إسلام ويب

أسباب السعادة والفلاحللشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تضمنت الشريعة السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، ورتبت لذلك أسباباً منها: الطهارة الحسية والمعنوية، ممثلة في الوضوء والغسل والتوبة، والتي تذهب أدران العبد وتذره نقياً، ثم الاشتغال بذكر الله من تسبيح وتحميد وتهليل ونحوها. والصلاة التي تضيء للعبد وتنور طريق
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    عباد الله! لقد تضمنت سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أسباب الفلاح، وطرق الخير والبركات، لقد تضمنت أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، وفي خطبتنا هذه سنتعرض لشيء من أسباب السعادة وأبواب الفلاح التي حث عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

    أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو حجة عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).

    هذا الحديث الشريف أيها الأحبة! سبب للفلاح والسعادة والنجاح لمن أخذ به وعض عليه وعمل به، يقول النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً السبب الأول من أسباب السعادة في هذه الدنيا وفي الآخرة: (الطهور شطر الإيمان)، الطهارة في فضلها وأجرها عند الله عز وجل تعدل نصف الإيمان، ولنعلم أيها المسلمون! أن الطهارة طهارتان: طهارة معنوية، وطهارة حسية.

    الطهارة المعنوية

    أما الطهارة المعنوية: فأن يطهر العبد قلبه من أدران الشرك والبدع، فلا يعبد إلا الله عز وجل، ولا يدعو إلا الله، ولا يذبح إلا لله، ولا يتوكل إلا على الله عز وجل، ولا ينذر ولا يستغيث ولا يعبد عبادة الرغبة والرهبة والمحبة والخوف إلا لله عز وجل، ولا يحلف إلا بالله عز وجل، ولا يأتي السحرة والكهنة.

    لا بد عباد الله! من تطهير القلب بهذه الطهارة المعنوية؛ بالتوحيد الخالص، والعقيدة الصافية، وبهذا نعلم أن أولئك الذين يدنسون عقائدهم، ويخلطون في توحيدهم أنهم لم يتطهروا هذه الطهارة المعنوية، أولئك الذين يذهبون إلى القبور والأضرحة ويستغيثون بها من دون الله عز وجل، أولئك الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه؛ كإحداث الأعياد المحدثة، أولئك الذين يأتون السحرة والكهنة، أولئك الذين يحلفون بغير الله عز وجل، كل هؤلاء لم يتطهروا الطهارة المعنوية.

    كذلك أيضاً من الطهارة المعنوية عباد الله! أن نطهر قلوبنا من أراذل الأخلاق، وأن نحليها بمحاسن الأخلاق: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].

    علينا أن نطهر قلوبنا من الغل والحسد، والحقد والضغائن والتدابر والتباغض، ومن إخلاف المواعيد والعهود، وعدم توفية الناس حقوقهم، ومن الكذب وغير ذلك.

    وعلينا أن نحلي ونطهر قلوبنا بالصدق والعفاف والأمانة والحلم والرفق والصلة وبر الوالدين وغير ذلك، (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم الذي لا يفتر، ودرجة الصائم الذي لا يفطر).

    الطهارة الحسية

    أما النوع الثاني من نوعي الطهارة: فهي الطهارة الحسية، هذا الوضوء الذي نتوضؤه، والغسل الذي نغتسله، له فضل عظيم وأجر كبير عند الله عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إن العبد إذا توضأ فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرج من رجليه كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فخرج نقياً من الذنوب).

    وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء)، وفي الصحيحين: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء)، والغرة: هي البياض الذي يكون في وجه الفرس، والتحجيل: هو البياض الذي يكون في قوائمه، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم النور الذي يكون للمتوضئ يوم القيامة ببياض وجه الفرس وقوائمه.

    حري بنا وجدير أن نفرح بهذا الوضوء الذي تحصل به الطهارتان؛ الطهارة المعنوية من الذنوب والآثام، والطهارة الحسية، ولا بد من إسباغ الوضوء بالمضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين.

    إن هذا عباد اللهَ! أسلوب من أساليب تربية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أسلوب الترغيب، وذكر الفضل العظيم والأجر الكبير على العمل اليسير.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088540969

    عدد مرات الحفظ

    777219675