إسلام ويب

صور أكل المال الحرامللشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هناك صور كثيرة للكسب المحرم في هذا الزمان، ومن أظهرها الأخذ من بيت مال المسلمين بغير وجه حق، وهذا من الغلول المحرم، ويدخل في ذلك هدايا الموظفين وتحايلهم باسم الانتداب، وكذلك الغياب بلا عذر، وحضور بعض الدوام، ومن المكاسب المحرمة كذلك الربا والرشوة وثمن الم
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    عباد الله! إن من علامات ضعف الإيمان وضعف اليقين باليوم الآخر حب الدنيا وإيثارها على الآخرة، والتعلق بالشبه الواهية في تحصيل المال بأي وجه كان، ولقد تعددت في زماننا هذا أبواب الكسب الحرام، التي وقع فيها الكثيرون، فأهلكوا بذلك أنفسهم وأهليهم، (وكل جسم نبت من سحت فالنار أولى به).

    ووقع آخرون في الشبهات، (ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه).

    عباد الله! ومن المصادر الخبيثة لكسب المال التي تتابع فيها كثير من الناس اليوم الأخذ من بيت مال المسلمين بلا حق، بدعوى أن له فيه حقاً، أو أن ما يتعاطاه من مرتب لا يكفيه، أو غير ذلك من الدعاوى التي لا تغنيه عند الله فتيلاً.

    إن الأخذ من بيت المال يبدأ بأخذ قلم أو ورقة أو محبرة، وينتهي بسرقة ملايين الريالات، بشتى الحيل وطرق التزوير، مما ينطلي على البشر، وينكشف لرب البشر، عالم الغيب والشهادة، الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يدري ذلك الآخذ أن خصمه في هذا الأخذ هم المسلمون جميعاً، فقد أخذ من مالهم بغير حق، بل إن خصمه هو الله الواحد القهار، الذي يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال:58]، ويقول: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161]، والغلول: هو الأخذ من بيت المال بطريق غير مشروع، كالتزوير والكذب والحيل المتنوعة الباطلة، فمن فعل ذلك فهو غال آكل للحرام.

    وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، ثم قال: لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول: يا رسول الله! أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول: يا رسول الله! أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول: يا رسول الله! أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول: يا رسول الله! أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخنقه، فيقول: يا رسول الله! أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت -أي: ذهب وفضة- فيقول: يا رسول الله! أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً، قد أبلغتك).

    هذا حديث عظيم يزلزل القلوب الحية، ويهزها هزاً، فمن سرق شاةً أو بعيراً أو سيارةً أو متاعاً جاء يحمله على رقبته يوم القيامة مفضوحاً بين العباد، إلا أن يتوب إلى الله عز وجل، ويرد ما أخذ إلى بيت المال، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أدوا الخيط والمخيط، وإياكم والغلول، فإنه عار على أهله يوم القيامة)، رواه الإمام أحمد من حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه.

    وفي الصحيحين: (أن رجلاً قتل في غزوة خيبر، فقال الصحابة رضي الله تعالى عنهم: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله، قال: كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة لتلتهب عليه ناراً أخذها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم، ففزع الناس، فجاء رجل بشراك أو شراكين وقال: أخذتهما يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: شراك أو شراكان في النار). وفي حديث عبد الله بن عمر قال: (كان رجل مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو في النار، فذهبوا ينظرون فوجدوا عباءةً قد غلها)، رواه البخاري.

    وعن خالد بن زيد الجهني رضي الله عنه: (أن رجلاً قتل في غزوة خيبر، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه، وقال: إن صاحبكم قد غل، قال: ففتشنا متاعه فوجدنا خرزاً من خرز اليهود لا يساوي درهمين).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088545324

    عدد مرات الحفظ

    777239168