله تعالى: نقول له: خذ المهر الذي أعطيته هذه المرأة من الزوج الثاني؛ لأن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

    قال: (ويرجع الثاني عليها بما أخذه منه).

    الزوج الأول يرجع على الزوج الثاني، ويأخذ منه قدر الصداق الذي أعطاه لهذه المرأة، والزوج الثاني إذا دفع الصداق إلى الزوج الأول، فإنه يرجع على الزوجة بقدر ما دفعه من الصداق إلى الزوج الأول، وهذا هو المشهور من المذهب، وعللوا ذلك وقالوا: يرجع الزوج الثاني عليها؛ لأنها غرامة لزمته بسببها، أي: بسبب وطئه لها، فيرجع عليها الزوج الثاني بما أعطى الزوج الأول من المهر.

    والرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى: أنه لا يرجع عليها، وهذا القول هو الصواب:

    أولاً: لأن هذا هو الظاهر عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

    وثانياً: لأن الزوج الثاني دخل على بصيرة، وأن هذه المرأة هي امرأة مفقود، وامرأة المفقود ربما يرجع زوجها في يوم من الأيام، فيحتمل أن يقال: إذا حصل غش وتدليس، ولم يعلم أنها امرأة مفقود نقول: حينئذ يرجع عليها بما غرمه للزوج الأول، فأصبح عندنا التفصيل في هذه المسألة: إن دخل الزوج الثاني على أنها امرأة مفقود فقد دخل على بصيرة، وليس له أن يرجع عليها فيما غرمه للزوج الأول، وإن غش ولم يعلم أنها امرأة مفقود فله أن يرجع عليها بحصول الضرر له.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088518931

    عدد مرات الحفظ

    777082884