إسلام ويب

الحث على الصدقللشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للصدق مكانة عظيمة في الإسلام وله آثار نافعة على المجتمع المسلم، وبه قوام الحياة وصلاح الحال، وله آثاره العظيمة النافعة على الفرد أيضاً، وقد ضرب السلف الصالح أروع الأمثلة في تحريه واجتناب الكذب على اختلاف مراتبه، والتي يعد الكذب على الله أقبحها، والكذب في
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعد:

    فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    عباد الله! اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، اصدقوا مع الله، واصدقوا مع عباد الله، (فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً).

    لقد سبق لنا في جمع سابقة أن تحدثنا عن جملة من الأخلاق النبوية، ومن هذه الأخلاق خلق الصدق، صدق الحديث، وحفظ الأمانة، وعفة النفس، والقناعة بالمقسوم من صفات المؤمنين، والكذب والخيانة من صفات المنافقين، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة:204]؛ قد اشترى الضلالة بالهدى، والعذاب بالمغفرة، والعاجل بالآجل.

    وبظلمه واقترافه الكذب خرج من المخاطبين بقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].

    إن كثرة الكذب وقلة الصدق آفة إذا استشرت في مجتمع ما أدخلت عليه الشقاء ونكد العيش، فكل خبر يسمع لا يطمأن إلى صدق مخبره حتى يتأكد منه، وكل سؤال يسأل لا يرتاح إلى صدق مجيبه، لا يطمأن في التعامل مع أهله لا في بيعه وشرائه، ولا في غير ذلك.

    فهل يمكن لأحد أن يحيا حياة مثمرة في مثل هذا المجتمع، فضلاً عن أن تكون حياة سعيدة.

    إن تقدم المجتمع وسلامته واطمئنان أفراده، كل ذلك مرهون بشيوع الصدق بين أفراده، وانتشار الثقة بينهم، واضمحلال الكذب في تعاملاتهم، وعباداتهم، وإعلامهم، ومدارسهم، وفي شؤون حياتهم كلها.

    لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدق؛ لأنه مقدمة الأخلاق، والداعي إليها، وهو علامة على رفعة المتصف به، فبالصدق يصل العبد إلى منازل الأبرار، وبه تحصل النجاة من جميع الشرور، كما أن البركة مقرونة بالصدق، ففي حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما).

    ولذا؛ فإنك لا تجد صادقاً في معاملاته إلا وجدت رزقه رغداً قد حاز في ذلك الشرف والسمعة الحسنة، يتسابق الناس إلى معاملته.

    فالصادق يطمئن إلى قوله العدو والصديق، الصادق الأمين مؤتمن على الأموال والحقوق والأسرار، ومتى حصل منه كبوة فصدقه شفيع مقبول، والكاذب لا يؤمن على مثقال ذرة ولو قدر صدقه أحياناً لم يكن لذلك موقع، ألا ترى قول الله عزوجل في إخوة يوسف عندما قالوا عن يوسف: يَاأَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ * وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا [يوسف:81-83]، فصدقهم هذا أبطلهم كذبهم الأول حينما قالوا عن يوسف: فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ [يوسف:17].

    الصدق أيها المسلمون! تبرم به العهود الوثيقة، وتطمئن له القلوب على الحقيقة، فمن صدق في حديثه كان عند الله وعند الناس صادقاً محبوباً، مقرباً موثوقاً، شهادته بر، وحكمه عدل، ومعاملاته صدق.

    ومن صدق في عمله بعد عن الرياء والسمعة، فصلاته وزكاته وصومه وعلمه ودعوته لله وحده لا شريك له، لا يريد بإحسانه غشاً ولا خديعة، ولا يطلب من أحد من الناس جزاء ولا شكوراً، يقول الحق ولو كان مُراً، لا تأخذه في الصدق مع الله لومة لائم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522820

    عدد مرات الحفظ

    777113449