للصدق مكانة عظيمة في الإسلام وله آثار نافعة على المجتمع المسلم، وبه قوام الحياة وصلاح الحال، وله آثاره العظيمة النافعة على الفرد أيضاً، وقد ضرب السلف الصالح أروع الأمثلة في تحريه واجتناب الكذب على اختلاف مراتبه، والتي يعد الكذب على الله أقبحها، والكذب في
العلماء الذين ورثوا الأنبياء في رسالاتهم، وفي تبليغ الدين الذي جعله الله تعالى أمانة في أعناقهم، يجب أن يكونوا القدوة الصالحة في تحريهم للصدق في أقوالهم وأفعالهم، وأن يعملوا بما يحملونه من العلم وينقلونه من الدين
وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ 
[آل عمران:79].
والتاجر الذي يعرض السلعة يؤمل فيها الربح المبارك يجب عليه أن يتحرى الصدق في قوله وعمله، فلا يروج سلعته بالكذب والأيمان الفاجرة؛ فإن ذلك يمحق الله به الكسب، ويذهب به بركة الربح.
والمحترف والصانع في أي مجال للصناعة يجب أن يتحرى الصدق في قوله وعمله، فلا يزعم زعماً لا يصدقه الواقع وتكذبه الحقيقة.
والموظف المؤتمن على مصالح المجتمع مهما ارتفعت وظيفته واتسع نفوذه وتشعبت مسؤولياته، يجب عليه أن يتحرى الصدق فيما يكتبه ويقرره، فلا يقرر غير الواقع، ولا يلبس أو يحابي أو يجامل أحداً على حساب أحد، وإلا كان غاشاً لأمانته، مضيعاً لمصالح العباد وشؤونهم، وتعظم مسؤولياته أمام الله عز وجل وجل، ويؤاخذ على ظلمه للعباد، وتقريره خلاف الواقع (ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته).
وكذلك من يحترف الصحافة أو يتصدى لإشاعة الأخبار بأي وسيلة من الوسائل، يجب عليه أن يتحرى الصدق فيما ينقله ويروجه، فلا ينقل كذباً ولا ينشر باطلاً، فإن الكذب حين يذاع، والباطل حين ينشر، يعظم بين الناس خطره، ويتفاقم ضرره، ولذلك ضاعف الله عقاب من ينشر الكذب ويقوله حتى ينتشر بين الناس، ففي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديثه الطويل: (رأيت الليلة رجلين أتياني قالا: الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة).
فالصدق بالإضافة إلى أنه أثر للصلاح وعامل للفلاح، هو ضياء للساري في خضم هذه الحياة، يهديه للتي هي أقوم، حتى يكتب من الصديقين، ومن زمرة البررة الصالحين.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: والإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما محارب للآخر، فقد أخبر سبحانه أنه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذابه إلا صدقه، قال عز وجل:
هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ
[المائدة:119].