إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [3]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يعمد كثير من المسلمين إلى إلزام أنفسهم بأشياء لم يلزمهم بها الشرع؛ كالنذور، سواء كانت تلك النذور نذور ترك أو فعل، ونتيجة إغراقهم في هذا الجانب فقد كثر سؤالهم عن مسائله وإشكالاته، ومن المسائل المهمة في هذا الباب بيان صور النذر المنعقدة وصوره غير المنعقدة،
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب النذر.

    لا يصح إلا من بالغ عاقل ولو كافراً، والصحيح منه خمسة أقسام:

    المطلق، مثل أن يقول: لله عليَّ نذر ولم يسمِّ شيئاً، فيلزمه كفارة يمين.

    الثاني: نذر اللجاج والغضب، وهو تعليق نذر بشرط يقصد المنع منه، أو الحمل عليه، أو التصديق، أو التطبيق، فيخير بين فعله وبين كفارة يمين.

    الثالث: نذر مباح، كلبس ثوبه، وركوب دابته، فحكمه كالثاني، وإن نذر مكروهاً من طلاق أو غيره استحب أن يكفر ولا يفعله.

    الرابع: نذر المعصية، كشرب خمر، وصوم يوم الحيض، والنحر، فلا يجوز الوفاء به ويكفر.

    الخامس: نذر التبرر مطلقاً أو معلقاً، كفعل الصلاة والصيام والحج ونحوه، كقوله: إن شفى الله مريضي أو سلم مالي الغائب، فلله عليَّ كذا، فوجد الشرط لزمه الوفاء به، إلا إذا نذر صدقة بماله كله، أو بمسمى منه يزيد على ثلث الكل، فإنه يجزيه قدر الثلث، وفيما عداه يلزمه المسمى، ومن نذر صوم شهر لزمه التتابع، وإن نذر أياماً معدودة لم يلزمه إلا بشرط أو نية].

    تقدم لنا بقية أحكام الأيمان، وذكرنا من ذلك ما يتعلق بجامع الأيمان، وإلى أي شيء ترجع اليمين، وذكرنا أن هذا ينقسم إلى مراتب:

    المرتبة الأولى: الرجوع إلى نية الحالف إذا احتملها اللفظ، والمرتبة الثانية: الرجوع إلى سبب اليمين وما هيجها، والمرتبة الثالثة: الرجوع إلى التعيين، والمرتبة الرابعة: الرجوع إلى دلالة الاسم، وتقدم لنا أن الدلالات تنقسم إلى ثلاثة أقسام: دلالة شرعية، ودلالة لغوية، ودلالة عرفية.

    تقدم الكلام على هذه المسألة، وذكرنا ضوابطها.

    تعريف النذر ومشروعيته

    قال رحمه الله: (باب النذر).

    النذر في اللغة: الإيجاب، يقال: نذر دم فلان، أي: أوجب قتله.

    وأما في الاصطلاح فإنه إيجاب مكلف مختار نفسه لله تعالى شيئاً غير محال بكل ما يدل عليه. أو نقول: إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى شيئاً غير محال بكل ما يدل عليه.

    والأصل في النذر: القرآن، والسنة، والإجماع، أما القرآن فقول الله عز وجل: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [الإنسان:7] ، وأما السنة فحديث عائشة في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، وسيأتينا كثير من الأحاديث، والإجماع في الجملة على أحكامه.

    حكم النذر

    النذر خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى، والخلاصة في حكمه أن نقول: بأن النذر ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: النذر المعلق الذي يعلقه على النجاة من كربة، أو الفوز بمنحة، أو تحصيل منحة، فهذا مكروه، بل ذهب بعض أهل العلم إلى أنه محرم، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كأن يقول: إن شافاني الله من هذا المرض لله عليّ أن أصوم شهراً، أو إن نجحت في الامتحان فلله عليّ أن أتصدق بألف ريال، هذا حكم النذر المعلق، أي: نذر الطاعة المعلق على تحصيل منحة، أو النجاة من محنة، فهذا أقل أحواله الكراهة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وأخبر أنه (إنما يستخرج به من البخيل)، ولأن هذا الناذر كأنه يسيء الظن بالله عز وجل، وأن الله سبحانه وتعالى لا يفرج كربته ولا يزيل عسرته ولا يهبه ما يريد إلا إذا شرط له شرطاً، هذا فيه نوع سوء ظن، ولأن الإنسان يلزم نفسه بما جعل الله عز وجل في سعة منه.

    ولهذا كثير من الذين ينذرون الآن يتحرجون، ويقعون في المآزق، ويتلمسون المخارج، يعني امرأة نذرت أن تصوم سبع سنوات، وأخرى نذرت أن تصوم سنتين إن شفى الله أختها، والثالثة نذرت أن تصوم طول العمر، كيف تصوم طول العمر، تريد مخرجاً، (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، هذا صيام الدهر، يعني يجب أن توفي بالنذر، وهي الآن تريد مخرجاً.

    القسم الثاني: النذر المطلق، كأن يقول: لله عليّ أن أصوم لله يوماً دون أن يكون معلقاً على تحصيل منحة أو النجاة من محنة، لله عليّ أن أصوم يوماً، أو أن أتصدق بمائة، أو أن أصلي كذا وكذا، فهذا موضع خلاف، قيل: بالكراهة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقيل: بأنه مستحب؛ لأن الله سبحانه وتعالى أثنى على الموفين بالنذر، فقال سبحانه وتعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7].

    وعلى كل حال هو أهون من القسم الأول، يعني القسم الأول لا إشكال في كراهته، لكن هذا أهون، والأحوط للمسلم أن لا ينذر، يعني لا يلزم نفسه بشيء جعلها الله سبحانه وتعالى في سعة منه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088543663

    عدد مرات الحفظ

    777231736