إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 
[آل عمران:102].
عباد الله! شهر رمضان شهر الخيرات والبركات، شهر مواسم الطاعات، لقد تميز شهر رمضان بخيرات كثيرات، ومواسم وشعائر معظمة، فحري بالمسلم وجدير به أن يستفيد منها وأن يستغلها، وأن تتحقق فيه حكمة الصيام،
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
[البقرة:183].
رمضان شهر الدعاء
فرمضان هو شهر الدعاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام
أحمد وصححه
المنذري : (
ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم)، فليحرص المسلم على الدعاء عند الإفطار، فللصائم دعوة عند فطره لا ترد.
وكذلك ليحرص على الاستغفار بالأسحار، قال الله عز وجل:
وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ
[آل عمران:17].
وليتخلق بآداب الدعاء: من حضور القلب، والإلحاح في الدعاء، والبدء بحمد الله والثناء عليه، والختم بالصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والتوسل بالوسائل المشروعة في الدعاء: كالتوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
وهل غاب عن ذهنك أيها المقصر أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً مع التوبة وصدق التوجه، فتذكر ذلك جيداً، وادع الله بالتوبة النصوح، واسأله من خيري الدنيا والآخرة، وارجُ رحمة ربك، وأن تكون من عتقائه من النار.
وإنه لفرق بين من يتصور هذه المعاني عند لحظات الإفطار، وبين من هو غائب شارد لا يقطع حديثه المعتاد إلا سماع الأذان، وربما كان في كلام محرم، فكانت الخسارة أعظم.
فاستفيدوا من الصيام يا معاشر الصوام، وانتبهوا للحظات قبول الدعاء فهي حرية بالاهتمام.
رمضان شهر الذكر
رمضان شهر الصدقة
رمضان شهر تلاوة القرآن
رمضان شهر الصفاء والإخاء
رمضان شهر الصفاء والإخاء، وترك التشاحن والتباغض والتدابر، وقد سبق في حديث
ابن عباس رضي الله عنهما، (
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس)، ومن أعظم الجود: أن تصل من قطعك، وأن تعطي من حرمك، وأن تعفو عمن أساء إليك.
فحري بالأزواج اللذين بينهما شيء من التنافر والتناحر والتقاطع، أو الأقارب أو الجيران، أو الأصدقاء والزملاء، أن يغتنموا بركات هذا الشهر، وأن يعودوا إلى الله عز وجل بالعفو والصفح
أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
[النور:22].
اللهم اجعلنا ممن يصوم هذا الشهر إيماناً واحتساباً، وممن يقومه إيماناً واحتساباً، وممن يستفيد من خيراته وبركاته ودروسه، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
الجماع وإنزال المني
خروج دم الحيض والنفاس
ومن المفطرات: خروج دم الحيض والنفاس، لحديث
عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
أليس إذا حاضت لم تصل أو تصم).
فلو أن المرأة رأت دم الحيض أو النفاس قبل الغروب ولو بلحظة واحدة، فسد عليها صومها، ولو أحست بانتقال الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد الغروب فإن صيامها صحيح.
ولو رأت الدم بعد غروب الشمس ولم تدر هل خرج قبل الغروب أو بعده فإن صيامها صحيح؛ لأن الأصل صحة العبادة.
وإذا استيقظت من نومها فوجدت أنها طاهرة ولم تدر هل طهرت قبل طلوع الفجر أو بعده، فإن صيامها غير صحيح؛ لأن الأصل بقاء دم الحيض.
الأكل والشرب والإبر المغذية
الحجامة
ومن المفطرات: إخراج الدم بالحجامة، لحديث
شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
أفطر الحاجم والمحجوم)، رواه الإمام
أحمد و
أبو داود بإسناد صحيح.
ويلحق بالحجامة التبرع بالدم الكثير، وعلى هذا لا يجوز للمسلم أن يتبرع بالدم إلا عند ضرورة المريض إليه، وأما سحب الدم للتحليل ونحوه فلا يفسد الصوم؛ لأنه لا يقوم مقام الحجامة في إضعاف البدن.
ومما لا يفسد الصوم: بخاخ الربو، أو غاز الأكسجين إذا احتاج المريض إلى ذلك.
وكذلك أيضاً: التحاميل التي تؤخذ عن طريق الدبر، أو عن طريق الفرج، فإنها لا تؤثر على الصوم.
ولا يستخدم الصائم المعجون ولا السواك المعطر؛ لأن هذه الأشياء لها طعم قوي ينفذ إلى المعدة، هذا هو الأولى بالمسلم، وليقتصر على السواك.
ومما يفسد الصوم: القيء وهو إخراج ما في المعدة عمداً، أما إذا ذرعه القيء دون أن يتعمد ذلك فإنه لا يؤثر على الصوم.
ولا يستنشق الصائم دخان البخور؛ لأن له أجزاء تصل إلى المعدة.
أما ما يتعلق بالغسيل الكلوي فإنه مفطر للصيام.
وأما ما يتعلق بحفر السن أو قلعه أو معالجته ونحو ذلك، فإنه لا يؤثر على الصيام ولو خرج منه شيء من الدم، لكن لو تيقن أن شيئاً من أجزاء الدواء ذهب إلى المعدة فإنه يعيد صومه.
ويشترط لهذه المفطرات: أن يكون عالماً، وعلى هذا لو تناول هذا المفطر وهو جاهل أنه مفطر فلا شيء عليه، وكذلك أيضاً لو كان جاهلاً بالحال كما لو كان لا يعلم الوقت، كأن يأكل ويظن أن الفجر لم يطلع، أو يظن أن الشمس قد غربت، فإن صيامه صحيح.
والشرط الثاني: أن يكون ذاكراً، وعلى هذا إذا كان ناسياً فإنما أطعمه الله وسقاه.
والشرط الثالث: أن يكون مختاراً، وعلى هذا إذا كان مكرهاً على هذه المفطرات فإن صيامه صحيح.
أسأل الله سبحانه وتعالى الفقه في دينه، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم عليك باليهود الظالمين، والنصارى الحاقدين، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، واجعل اللهم الدائرة عليهم، واجعلهم غنيمة للمسلمين، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن صحابته أجمعين، وأخص منهم الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدين: أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً ، وعن بقية العشرة المبشرين، وعن بقية صحابة نبيك أجمعين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعلهم محكمين لكتابك، وسنة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم فرج كرب المكروبين، ونفس عسرة المعسرين، واقض الدين عن المدينين، اللهم فك أسر المأسورين، اللهم فك أسرى المسلمين، اللهم ردهم إلى بلادهم وأهليهم سالمين غانمين، يا أرحم الراحمين.
اللهم اشف مرضى المسلمين، اللهم اجعل ما أصابهم كفارة لسيئاتهم، ورفعة لدرجاتهم، برحمتك يا أرحم الراحمين.